ذا هيل: ثلاثون مليون مصري يصرخون من أجل الديمقراطية. لا تتخلوا عنهم الآن

خلاصة

دعا الكاتب الأمريكي ديفيد سوبر واشنطن لدعم الشعب المصري المطالب بالديمقراطية، مشيرًا إلى ما وصفه بخروج 30 مليون متظاهر قبل عشر سنوات من أجل الديمقراطية والتي استغلها السيسي وسحق مطالب شعبه، متبنيًا فكرة أن رواية المتعاطفين مع الإخوان وكذلك رواية أنصار السيسي كلاهما غير دقيق، وأن الضحية هي ملايين المصريين...

نشر موقع ذا هيل الأمريكي مقالًا للكاتب ديفيد سوبر يدعو فيه الولايات المتحدة لعدم التخلي عن المطالبين بالديمقراطية في مصر. 

ويشير الكاتب في بداية مقاله إلى أن هذا الشهر يصادف الذكرى العاشرة لإنجاز هائل في مسيرة الديمقراطية: عندما نزل ثلاثون مليون شخص إلى شوارع مصر للمطالبة بإنهاء الاستبداد والفساد.

ومع ذلك، مُحي ثلاثون مليون ديمقراطي شجاع في مصر من الذاكرة الجماعية وجرى تجاهل رسالتهم.

وبحسب ما يرى الكاتب، فقد هيمنت على التعليق على هذه الذكرى السنوية العاشرة روايتان، لم تكن أي منهما دقيقة تماما. أولئك المتعاطفون مع الإخوان المسلمين والإسلام السياسي والذين يشجبون الإطاحة العسكرية بأول رئيس منتخب في التاريخ المصري. ورواية القريبين من نظام الجنرال عبد الفتاح السيسي في مصر والذين يشيرون إلى النزعات الاستبدادية والمعادية للديمقراطية لجماعة الإخوان المسلمين عندما تولت السلطة، والذين يصورون السيسي كمنقذ وطني.

وما لم نخترق هذه الروايات، فلن نسمع أبدًا الرسالة الحكيمة والجميلة التي حاول الشعب المصري إيصالها. وهذه الرسالة مهمة، لأنها يمكن أن تحول العالم حرفيًا إلى عالم أكثر حرية وأمانًا وازدهارًا، وفقًا للكاتب.

تبدأ الروايتان عن أحداث يونيو ويوليو 2013، مثل كل جدل تقريبًا في العالم العربي، من فرضية خاطئة مفادها أن هناك قوتين سياسيتين فقط: الاستبداد العلماني والإسلاموية السياسية. ويصر المدافعون عن الطغاة على أن أيديهم القوية فقط هي التي تنقذنا من ويلات التطرف الإسلامي. ويتظاهر كلا الجانبين بأنه لا أحد في المنطقة يفضل المثل الديمقراطية العلمانية التي نعتز بها لأن تلك المثل تشكل تهديدًا مميتًا لكل من الاستبداد والإسلام السياسي.

جمعت ثورة 2011 ضد دكتاتور مصر القمعي حسني مبارك قطاعًا واسعًا من المجتمع المصري: الطلاب والنقابيون والديمقراطيون العلمانيون وأتباع جمال عبد الناصر أو أنور السادات ومجموعة منتقاة من الجماعات الإسلامية. وعندما أجبر الشعب مبارك على التنحي عن السلطة، تدخل الجيش ووعد بالإشراف على الانتقال إلى الحكم الديمقراطي.

ويلفت الكاتب إلى أن هذه الحكومة العسكرية، مثل مبارك من قبلها، سعت للحصول على دعم غربي من خلال التحذير من مخاطر الإسلام السياسي. ومع ذلك، فقد انضمت محليًا إلى جماعة الإخوان المسلمين لقمع التهديد الحقيقي: الديمقراطيون العلمانيون. وعندما أجرت انتخابات رئاسية، استبعدت جميع المرشحين الديمقراطيين العلمانيين الموثوق بهم، مما سمح فقط بالاختيار بين الجنرالات وأنصار الجنرالات والإسلاميين. وبالنظر إلى هذا الاختيار غير الجذاب، اختار الناخبون بفارق ضئيل محمد مرسي من جماعة الإخوان المسلمين.

