قنطرة: ما الذي يجعل مصر تفتح حدودها أمام الفلسطينيين؟

خلاصة

في حين تتسبب الحملة العسكرية الإسرائيلية في سقوط ضحايا في مدينة رفح المزدحمة بالسكان، بالقرب من الحدود المصرية، تتعرض مصر لضغوط متزايدة للسماح للفلسطينيين النازحين بالدخول إلى أراضيها، وفق ما يخلص تقرير نشره موقع قنطرة.

نشر موقع قنطرة الألماني تقريرًا كتبته كاثرين شاير تتناول معضلة نزوح الفلسطينيين إلى مصر وما وراء المواقف المصرية في هذا الوضع المتأزم.  

تلفت الكاتبة في مطلع تقريرها إلى أن التوقيت مريب للغاية من وجهة نظر كثير من المصريين.

وقبل اسبوعين أعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيشن هجومًا على رفح في جنوب قطاع غزة بالقرب من الحدود المصرية حيث نزح أكثر من مليون فلسطيني. وهناك مخاوف من أنه مع دفع المزيد من الناس نحو الحدود، فإن الخطط التي صاغتها مؤسسات الفكر والرأي الإسرائيلية والتي سُربت إلى وسائل الإعلام في وقت سابق من الصراع الحالي أصبحت أقرب إلى الواقع. وأصدر معهد مسغاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية ورقة تقول إن الصراع كان «فرصة فريدة ونادرة لإخلاء قطاع غزة بأكمله».

وتشير الكاتبة إلى أن الخطة المعلنة هي أمر رفضته الحكومة المصرية بشدة، خوفًا من عدم السماح للفلسطينيين الذين يغادرون بالعودة أبدًا. واعتبرت المنظمات الحقوقية أي «نقل قسري» من هذا القبيل بمثابة جريمة حرب.

وفي الوقت نفسه، سيتخذ صندوق النقد الدولي قريبًا قرارًا بشأن ما إذا كانت مصر ستحصل على قرض ممتد - يتراوح بين 6 مليارات دولار و12 مليار دولار - لدعم اقتصادها المثقل بالديون.

وتساءل تقرير حديث نشرته صحيفة المدن اللبنانية: «هل هذا ابتزاز؟»، وتكهنات الصحيفة بأن مصر يمكن أن تُعفى من ديونها الدولية من جانب المساهمين الرئيسين في صندوق النقد الدولي في الولايات المتحدة وأوروبا إذا استضافت الفلسطينيين النازحين.

نظريات المؤامرة

ووفقًا للكاتبة، يبدو أن التوقيت والتقارير السابقة الأخرى - بما في ذلك تقرير من صحيفة فايننشال تايمز البريطانية الذي ذكر أن السياسيين الإسرائيليين طلبوا من نظرائهم الأوروبيين الضغط على مصر لفتح الحدود - يبرر هذه الشكوك. بل إن هناك سابقة: ففي عام 1991، أعفت الولايات المتحدة مصر من ديونها بنحو 10 مليارات دولار لأنها وافقت على دعم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة للمشاركة في حرب العراق.

لكن، في هذه الحالة، ليس هذا ما يحدث، كما يقول ريكاردو فابياني، مدير مشروع شمال أفريقيا لمنظمة غير حكومية تابعة لمجموعة الأزمات الدولية. وقال فابياني: «لسوء الحظ، كانت هذه شائعة منتشرة منذ فترة. لقد انتشر الأمر على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الشوارع، حيث قال الناس إن الغرب يعرض المال على مصر مقابل استضافة اللاجئين».

لكن فابياني أضاف: «هناك سوء فهم خطير هنا. صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي، وبشكل أعم، الغرب، مستعدون وجاهزون لمنح الأموال لمصر لأنهم قلقون للغاية بشأن زعزعة استقرار البلاد بسبب الصراع في غزة».

وقال فابياني إنه علاوة على التضخم والدين الوطني المفرط، تضررت مصر بشدة من انخفاض السياحة إلى المنطقة وانعدام الأمن في البحر الأحمر.

وقال أشرف حسن، الباحث السياسي في مؤسسة سنشري إنترناشيونال البحثية ومقرها الولايات المتحدة: «في الأساس، مع 120 مليون نسمة، مصر أكبر من أن تفشل».

وأضاف حسن أنه في نظر مصر، لا تضيف مثل هذه الصفقة أي قيمة أيضًا. وقال حسن: «أعتقد أن النظام يدرك أنه لا توجد حوافز اقتصادية يمكن أن تعوض المخاطر الأمنية والسياسية التي قد تأتي من السماح للفلسطينيين بالدخول. ويشمل ذلك المخاطر الأمنية المحتملة من المسلحين الفلسطينيين على الجانب المصري من الحدود، فضلًا عن النظر إليهم على أنهم يساعدون إسرائيل في تهجير سكان غزة بشكل دائم».

مصر تحت الضغط

وفي الوقت الحالي، وحسب ما تضيف الكاتبة، تسير الحكومة الاستبدادية في مصر على خط رفيع بين المشاعر الشعبية ـ إذ يؤيد عامة الناس القضية الفلسطينية ـ والترتيبات الأمنية القائمة منذ فترة طويلة مع إسرائيل.

