إن بي سي نيوز: مع توجه سكان غزة إلى الجنوب، البعض يخشى من إجبارهم على الخروج من القطاع
رغم ما يعانيه سكان قطاع غزة من ألم ناجم عن الدمار والقتل والتشريد والتجويع وسعي ساسة إسرائيليين لاستغلال الفرصة وإجبارهم على النزوح القسري إلى سيناء المصرية، يرفض سكان القطاع مغادرته ويقولون إنهم سيبقون صامدين في وطنهم، وفق ما يخلص تقرير نشرته شبكة إن بي سي نيوز.
نشرت شبكة إن بي سي نيوز تقريرًا أعدَّه شانتال دا سيلفا يستعرض مخاوف بعض سكان غزة من إجبارهم على الخروج من القطاع.
تستهل الشبكة تقريرها بالإشارة إلى تأكيد مواطنين من غزة بأنهم لن يغادروا القطاع رغم الحرب التي أودت بحياة الآلاف هناك، مسنشهدة بـ نواف مطر الذي قال إنه لن يغادر القطاع أبدًا حتى لو أتيحت له الفرصة.
وقال لشبكة ان بي سي نيوز «لا يمكنني الذهاب إلى سيناء»، في إشارة إلى شبه الجزيرة المصرية القاحلة المتاخمة لغزة من الجنوب. وأكد: «لا أنا ولا عائلتي ولا أي شخص أعرفه يريد الذهاب إلى هناك».
مخاوف من التهجير القسري
وأشارت الشبكة إلى ما أسفرت عنه الحرب من مقتل الآلاف من سكان غزة وتدمير أحياء بأكملها، وتشريد ما يقدر بنحو 90% من سكان القطاع، وانتشار المجاعة بين ما يصل إلى مليون شخص، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية. وصدرت أوامر للسكان بمغادرة مخيمات اللاجئين الحضرية المزدحمة حيث أعلنت إسرائيل أنها توسع هجومها البري إلى ما وصفته بـ «منطقة معركة جديدة».
دفع النزوح الجماعي آلاف الفلسطينيين مثل مطر وعائلته إلى رفح ومناطق أخرى متاخمة لمصر. كما أثار مخاوف من تهجير المدنيين قسرًا إلى مصر، مما يعرض القضية الفلسطينية للخطر، وهي للكثيرين الرؤية وتساءل مطر: «هل نتخلى عن أحلام أسلافنا ؟»
وفي حال أجبر السكان على عبور الحدود للفرار من القصف والجوع والفوضى، يخشى الكثيرون من احتمال ظهور «نكبة» جديدة.
ويقول مطر إن أولويته المباشرة هي البقاء في المكان الذي يسميه الوطن.
وقال: «إلى أين سنذهب ؟ إلى غزة بالطبع. لن أغادر مكاني تحت أي ظرف من الظروف».
«سنبقى صامدين»
وأعرب آخرون عن مشاعر مماثلة، قائلين إنهم يفضلون مواجهة القصف الإسرائيلي على مغادرة الشريط المدمر من الأرض.
وقالت خيرية العرجا «بالطبع سأبقى في غزة».
وقالت «بغض النظر عن مدى شدة الحرب، سنبقى في غزة. سنبقى صامدين حتى أنفاسنا الأخيرة».
وقال خالد الجندي، الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط، إن عدد سكان غزة تضخم خلال النزوح الكاسح الناجم عن الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، ويطلق حوالي 70% من الفلسطينيين في غزة اليوم على القطاع وطنهم نتيجة للنزوح القسري.
وقال الجنيدي، الذي يدير برنامج فلسطين والشؤون الفلسطينية الإسرائيلية في مركز الأبحاث بواشنطن، إن اقتلاع الكثيرين من جذورهم مرة أخرى سيكون بمثابة كارثة ثانية.
قال: «لقد سمعوا القصص من آبائهم وأجدادهم وهم الآن يعيشون عليها، التجربة نفسها. وهذه صدمة أخرى للأجيال ستنتقل إلى الجيل القادم، خاصة إذا ساءت الأمور ورأيناهم يدفعون عبر الحدود إلى مصر».
رفض التهجير
وتلفت الشبكة إلى أن قادة الدول المجاورة، الملك عبد الله عاهل الأردن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رفضا الأربعاء، أي جهود إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية المحتلة، بحسب وسائل إعلام رسمية.
