الجارديان: إسرائيل تخفف من مزاعم هزيمة حماس الوشيكة

خلاصة

أيديولوجية حماس وشبكة أنفاقها المعقدة تعني أنها ليست عدوًا عاديًا يمكن هزيمته بسهولة وأن هدف إسرائيل المعلن بتدمير حماس أمرًا صعب المنال، وفق ما يخلص تحليل نشرته صحيفة الجارديان.

نشرت صحيفة الجارديان البريطانية تحليلًا كتبه بيتر بومونت حول تراجع إسرائيل عن مزاعمها بأن هزيمة حماس وشيكة.

ويقول الكاتب إن إصرار إسرائيل لإدارة بايدن على أنها بحاجة إلى مزيد من الوقت لهزيمة حماس تثير تساؤلات حول مستوى الضرر الذي لحق بالحركة المسلحة، وما إذا كانت تُغير التكتيكات في قتالها ضد الجيش الإسرائيلي.

إعادة تقييم قدرات حماس

في أسبوع قتل فيه تسعة عسكريين إسرائيليين، من بينهم اثنان من كبار القادة وعديد من الضباط الآخرين في كمين مركب في حي الشجاعية بمدينة غزة، بدأ المحللون والمعلقون في التشكيك في التقييمات السابقة حول قدرة حماس على القتال، وفقًا للكاتب.

وفي حين رسم الجيش الإسرائيلي ووسائل الإعلام الإسرائيلية الكثير من الصور لمقاتلي حماس وهم يستسلمون وزعمت القوات أنها قتلت عدة آلاف من مقاتلي حماس، أصبحت اللغة العامة لبعض كبار الشخصيات السياسية والعسكرية أكثر حذرًا.

وكان يوآف غالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي، من بين أولئك الذين ألمحوا إلى الصعوبات في تدمير حماس في التعليقات التي أدلى بها لمستشار الأمن القومي لجو بايدن هذا الأسبوع.

وقال غالانت «حماس منظمة إرهابية بنت نفسها على مدى عقد لمحاربة إسرائيل وبنت البنية التحتية تحت الأرض وفوق الأرض وليس من السهل تدميرها. وسيتطلب الأمر فترة من الوقت - أكثر من عدة أشهر، لكننا سننتصر وسندمرهم».

وردد أهارون هاليفا، مدير المخابرات في الجيش الإسرائيلي، تعليقات غالانت، الذي قال إنه يعتقد أن الحرب ضد حماس ستستغرق عدة أشهر أخرى.

واعترف غالانت بأن حماس أثبتت أن من الصعب تدميرها على الرغم من الإحاطات اليومية للجيش الإسرائيلي التي تصف تقدم الهجوم، ليس أقلها في شمال قطاع غزة حيث وصفت التصريحات الرسمية السيطرة الكاملة على مناطق من بينها جباليا والشجاعية بأنها وشيكة لأكثر من أسبوع.

لكن في مقابل ذلك، يبدو أن حماس لا تزال تنخرط في قتال عنيف وكمائن، بما في ذلك القتال في الشجاعية الأسبوع الماضي، وتمكنت من إطلاق الصواريخ يوميًا.

استمرار الفعالية القتالية لحماس

ويلفت الكاتب إلى أنه وفي حين زعمت إسرائيل أنها قتلت ما يصل إلى 6 آلاف من مقاتلي حماس من 20-30 ألف - وهو أعلى رقم من مجموعة من التقديرات المختلفة التي ظهرت - فقد يكون المقياس الأكثر فائدة هو الفعالية القتالية لوحدات حماس الفردية العاملة في المناطق الجغرافية من غزة وصلتها بالقيادة المركزية لحماس.

وفقا لتقييم منذ أسبوع من معهد دراسة الحرب، مركز أبحاث أمريكي قام بمسح 19 كتيبة تابعة لحماس من الشمال، ومدينة غزة والألوية المركزية على أساس معلومات مفتوحة المصدر، فقد «تدهورت» سبع من هذه الكتائب الـ 19، في حين قدرت أن ست تشكيلات أخرى في الجنوب، لم تشملها الدراسة الاستقصائية، تتعرض لضغوط شديدة.

ومع ذلك، حذر التقرير من أنه بينما تم تنظيم حماس في بداية الحرب فيما بدا وكأنه أسلوب عسكري تقليدي على نطاق واسع، فإن «الهيكل الفعلي لكتائب القسام قد يتغير مع تقدم العملية البرية وتدمير القوات الإسرائيلية وحدات حماس أو جعلها غير فعالة».

قال مايكل ميلشتاين من مركز موشيه دايان بجامعة تل أبيب، والذي درس ظاهرة حركات المقاومة في الشرق الأوسط، بما في ذلك حركات المقاومة الفلسطينية، إنه كان من الخطأ اعتبار حماس قوة دولة تقليدية يمكن إلحاق هزيمة نهائية بها.

صعوبة القضاء على حماس

وقال ميلشتاين إن «القتال صعب. وحتى في أماكن مثل بيت لاهيا لا تزال هناك جيوب قتال. ولا اعتقد اننا سنكون قريبين على الاطلاق من نقطة انعدام الأسلحة والمسلحين في غزة».

