تشينا ديلي: السلام في الشرق الأوسط لا يزال بعيد المنال
لا توجد نهاية فورية تلوح في الأفق للصراع المحتدم في غزة. ولكن على الرغم من قصف غزة لأكثر من شهرين ونصف الشهر، فإن إسرائيل بعيدة كل البعد عن تحقيق أهدافها العسكرية. كما أن هجماتها لم تجبر الفلسطينيين في غزة على النأي بأنفسهم عن حماس. وبدلًا من ذلك، أدت الهجمات إلى...
سلط تقرير نشرته صحيفة تشينا ديلي الضوء على مستجدات السلام في الشرق الأوسط مع استمرار الحرب في غزة.
وقالت الصحيفة الصينية إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، الذي اندلع قبل أكثر من شهرين، أودى بحياة أكثر من 20 ألف شخص، معظمهم من الأطفال والنساء.
ولا توجد نهاية فورية تلوح في الأفق للصراع. ولكن على الرغم من قصف غزة لأكثر من شهرين ونصف الشهر، فإن إسرائيل بعيدة كل البعد عن تحقيق أهدافها العسكرية. كما أن هجماتها لم تجبر الفلسطينيين في غزة على النأي بأنفسهم عن حماس. وبدلًا من ذلك، أدت الهجمات إلى تفاقم الاستياء الفلسطيني ضد إسرائيل.
وانطلاقاً من الوضع الحالي، لا يبدو أن وقف إطلاق النار قصير الأمد ناجح.
وترى إسرائيل أن الأولوية تتلخص في استغلال الدعم الأمريكي لإلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر بمعاقل حماس المتبقية في غزة. وفي نظر حماس فإن الأولوية هي الصمود إلى أن تضطر إسرائيل، بعد فشلها في تحقيق هدفها العسكري الأكبر، إلى الدخول في مفاوضات سياسية.
وفي الواقع، هناك بعض العوامل التي تحد من تصعيد الصراع، إن لم يكن استمراره. وكلما طال أمد الحرب، ارتفعت التكلفة الاقتصادية التي يتعين على إسرائيل أن تدفعها. وتضررت قطاعات السياحة والخدمات والبناء في إسرائيل بشدة منذ 7 أكتوبر، إذ تكبدت إسرائيل خسائر اقتصادية مباشرة تزيد عن 8 مليارات دولار في الشهر الأول من الصراع، وشهدت زيادة بمقدار سبعة أضعاف في عجز الميزانية الوطنية، وانخفاض قيمة العملة، وتدهور الاقتصاد. وزيادة مخاطر تدفقات الاستثمار إلى الخارج.
كما أثارت الأزمة الإنسانية في غزة دعوات دولية لوقف إطلاق النار، وتزايدت حدة المعارضة الداخلية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية.
أما بالنسبة لحماس، فإن الصراع المطول مع إسرائيل يعني فقدان نفوذها في غزة. ولكن حتى الآن تمكنت حماس من النجاة من الحملة العسكرية الإسرائيلية المكثفة.
فضلًاعن ذلك فهناك دلائل تشير إلى أن الولايات المتحدة وغيرها من البلدان تحاول تشجيع قوى سياسية أخرى لتحل محل حماس وتنسيق عملية الاستيلاء على غزة بعد الحرب. وعلى هذا النحو، تواجه حماس أيضًا ضغوطًا لتغيير استراتيجيتها النضالية، والاستجابة بمرونة للتغييرات، والعودة إلى المفاوضات السياسية.
ومن ناحية أخرى، ليس لدى الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية أي سبب لدعم إسرائيل نظرًا للخسائر الدموية في صفوف المدنيين في غزة، ومن المحتم أن تلحق الضرر بصورتها الدولية إذا استمرت في دعم إسرائيل. والحقيقة أن المعسكر الغربي منقسم بشأن القضية الفلسطينية الإسرائيلية، إذ تتعرض الدول الغربية لضغوط لحملها على تغيير سياساتها وكبح جماح سلوك إسرائيل المتهور.
ويبدو أن إدارة جو بايدن عازمة على استكمال انسحابها الاستراتيجي من الشرق الأوسط واستخدام مواردها للاستفادة من الصراع الروسي الأوكراني. وإذا طال أمد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أو تصاعد، فإنه سيؤثر على التوزيع الاستراتيجي لموارد الولايات المتحدة، ويؤثر على علاقاتها مع الدول العربية ومصالحها في الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من إصرار إسرائيل على مواصلة قصف غزة، يتعين على المجتمع الدولي أن يحاول تهدئة الوضع من خلال فتح حوار سياسي والتوصل في النهاية إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
ووفقًا للصحيفة، طالما أن المجتمع الدولي يعمل معًا للمساعدة في إنهاء الصراع من خلال تعزيز محادثات السلام، فإن التوترات بين فلسطين وإسرائيل يمكن أن تهدأ. ولكن لاستعادة السلام الدائم، لا بد من إنشاء قنوات اتصال أكثر مباشرة.
ومنذ اندلاع الصراع، حافظت الصين على اتصالات وثيقة وعززت التعاون مع الدول العربية والعالم الإسلامي، وقدمت المساعدة الإنسانية وبذلت جهودًا مضنية لإنهاء القتال.
وفي المقابل، فإن الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى لم تتحمل بعد مسؤوليتها الواجبة في التوسط للتوصل إلى تسوية بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وفي واقع الأمر، فقد استمر الصراع لأكثر من شهرين ونصف الشهر بسبب السياسة الخاطئة التي تنتهجها الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، والتي تنحاز بشكل أعمى لإسرائيل وتتجاهل المصالح الفلسطينية. وهذا يجب أن يتغير.
وتتمثل المهمة الملحة الآن في التوسط لوقف إطلاق النار والمساعدة في الترتيب لتبادل المدنيين المحتجزين لمنع فقدان المزيد من الأرواح، ويتعين على المجتمع الدولي أن ينفذ بالكامل متطلبات قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2712، مما يمهد الطريق لدخول الإمدادات الإنسانية الكافية إلى غزة وتمكين الوكالات الإنسانية من القيام بعملها بأمان.