مخلص الحلقة:

شهدت حلقة «على مسئوليتي» مع الإعلامي أحمد موسى مناقشة عدة ملفات بارزة، بدأت برصد تدهور الأوضاع في منطقة الشيخ زايد من انتشار القمامة والباعة الجائلين وسوء حالة الطرق، وهو ما تبعته استجابة فورية من رئيس الوزراء بتوجيهات عاجلة لبدء التطوير. كما تناول موسى تطور الصناعة المصرية وانتشارها عالميًا، كاشفًا عن شرائه منتجات من لندن اتضح أنها «صنع في مصر»، مؤكدًا قوة الصناعة الوطنية. ودعا كذلك إلى رفع رسوم التأشيرة السياحية باعتبار أن الخدمات المقدّمة داخل مصر تضاهي الدول الكبرى.

كما حذر موسى من الشائعات مستعرضًا تجارب الخليج في مواجهتها، مطالبًا باستبدال الحبس بالغرامة لمروّجي الأكاذيب مع تأكيده أن حرية التعبير متاحة ما دامت لا تتضمن معلومات مضللة. وناقش تفاصيل محاضرة أحمد أبو الغيط حول التحولات الدولية واحتمالات حرب باردة جديدة، وصعود الصين، وتراجع صورة إسرائيل في الغرب، ومستقبل القضية الفلسطينية، إضافة إلى مخاطر الذكاء الاصطناعي وضرورة وضع تشريع دولي ينظّم استخدامه، مع إبراز دور مصر ودول الخليج في هذا المجال.

مضامين الفقرة الأولى: تحرك عاجل من رئيس الوزراء بعد عرض أزمة الشيخ زايد

عرض الإعلامي أحمد موسى مقاطع مصوّرة حديثة وصلته من سكان مدينة الشيخ زايد تُظهر تراجعًا ملحوظًا في مستوى النظافة، من انتشار أكوام القمامة ومخلفات البناء في الشوارع إلى ازدحام المناطق الحيوية بالباعة الجائلين، معتبرًا أن «الوضع أصبح غير مقبول» في مدينة تُعد من أهم المناطق العمرانية وأكثرها جذبًا للسكان والمستثمرين. وأوضح أن الأهالي قدموا شكاوى متكررة خلال الفترة الأخيرة، ليوجّه موسى مناشدة مباشرة لرئيس مجلس الوزراء بالتدخل، وجاءت الاستجابة سريعًا بتوجيهات من الدكتور مصطفى مدبولي إلى وزير الإسكان شريف الشربيني لبدء خطة عاجلة تشمل رفع المخلفات وتطهير الشوارع، وتنظيم الحركة التجارية والتعامل مع الباعة الجائلين، وإعادة تقييم منظومة النظافة وفق جدول زمني واضح. وبحسب مصادر تنفيذية نقل عنها موسى، انتشرت المعدات وفرق النظافة ليلًا وبدأ تنفيذ خطة التطوير تحت متابعة مباشرة من رئاسة مجلس الوزراء، في استجابة وصفها موسى بأنها «الأسرع منذ أشهر.

مضامين الفقرة الثانية : حرية التعبير وحدود الشائعة

انتقل موسى بعدها إلى مناقشة حرية التعبير في المشهد الإعلامي المصري، مشددًا على أن النقد أصبح «أمرًا مشروعًا ومتاحًا للجميع» طالما يهدف إلى الإصلاح ولا يتضمن معلومات مضللة أو إساءة للمؤسسات. وأوضح دوره داخل نقابة الصحفيين خلال السنوات الماضية، حيث شارك في مناقشات طالبت بإلغاء الحبس في أغلب قضايا النشر، مشيرًا إلى أن الرئيس الأسبق حسني مبارك استجاب لهذه المطالب عام 2006 وتم تعديل القانون بما يسمح بتوسيع مساحة التعبير. كما أكد أن الدولة لا تُضيّق على الرأي العام ولا تمنع النقاش، مستشهدًا بتصريحات رئيس مجلس الوزراء حول حرص الحكومة على الشفافية وتوضيح الحقائق في القضايا المثيرة للجدل.

ورغم ذلك، ميّز موسى بين النقد المشروع والشائعة المتعمدة، قائلًا: «انتقاد الحكومة حقك… إنما نشر الأكاذيب جريمة تضر 105 مليون مواطن»، مطالبًا بتحديث القوانين وفرض غرامات مالية رادعة على من ينشر أو يروّج معلومات مفبركة بهدف إرباك الرأي العام.

تجارب عربية ناجحة في التصدي للشائعات

استعرض موسى تجارب ثلاث دول عربية—الإمارات وقطر والكويت—في مكافحة الشائعات، موضحًا أنها استعانت بمنظومات إلكترونية متطورة ترصد المحتوى المضلل لحظة صدوره وتتعامل معه بسرعة ضمن آليات قانونية واضحة، كما تعتمد على مرصد رقمي يتابع حركة المحتوى على منصات التواصل، وحملات توعية تستهدف الشباب والإعلاميين والجمهور العام، وتشريعات صارمة تصل غراماتها إلى عشرات الآلاف من الدولارات، إضافة إلى تعاون مستمر بين الجهات الأمنية والإعلامية لتدقيق المعلومات وملاحقة الحسابات المضللة. وأكد موسى أن هذه التجارب تبرز أهمية «منظومة متكاملة» تجمع بين التكنولوجيا والقانون والإعلام، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك بنية قوية في هذا المجال لكنها تحتاج إلى سرعة أكبر في الرد ورفع مستوى التوعية الرقمية.

