الجارديان: الحملة الإسرائيلية لقتل قادة حماس سوف تأتي على الأرجح بنتائج عكسية
سوف تؤدي على الأرجح حملة اغتيالات عالمية لقادة حماس أعلن عنها كبار المسؤولين الإسرائيليين إلى نتائج عكسية وغير عملية وغير فعالة، كما برهنت جهود من هذا القبيل في الماضي، وفق ما يخلص تقرير لصحيفة الجارديان.
نشرت صحيفة الجارديان تقريرًا للكاتبة جايسون بيرك تستعرض فيه كيف أن الحملات العسكرية الإسرائيلية لقتل قادة حماس تأتي بنتائج عكسية كما أظهرت الحوادث التاريخية السابقة.
تُرجح الكاتبة في مستهل تقريرها أن تؤدي حملة اغتيالات عالمية لقادة حماس أعلن عنها كبار المسؤولين الإسرائيليين إلى نتائج عكسية وغير عملية وغير فعالة، كما أثبتت جهود من هذا القبيل في الماضي.
وأعلن بنيامين نتنياهو لأول مرة عن الاستراتيجية الجديدة بعد أسبوعين من هجمات 7 أكتوبر التي شنتها حماس على جنوب إسرائيل والتي أسفرت عن مقتل 1200 شخص.
أطلع مسؤولون في إسرائيل الصحفيين على أن عملية جديدة تسمى نيلي، وهي اختصار لعبارة توراتية باللغة العبرية تعني «العملية الأبدية لإسرائيل لن تكذب»، ستستهدف كبار قادة الحركة الإسلامية.
وقال نتنياهو الشهر الماضي في مؤتمر صحفي إنه أصدر تعليماته للموساد، جهاز المخابرات الإسرائيلية في الخارج، بـ «اغتيال جميع قادة حماس أينما كانوا». في أوائل ديسمبر، كشف تسجيل مسرب أن رونين بار، رئيس الشاباك، وكالة الأمن الداخلي الإسرائيلية، قال للبرلمانيين الإسرائيليين إن «قادة حماس سيقتلون في غزة والضفة الغربية ولبنان وتركيا وقطر وفي كل مكان... سيستغرق الأمر بضع سنوات، لكننا سنكون هناك من أجل القيام بذلك».
وأشارت الصحيفة إلى العملية الإسرائيلية الشهيرة التي استهدفت اغتيال قادة فلسطينيين في جميع أنحاء العالم بعد احتجاز مجموعة فلسطينية لمجموعة رياضيين إسرائيليين كرهائن في مواجهة استمرت 20 ساعة في قرية ميونيخ الأولمبية عام 1972، وتوفي 11 من الرياضيين وخمسة فلسطينيين وشرطي ألماني.
الشعور بالعار والمهانة
وتنقل الصحيفة عن محللين أن أجهزة الأمن الإسرائيلية تركز حاليا على قتل قادة حماس في غزة. وقال الجيش الإسرائيلي إنه يقترب من يحيى السنوار، الذي تصفه إسرائيل بأنه مهندس هجوم 7 اكتوبر.
لكن الحملة المعلنة لها نطاق أوسع بكثير، ومن المحتمل أن تستهدف قادة حماس في قطر وتركيا ولبنان وشبكات دعم الجماعة في أماكن أخرى.
لكن ليس الجميع على قناعة بمثل هذه العمليات. وقال يوسي ميلمان، الصحفي والمؤلف الذي غطى أجهزة الأمن الإسرائيلية منذ عقود، إن استراتيجية الاغتيالات «لا تحل أي شيء».
وقال «مجتمع المخابرات الإسرائيلية يحب الاغتيالات والآن يشعرون بالعار والمهانة ويريدون تخليص أنفسهم».
وأشار آخرون إلى أن الإشارات العامة المتكررة إلى الحملة أعربت عن رغبة المسؤولين في طمأنة السكان الخائفين الذين فقدوا الثقة في قدرة الأجهزة الأمنية والحكومة الإسرائيلية المتغطرسة على الحفاظ على سلامتهم.
