أوراسيا ريفيو: روسيا ومصر.. شراكة سريعة النمو

خلاصة

على الرغم من أن روسيا شنت في السنوات الأخيرة حربًا دبلوماسية علنية ضد الكتلة الغربية، إلا أن عملية معاكسة تمامًا تحدث تتمثل في تعزيز العلاقات الثنائية لروسيا مع عديد من البلدان في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، ومن أهمها مصر، وفق ما يخلص تقرير لمجلة أوراسيا ريفيو.

نشرت مجلة أوراسيا ريفيو تقريرًا للكاتب ماتيجا سيريتش يُسلط الضوء على الشراكة سريعة النمو بين مصر وروسيا. 

ويلفت الكاتب في مستهل تقريره إلى أن مصر ورغم إدانتها في البداية للغزو الروسي لأوكرانيا، مثل عديد من الدول العربية والإسلامية الأخرى، إلا أنها لم تفرض عقوبات على موسكو.

ويرجع ذلك لأن القاهرة تعترف بفائدة التعاون في عديد من القطاعات الاستراتيجية للاقتصاد، مثل الصناعة العسكرية والطاقة والسياحة، وكذلك أيضًا في مجال الدبلوماسية والثقافة. وبالإضافة إلى ذلك، يمثل استيراد الفلزات والمعادن والأدوية الروسية أمرًا مهمًا لمصر.

 لذلك، فإن العقوبات ستؤدي إلى نتائج عكسية للشعب المصري. وبعد الإدانة الأولية للغزو الروسي، سرعان ما أصبح موقف مصر تجاه الحرب محايدًا ثم انطلق التعاون بين البلدين.

80 عاما من العلاقات المصرية الروسية

بمناسبة الذكرى الثمانين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد الروسي وجمهورية مصر العربية، التي احتُفل بها هذا العام، نشرت السفارة الروسية في القاهرة رسالة مهمة في أغسطس جاء فيه أن العلاقات المصرية الروسية تحسنت في ظل حكم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، والآن في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، نرى العلاقات بين بلدينا تنمو كل يوم... ومن المتوقع أن تصل إلى آفاق جديدة في السنوات القليلة المقبلة.

تبادل وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره الروسي سيرجي لافروف التهاني، مسلطين الضوء على عمق العلاقات المصرية الروسية. وأكد الوزيران عزمهما على مواصلة تعزيز الصداقة بين الشعبين المصري والروسي.

واستعرض التقرير تاريخ تطور العلاقات بين البلدين في ظل الحقب التاريخية المختلفة وكيف نمت تلك العلاقة لتصل ذروتها في عهد الرئيسين الحاليين السيسي وبوتين.

ويشير الكاتب إلى أنه وبعد الثورة المصرية في عام 2011 والانقلاب العسكري اللاحق في عام 2013، تعززت  العلاقات أكثر إذ أصبح من الواضح أن تجربة مصر مع الديمقراطية قد فشلت.

ويعتقد جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس والعضو السابق في البرلمان المصري، أن موسكو رحبت بالانقلاب العسكري ضد جماعة الإخوان المسلمين عام 2013. وكان قرار المجلس العسكري في عام 2014 تصنيف الجماعة الإسلامية منظمة إرهابية عاملًا أساسيًا في التقارب بين القاهرة وموسكو.

وعندما انتُخب السيسي رئيسًا في عام 2014، كان فلاديمير بوتين أول رجل دولة أجنبي يهنئه على الفوز.

وتطرق الكاتب إلى المجالات العديدة التي شهدت تعاونًا وتطورًا بين البلدين بعد وصول السيسي إلى السلطة، مثل التعاون في مجال استخدام الطاقة النووية السلمية وإنشاء مفاعل الضبعة بتمويل ورعاية روسية، وكذلك المجال العسكري وشراء أسلحة روسية، كما عكس انضمام مصر لمجموعة البريكس تطور هذا التعاون بين البلدين. كذلك تُعد مصر أحد المستوردين الرئيسين للقمح الروسي والذي يعد أحد السلع الأساسية التي تعتمد عليها مصر.

السياسة الخارجية

 ولفت الكاتب إلى أن الدوائر الحاكمة في مصر ترى أن روسيا حليف رئيس في السياسة الخارجية على الرغم من أن مصر كانت واحدة من أهم شركاء أمريكا في المنطقة على مدى العقود الخمسة الماضية.

ويعتقد المصريون أن العلاقات الاستراتيجية مع روسيا تساعد بلادهم على توازن علاقاتها مع القوى الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، التي انتقدت انتهاكات حقوق الإنسان في مصر.

 وعلى النقيض من نظرائه الأميركيين والأوروبيين، فإن بوتين لا يهتم بقضايا حقوق الإنسان والديمقراطية في مصر أو أي مكان آخر. ومن الناحية الواقعية، لا ينطبق هذا أيضاً على الزعماء الغربيين الذين يستخدمون حقوق الإنسان والديمقراطية كذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى عندما يناسبهم ذلك.

كان بوتين يبحث دائمًا عن وسيلة لتحسين العلاقات الروسية مع دول المنطقة، بما في ذلك مصر، وهي ليست مجرد دولة من دول العالم الثالث؛ ذلك أن مصر هي أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان وثالث أكبر دولة إفريقية من حيث عدد السكان وتحتل موقعًا استراتيجيًا مهمًا في شمال إفريقيا.

 وتعد القاهرة أحد مؤسسي المنظمات الدولية التي لا تزال مهمة مثل حركة عدم الانحياز، وجامعة الدول العربية، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي. ولا تسمح العلاقات القوية مع روسيا لمصر باستعادة صورتها كدولة ذات أهمية دولية فحسب، بل يمكن أن تساعد أيضًا في مواجهة تأثير القوى الإقليمية الأخرى مثل تركيا وإيران.

وقد جعل النفوذ الروسي المتنامي في الشرق الأوسط، من إيران وسوريا إلى تركيا وليبيا ودول الخليج، جعل منها عاملًا مهمًا في المنطقة. وباعتبارها أكبر دولة عربية، يمكن لمصر أن تساعد روسيا على تعزيز مكانتها في العالم العربي. 

الموضوع التالي انتقادات خطابية أمريكية لنتنياهو ومحاولات فاشلة لتحرير الأسرى وإغراق الأنفاق ومقاومة شرسة تطال قيادات، ونجاح السيسي بمشاركة قسرية في الانتخابات ومخاوف حول قناة السويس والاقتصاد.
الموضوع السابقمنها رد الجنسية.. «4» قرارات جديدة لوزارة الداخلية