وأضاف «منذ شهر نتحدث عن نقطة انهيار لحماس عندما ترى انهيارها التام يبدأ. وهذا النوع من المصطلحات مفيد عندما تقاتل الجيوش التقليدية ويمكنك أن تجد مثل هذه النقطة، لكن الشيء المتعلق بحماس هو أنها ليست مجرد جيش لحرب العصابات».

وأوضح: «أود أن أسميها كيانًا مرنًا للغاية يجمع بين السلطة الحاكمة ومنظمة سرية وصندوق خيري. إنها ليست شيئًا إذا تمكنت من قتل القائد الأعلى، فسيجري تقويض الهيكل بأكمله».

وتابع: « إنها وبدلًا من ذلك منظمة أيديولوجية سيقاتل الكثيرون فيها حتى النهاية. وأعتقد أنه حتى لو قتلت إسرائيل زعيم حماس يحيى السنوار - سيظل هناك آخرون ليحلوا محله. إنه أمر في الحمض النووي لحماس».

ويبدو أن استطلاعات الرأي التي أجراها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسة هذا الأسبوع تعزز مثل هذه المعتقدات المحيطة بأيديولوجية حماس؛ فقد وجد المركز أن 44% من المشاركين في الضفة الغربية المحتلة قالوا إنهم يدعمون الحركة، ارتفاعًا من 12% في سبتمبر. وفي غزة، تمتع المسلحون بدعم 42%، ارتفاعًا من 38% قبل ثلاثة أشهر.

ذهب ميلشتاين إلى أبعد من ذلك، مشيرًا إلى أنه يعتقد أن السنوار يريد الصمود.

وأوضح أن «رؤية السنوار هي أنه حتى لو قتلت إسرائيل 50 ألف فلسطيني، وإذا كان بإمكانه إظهار صمودًا قويًا، فإن النصر سيعود إلى حماس عندما ينسحب آخر جندي إسرائيلي».

شبكة أنفاق معقدة

ويلفت الكاتب إلى أن التكهنات المحيطة بأنظمة الأنفاق الواسعة لحماس، والتي تعد أحد أصولها العسكرية الرئيسة، هي أن الاستراتيجية الناشئة للقيادة العليا لحماس - التي نجت حتى الآن من محاولات إسرائيل قتلهم أو القبض عليهم - قد تكون الاحتماء على أمل أن يؤدي الضغط الأمريكي وغيره من الضغوط الدولية إلى إنهاء سريع لأكثر القتال كثافة.

وفي حين قُدمت شبكة الأنفاق حتى الآن باعتبارها شبكة متجانسة إلى حد كبير، بدأ المحللون مؤخرًا في التمييز بين الأنفاق الهجومية لحماس، المستخدمة للتسلل إلى إسرائيل ونصب كمائن للقوات الإسرائيلية في غزة، والأنفاق «الاستراتيجية» الأكثر تطورًا المستخدمة لإيواء قيادة الحركة، بما في ذلك السنوار، واحتجاز الرهائن.

وبينما ورد أن إسرائيل جربت إغراق بعض الأنفاق، تفاخرت حماس أيضًا في المقابل ببناء أنفاقها لمقاومة فيضانات المياه.

ووصف نداف إيال، الذي كتب في يديعوت أحرونوت، المحادثات غير الرسمية مع اثنين من أعضاء مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي حول التحديات التي تشكلها الأنفاق.

وقال إن أحد أعضاء مجلس الوزراء أخبره أن الحقيقة هي أنه لا توجد حتى الآن إجابة وعقيدة قتالية منظمة للأنفاق، وطالما لا يوجد نمط ثابت واحد، فلدينا مشكلة.

وقال عضو آخر: «الحل سيكون مزيجًا من الأنظمة. لكن ليس هناك ما يضمن متى سيتحقق الهدف. ربما هذا الأسبوع، ربما في غضون شهرين».

ومن غير الواضح أيضًا مقدار نظام الأنفاق الذي دمرته إسرائيل حتى الآن.

وقال ميلشتاين: «من الواضح أن استخبارات الجيش الإسرائيلي لم تتفاجأ بوجود أنفاق. لقد علموا أنه كان مشروعًا واسعًا للغاية ولكنه لا يزال أوسع مما كان متخيلًا. ما يعنيه ذلك هو أن الجيش الإسرائيلي يحتاج إلى أن يكون فعالًا للغاية في السيطرة على الأرض إذا أرادت أن تقضي على ما هو تحت الأرض».

الموضوع التالي تايمز أوف إسرائيل: «وفجأة حلَّ الظلام».. قتل الجيش المأساوي للرهائن يُمثل ضربة جديدة مفجعة
الموضوع السابقالحياة اليوم يناقش وفاة أمير الكويت ودخول الصحفيين الأجانب لغزة بعد موافقة إسرائيل وتكدس 1.1 مليون فلسطيني أمام رفح وانتخابات الرئاسة وأزمة السكر