لكن بينما يقول بعض الفلسطينيين إنهم مصممون على البقاء، مهما حدث، يقول آخرون إنهم يشعرون بالضغط بعد شهور من القصف والقتال.
قال الجنيدي إنه يعتقد أنه مع استمرار الحرب، سيشعر المزيد من الناس في غزة بالضغط وقد يقبل بعضهم النزوح مع استمرار التدمير والقتل وعدم القدرة على الوصول إلى الطعام والشراب والدواء.
حتى قبل هذه الحرب الأخيرة، أدى الحصار المفروض على القطاع بعد فوز حماس في الانتخابات عام 2006 إلى شل اقتصاد القطاع فعليًا.
خطط إسرائيلية
وتشير الشبكة إلى أن الدعوات الواردة من عدد من السياسيين الإسرائيليين اليمينيين المتطرفين للنزوح الجماعي للفلسطينيين إلى صحراء سيناء المصرية أو إلى دول أخرى عمقت المخاوف من نكبة جديدة.
وأثارت ورقة صادرة عن وزارة حكومية إسرائيلية تقترح نقل الفلسطينيين في غزة إلى صحراء سيناء المصرية غضبًا بشأن احتمال النزوح القسري. في غضون ذلك، قدم وزراء داخل الحكومة الإسرائيلية اقتراحات مماثلة.
وفي الشهر الماضي، قال وزير الزراعة آفي ديختر للقناة 12 الإسرائيلية إن الحرب ستكون النكبة في غزة، وقال لاحقًا إن غزة هي نكبة 2023. هكذا سينتهي الأمر.
قبل أسبوع من تصريحات ديختر، أثارت تصريحات وزير التراث الإسرائيلي أميهاي إلياهو الإدانة الدولية بعد أن أشار إلى أن إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة كان «أحد الاحتمالات» في الصراع.
ونفى نتنياهو تلك التصريحات وأكد أن الهجوم الإسرائيلي الحالي في غزة لا يهدف إلى طرد الفلسطينيين، ولكن إلى إطلاق سراح الرهائن.
كما كان المسؤولون المصريون واضحين في معارضتهم لأي خطة تنطوي على تهجير الفلسطينيين إلى مصر.
في أواخر أكتوبر، قال الرئيس جو بايدن إنه تحدث مع السيسي لمناقشة الحرب، بما في ذلك «أهمية حماية أرواح المدنيين، واحترام القانون الإنساني الدولي، وضمان عدم تهجير الفلسطينيين في غزة إلى مصر أو أي دولة أخرى.»
قال آدم ليشتنهيلد، المدير التنفيذي لمختبر سياسة الهجرة في جامعة ستانفورد، لشبكة إن بي سي نيوز، إن المخاوف الفلسطينية من احتمال طردهم من غزة هي «خوف مشروع».
وقال إن «بعض الخطاب من أعضاء الحكومة الإسرائيلية» يشير إلى أنهم يرون الحرب على أنها «فرصة محتملة لمحاولة طرد الفلسطينيين من غزة».
لكن ليشتنهيلد قال: «أعتقد أنه من غير العملي للغاية أن يحدث ذلك لأنه سيتطلب موافقة كل من مصر، التي أوضحت أنها لن تفتح حدودها، وبقية المجتمع الدولي، الذي ينتقد بشدة» تكتيكات الجيش الإسرائيلي.
وقال إنه إذا حدث النزوح الجماعي لسكان غزة من القطاع، فسيكون ذلك «أساسًا تمكين التطهير العرقي من خلال الطرد الدائم ونقل جزء من سكان غزة أو معظمهم».
في الوقت نفسه، قال ليشتنهيلد، بموجب القانون الدولي، يجب السماح للأشخاص الذين يريدون المغادرة «بطلب اللجوء»، مما يضع مصر والمجتمع الدولي «في مأزق».
وقال إنه إذا كانت الحرب ستدفع سكان غزة إلى الخروج من القطاع، فيجب «منح الفلسطينيين الحق في العودة بمجرد انتهاء الصراع».
وقال ليشتينهيلد إنه حتى ذلك الحين، سيواجه سكان غزة سؤالًا مؤلمًا آخر، نظرًا لمستوى الدمار الذي جلبته الحرب للقطاع، وهو: «ما الذي سيضطرون للعودة إليه؟»