وفي الأسبوع الماضي، نقلت وكالة أسوشيتد برس عن مصادر مجهولة قولها إن مصر قد تُلغي معاهدة سلام كامب ديفيد التاريخية التي وقعتها مع إسرائيل في أواخر السبعينيات إذا استمرت الحملة العسكرية في رفح. ونفى وزير الخارجية المصري سامح شكري ذلك منذ ذلك الحين.

وقال فابياني: «من الواضح تمامًا أن تعليق اتفاق السلام أو إسقاطه سيكون خطوة بعيدة جدًا بسبب التداعيات الجيوسياسية والاقتصادية»، مشيرًا إلى أن اتفاق السلام لا يتضمن التعاون الأمني مع إسرائيل فحسب، بل يضمن أيضًا المساعدات الأمريكية. وأضاف: «في الوقت الحالي، تتفاوض مصر أيضًا على اتفاق دقيق للغاية مع صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي للحصول على المزيد من الأموال. وآخر ما تريده مصر هو إفساد تلك المفاوضات».

وقال إن الخيارات الرمزية لمصر للضغط على إسرائيل هي الأكثر احتمالًا. على سبيل المثال، تعليق العلاقات الدبلوماسية أو سحب السفير المصري من “إسرائيل”.

ويقدم الاجتماع الذي عقد هذا الأسبوع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، خياًرا آخر.

وقال فابياني «الاجتماع يبعث برسالة مشتركة. إنها طريقة لمصر لكي تظهر للعالم، وخاصة إسرائيل، أنها ليست معزولة وأن انتهاك الخط الأحمر المصري في رفح ليس مشكلة لمصر فقط. بل ستكون مشكلة للجميع».

واتفق جميع الخبراء على أن ما سيحدث بعد ذلك على الحدود بين مصر وغزة يعتمد في الغالب على إسرائيل.

وجاء في تقرير موجز لمجموعة الأزمات الدولية في أواخر يناير أن «الدبلوماسيين المصريين ما زالوا يشكون في أن الهدف الخفي لإسرائيل هو دفع الفلسطينيين نحو الحدود المصرية». وأضاف: «قد يحاول الفلسطينيون دخول سيناء بمحض إرادتهم إذا أدت التصرفات الإسرائيلية إلى جعل غزة غير صالحة للسكن».

وقال حسن من شركة سنشري إنترناشيونال إن هذا سيكون السيناريو الأسوأ «لأنه لن يكون حلًا تفاوضيًا: بل سيجري فرضه على مصر».

وقالت ميريت مبروك، المديرة المؤسسة لبرنامج مصر التابع لمعهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن: «لكن في تلك المرحلة، لا يوجد الكثير من الخيارات. إذا عبر الفلسطينيون الحدود، فسوف تستقبلهم مصر. ولن يبدأوا بإطلاق النار على النساء والأطفال اليائسين».

وأضافت أن السلطات المحلية في شمال سيناء تستعد لهذا الأمر منذ أشهر، حيث قامت بتجهيز أماكن الإقامة الطارئة والمساعدات الطبية في حالة الحاجة إليها. وكانت صحيفة وول ستريت جورنال قد ذكرت في وقت سابق أن مصر يمكن أن تستوعب ما يصل إلى 100 ألف شخص في المناطق الحدودية إذا لزم الأمر.

وقالت ميريت: «لا يعني ذلك أن مصر لا تستطيع استيعابهم - فالبلاد تستضيف بالفعل ملايين اللاجئين من أماكن مثل سوريا والسودان. الأمر هو أن مصر لا تريد أن تكون طرفًا في نكبة أخرى»، في إشارة إلى ما يقدر بنحو 700 ألف فلسطيني الذين نزحوا أو أُجبروا على المغادرة قبل وأثناء الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، ولم يُسمح لهم بالعودة مطلقًا.

وقال فابياني من مجموعة الأزمات الدولية إن مصر قد تكون مستعدة لاستقبال عدة آلاف من الفلسطينيين كنوع من التسوية: «لأن هذا لن يبدو سيئًا مثل مجرد الاستمرار في إبعاد الجميع، كما أنه سيساعد مصر على حفظ ماء وجهها فيما يتعلق بشعبها، الذين لديهم الكثير من التعاطف مع الفلسطينيين، ولكنهم لا يريدون أن يروا أي نوع من التهجير الدائم على غرار النكبة».

وتقول الكاتبة إن المشكلة في التنبؤ بما سيحدث بعد ذلك في رفح هي، كما خلصت ميريت مبروك، أن «كل هذا يتوقف على ما سيفعله الإسرائيليون بعد ذلك - ولا أحد يحاسبهم حقًا. الجميع مجرد رد فعل».

الموضوع التالي ديلي ميل: بدء محاكمة جديدة لقتلة الباحث الإيطالي ريجيني في القاهرة
الموضوع السابقريسبونسبل ستيت كرافت: هل تعلق مصر اتفاقيات كامب ديفيد؟