بي بي سي: الشعور بالارتياح والذنب بعد أن وجد سكان غزة الأمان في مصر
يشعر بعض سكان غزة الذين تمكن من العبور إلى مصر بمشاعر الارتياح الممزوجة بالشعور بالذنب بسبب معرفتهم حجم المعاناة التي يتعرض لها سكان غزة في ظل القصف والتجويع والظروف القاسية في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر، وفق ما يخلص تقرير نشرته شبكة بي بي سي.
نشرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) تقريرًا يستعرض المشاعر المختلطة لبعض سكان غزة الذين تمكنوا من الخروج إلى مصر من غزة التي تتعرض لعدوان مستمر من جيش الاحتلال.
وتتحدث الشبكة البريطانية عن تلك المشاعر المختلطة التي تجمع بين الارتياح والشعور بالذنب من ترك غزة في هذا الوضع الصخب من خلال قصة تلا أبو نحلة، ووالدتها، وأختها الصغيرة. وقد شعر يزيد، شقيق تلا، البالغ من العمر 17 عامًا، بالمشاعر ذاتها التي تشعر بها عائلته. وهو معاق ويعاني من نوبات صرع.
وتقول تلا: «كان الأمر صعبًا حقًا لأننا شعرنا وكأننا نترك جزءًا منا في غزة».
وتلفت الشبكة إلى أن كل ما استطاعت تلا فعله هو الاستمرار في النظر إلى السماء والاستماع. كانت السماء نفسها، ولكن هنا في مصر اختفى كل الرعب، وتركوا وراءهم إمكانية الموت المفاجئ والوحشي.
وقالت: «عندما ذهبنا إلى الجانب الآخر من الحدود في مصر... لم أعد أسمع طائرات مسيرة. وعلمت أنني لن أسمع القصف أو الغارات الجوية بعد الآن».
كان الوقت متأخرًا من الليل، وتتذكر تلا أنها اندهشت من الضوء الكهربائي. وفي رفح لم يكن هناك مصدر للكهرباء لإضاءة منزلهم.
وأشارت الشبكة إلى أن العائلة حاولت الدخول إلى مصر ثلاث مرات من قبل، وتحدثت الشبكة مع تلا لأول مرة في نوفمبر، عندما كان الهجوم الإسرائيلي قد بدأ قبل بضعة أسابيع فقط، لكن عدد القتلى كان بالفعل بالآلاف وتجمعت حشود يائسة على الحدود المصرية.
قالت تلا حينها: «نحن نحاول البقاء على قيد الحياة. لسنا متأكدين من أننا سننجح، لكنني ببساطة لا أريد أن أموت في سن الرابعة والعشرين».
وكانت والدة تلا هي حاملة جواز السفر الأجنبي الوحيد، فهي مواطنة أردنية وكان بإمكانها العبور. لكن السلطات لم تسمح لأطفالها بالذهاب معها. لذلك بقيت العائلة بأكملها في رفح. لكن حرس الحدود تراجعوا الأسبوع الماضي وسمحوا لهم بدخول مصر.
وتقول تلا: «لقد شعرت بالارتياح حقًا لأنني أصبحت في مأمن».
بعد كل رفض على الحدود المصرية، أخذت تلا يزيد إلى منزلها، لعلمها أن إمدادات الدواء التي يحتاجها لقمع نوباته آخذة في الانخفاض.
وقد أدت الحرب إلى تفاقم الوضع الصعب أصلًا للأشخاص ذوي الإعاقة في غزة، حيث يقدر أن 21% من الأسر لديها فرد واحد على الأقل يعاني من إعاقة. ويصل هذا العدد إلى ما يقرب من 58000 شخص وفقًا لمكتب الإحصاء المركزي الفلسطيني الذي تديره السلطة الفلسطينية المحتلة.
ولم تكن هناك مياه جارية، وأصبح العثور على الغذاء أكثر صعوبة مع تقدم القوات الإسرائيلية وتكدس عشرات الآلاف من اللاجئين المذعورين في رفح من أقصى الشمال في قطاع غزة. وفي ديسمبر، ومع تجاوز عدد القتلى في غزة 20 ألف شخص، قالت تلا لبي بي سي عن ارتياحها لنجاتها من كل غارة جوية في المنطقة.
ومع شعورها بالارتياح لنجاتها من القصف تشعر تلا بغصة في حلقها بسبب ما يتعرض له سكان غزة والألم الذي يعيشونه، وتقول: «لا أعتقد أنني شعرت بهذا الذنب من قبل. أعتقد أن هذا من أصعب المشاعر التي يمكن الحديث عنها. أعتقد أنه في كل مرة أرى طائرة أو أسمع طائرة، وأعلم أنني سأكون آمنًا بعد سماعها، أشعر بالذنب».
وتابعت: «في كل مرة يكون لدي طعام لآكله، أو عندما لا أضطر إلى الذهاب للحصول على الماء أو الزيت، فإن معرفتي بأن كل شيء متاح يجعلني أشعر بالذنب. أفكر في الجميع في غزة، الـ 1.2 مليون شخص الذين نزحوا والذين لا يعلمون في الوقت الحالي إلى أين يذهبون إذا حدث غزو عسكري في رفح».