نتائج عكسية
وتلفت الصحيفة إلى أن بعض المؤرخين شككوا فيما إذا كانت حملة اغتيال الموساد بعد ميونيخ استهدفت المتورطين بالفعل في الهجوم على الرياضيين، وأشاروا إلى أنها ربما أتت بنتائج عكسية على المدى الطويل.
وقال الخبراء إن بعض الاغتيالات التي قامت بها إسرائيل كان لها تأثير استراتيجي حقيقي، مستشهدين بأمثلة مثل اغتيال فتحي الشقاقي، مؤسس حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، الذي قتله الموساد في مالطا عام 1995، وعماد مغنية، العقل المدبر للهجمات التي شنها حزب الله، والذي قتله الموساد ووكالة المخابرات المركزية في عملية مشتركة في عام 2008. وأدى اغتيال الشقاقي إلى شل الجهاد الإسلامي لعدة سنوات، وكان مغنية ضربة كبيرة لحزب الله.
لكن الجهاد الإسلامي أعادت بناء قوتها في السنوات التي أعقبت وفاة الشقاقي، وشاركت في هجمات 7 أكتوبر. وكانت العقول المدبرة لتلك العملية جيلًا جديدًا من قادة حماس الذين صعدوا إلى السلطة في أعقاب اغتيالات إسرائيل لكبار قادتها قبل 20 عامًا.
وقال ميلمان: «قتلنا مؤسس الجهاد وقتلنا مؤسس حماس [عام 2004]. وحتى عندما يكون هناك تأثير استراتيجي حقيقي، مثل مقتل مغنية، فإنه لا يدوم؛ إذ لا يزال حزب الله قائمًا وقويًا».
ليست رادعًا
وأضافت الصحيفة أن الاغتيال لا يشكل بالضرورة رادعًا، وهو هدف رئيس لهذه الحملات.
وأجرت صحيفة الجارديان مقابلات مع خمسة فلسطينيين استهدفتهم عمليات اغتيال على مدى أكثر من 50 عامًا. وقال جميعهم إن المحاولات التي قامت بها أجهزة المخابرات الإسرائيلية على حياتهم عززت فقط قناعاتهم وساعدت في التجنيد في فصائلهم.
وتذكر باسم أبو شريف، الذي أصيب بجروح بالغة في عام 1972 من جراء قنبلة إسرائيلية، كيف تلقى طردًا في مكاتب الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيروت.
وقال إن الطرد كان موجهًا إليه وكان فيه كتاب عن تشي جيفارا، وعندما فتح الكتاب وقلب ثلاث صفحات حدث التفجير الذي أذهب جزءًا من بصره وأفقده أصابعه ودمر لديه حاسة التذوق والشم.
وقال أبو شريف إن الهجوم جعله أكثر تصميمًا من أي وقت مضى على مواصلة نشاطه مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وكان نشطًا خلال بقية العقد وأصبح في النهاية مستشارًا رئيسًا لياسر عرفات، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية.
وقال لصحيفة الجارديان في منزله في أريحا: «لم يتسلل أبدًا الخوف إلى قلبي. لم أتردد قط في القيام بمهمة، حتى أخطرها».
تباطأت الحملة التي أعقبت هجمات ميونيخ لكنها لم تتوقف بعد مقتل نادل مغربي في النرويج استهدف بالخطأ باعتباره أحد الأهداف ذات الأولوية القصوى للموساد، علي حسن سلامة، المسؤول الأمني الكبير في فصيل فتح المسلح. وتوفي في النهاية عام 1979 في تفجير سيارة مفخخة من الموساد في بيروت.
وقال توفيق الطيراوي، رئيس مخابرات فتح السابق النشط في السبعينيات، إن الجماعة مارست المقاومة، الأمر الذي أسفر عن مقتل أحد عملاء الموساد وإصابة آخر بجروح بالغة. كما توفي دبلوماسي إسرائيلي في لندن بعد فتح رسالة مفخخة.
وقال لصحيفة الجارديان: «في الواقع، كان هناك تبادل للاغتيالات بيننا وبين الإسرائيليين. لم تردعنا تلك الاغتيالات، بل جعلتنا نقاتل أكثر».