وبدلًا من العمل مع الديمقراطيين العلمانيين لتوطيد الديمقراطية المصرية، حاول الإخوان ترسيخ هيمنتهم في الحكومة، وتلاعبت بقوائم الناخبين، وحاولت تحريف انتخابات مجلس الشيوخ بالبرلمان، واعتدت على المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية واعتقلتهم. وبالغوا  في التفويض المحدود الذي حصلوا عليه في انتخابات لم تكن حرة أو نزيهة، على حد قول الكاتب.

وبعد عام، سئم الشعب المصري. ونزل ثلاثون مليونًا إلى الشوارع في جميع أنحاء البلاد، مطالبين بتنحي مرسي والإخوان والموافقة على انتخابات حرة ونزيهة. وكانت هذه بالتأكيد واحدة من أكبر المظاهرات العامة حول أي قضية في أي مكان في تاريخ البشرية. 

وقال الكاتب إن انتفاضة سلمية قام بها أكثر من ثلاثين مليون شخص في مصر شديدة التدين ضد الإسلام السياسي كان من الممكن وينبغي أن تجعل هذه الحركة واهية. وإذا تمكن الشعب المصري من إقامة ديمقراطية علمانية، فسيُقوّض الطغاة والإسلاميون في جميع أنحاء المنطقة.

ومع ذلك، سرعان ما جرى إحباط ما كان يجب أن يكون إحدى اللحظات المشرقة للديمقراطية في تاريخ العالم عندما استغل الجنرال السيسي الغضب الشعبي لقيادة انقلاب عسكري ضد مرسي.

ويضيف الكاتب أن الولايات المتحدة لم تبرئ نفسها بشكل جيد. فبدلًا من دعم وتضخيم مطالب الشعب المصري بالديمقراطية الحقيقية، غير المقيدة بالدين أو الاستبداد، كانت واشنطون مترددة؛ فقد وعدت واشنطن مرسي في البداية بدعم تفويضه لكنها رضخت بسرعة لاستيلاء السيسي على السلطة. لو تبذل واشنطن الكثير من الجهد للضغط على السيسي لإجراء انتخابات حرة وبالكاد لاحظنا مذابحه لآلاف الرجال والنساء والأطفال السلميين الذين يتظاهرون من أجل الديمقراطية، أو اعتقالاته الجماعية وتعذيب المعارضين الديمقراطيين العلمانيين.

ويرى الكاتب أن مصر اليوم تهدر إمكاناتها الديمقراطية والاقتصادية الهائلة. ويبدو أن السيسي مصمم على الحكم مدى الحياة، ويسحق نظامه جميع علامات المعارضة، وقد سعى حتى إلى مساعدة الغزو الروسي الوحشي لأوكرانيا. وفي غضون ذلك، أدى الفساد وسوء الإدارة ومشاريع التباهي التي يتبناها السيسي إلى تدمير الاقتصاد.

الشعب المصري يستحق الأفضل؛ ويجب أن تتوقف واشنطن عن دعم السيسي، وعليها نجعل كل المساعدات مشروطة بالإفراج عن جميع المعارضين، واستعادة الصحافة الحرة، والانتخابات النزيهة التي قد يخوضها الديمقراطيون العلمانيون.

ويختم الكاتب مقاله بالقول إن الشعب المصري قد يكون قدوة للعالم إذا سمحنا له بذلك.

الموضوع التالي مدى مصر: إعلان الخصخصة سابق لأوانه، وتعثر الصفقات بسبب المفاوضات لتفادي مخاوف المستثمرين بشأن قيمة العملة الأجنبية
الموضوع السابقالتاسعة – يوسف الحسيني – حلقة الأحد 16-07-2023