مضامين الفقرة الثالثة: الصناعة المصرية تغزو المتاجر العالمية

استعرض الإعلامي أحمد موسى تقريرًا حول تطور الصناعة المصرية خلال السنوات الأخيرة، مؤكدًا أن المنتجات المحلية أصبحت تنافس بقوة في الأسواق العالمية، سواء في الدول العربية والأفريقية أو في أوروبا وأمريكا. وروى تجربة شخصية خلال زيارة إلى لندن، حيث اشترى منتجات من متاجر عالمية شهيرة دون أن ينتبه لبلد المنشأ، ليفاجأ لاحقًا بأنها «صنع في مصر»، معتبرًا أن ذلك يعكس جودة المنتج المصري وقدرته على دخول سلاسل التوريد الدولية، إضافة إلى ارتفاع سعره في الخارج مقارنة بالسوق المحلي بما يؤكد تنافسيته. كما أوضح أن المنتجات المصرية في قطاعات الملابس الجاهزة والصناعات الجلدية والأجهزة المنزلية وبعض الصناعات التكنولوجية أصبحت حاضرة في متاجر أمريكية وأوروبية كبرى وتباع بأسعار تصل إلى ثلاثة أضعاف سعرها داخل مصر.

وأشار موسى إلى أن الدولة دعمت الصناعة عبر التوسع في المدن الصناعية الجديدة، وتقديم تسهيلات للمستثمرين، ودعم برامج رد الأعباء للتصدير، وتحسين البنية اللوجستية والموانئ، مؤكدًا أن أغلب الماركات العالمية باتت متوفرة داخل مصر بأسعار تنافسية نتيجة اتساع السوق المحلي وتطور سلاسل الإمداد وحرص الشركات الأجنبية على تعزيز وجودها في أحد أكبر أسواق الشرق الأوسط.

مضامين الفقرة الخامسة: رسوم السياحة… ضرورة الرفع لتحقيق العدالة مع الخدمات المقدمة

انتقل موسى خلال الحلقة إلى ملف السياحة، متناولًا مقترح رفع رسوم دخول السائحين إلى مصر، موضحًا أن النقاش حول الرسوم يأتي ضمن رؤية أشمل تهدف إلى تحسين موارد الدولة دون التأثير على تدفق السياح. وأشار إلى أن السائح الذي يزور مصر ينفق في المتوسط آلاف الدولارات خلال رحلته على الفنادق والتنقلات والأنشطة الترفيهية، وأن رفع رسوم التأشيرة إلى ما بين 100 و120 دولارًا يعد رقمًا متواضعًا مقارنة بعدد من الدول التي تفرض رسومًا أعلى، خاصة تلك التي تمتلك شواطئ ومنتجعات مشابهة لمصر.

وأكد موسى أن مصر تقدم خدمات سياحية متقدمة تشمل فنادق فاخرة تنافس العالمية، ومطارات مطورة، ومتاحف حديثة، ومزارات أثرية فريدة،الخ... واشار  إلى أن منطقة 6 أكتوبر أصبحت من أسرع المناطق نموًا سياحيًا بفضل افتتاح متاحف جديدة وفنادق ذات تصنيف دولي ومناطق ترفيهية تستقطب السياح والمصريين، مشددًا على أن رفع الرسوم يهدف لتحقيق التوازن بين حجم الخدمات المقدمة والعائد السياحي، خاصة مع الارتفاع العالمي في أسعار الخدمات السياحية.

مضامين الفقرة السادسة: محاضرة أحمد أبو الغيط حول مستقبل النظام الدولي

 قدم الإعلامي أحمد موسى فقرة موسعة لمحاضرة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، التي ألقاها أمام الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي تحت عنوان «التطورات العالمية وانعكاساتها على المنطقة».

المحاضرة قدمت رؤية شاملة لمستقبل النظام الدولي، والتحولات العميقة التي يشهدها العالم على مستوى السياسة والاقتصاد والأمن والتكنولوجيا، وكيف ستنعكس تلك التغيرات على الشرق الأوسط والعالم العربي.

 صراع الأقطاب واقتراب حرب باردة جديدة

تحدث أبو الغيط في محاضرته عن أن العالم يوشك على دخول مرحلة جديدة تشبه «الحرب الباردة الثانية»، لكنها هذه المرة لا تقتصر على الولايات المتحدة وروسيا كما كان الحال في القرن الماضي، بل تضم طرفًا ثالثًا صاعدًا بقوة: الصين، مشيرًا إلى أن واشنطن تواجه تحديًا غير مسبوق يتمثل في الصعود المتسارع للصين التي أصبحت تمتلك قدرات اقتصادية وتكنولوجية وعسكرية تهدد الهيمنة الأمريكية التقليدية.

وأضاف أن روسيا—رغم امتلاكها نحو 5500 رأس نووي—تعاني من نقاط ضعف هيكلية أبرزها محدودية حجم اقتصادها مقارنة بالقوى الكبرى، مؤكدًا أن التنافس بين واشنطن وبكين وموسكو لم يعد يقتصر على النفوذ العسكري أو السياسي فقط، بل أصبح يشمل التكنولوجيا، والفضاء الإلكتروني، وسلاسل الإمداد العالمية، وتأمين الموارد الحيوية.

«البريكس»… تحالف دولي برؤية جديدة

توقف أبو الغيط عند تطور مجموعة البريكس، مؤكدًا أن انطلاقها جاء بدعم واضح من الصين وروسيا لخلق تكتل اقتصادي وسياسي يوازن النفوذ الغربي، مشيرًا إلى أن توسع المجموعة خلال السنوات الأخيرة وانضمام دول عربية مؤثرة مثل السعودية والإمارات يعكس رغبة عالمية في إعادة تشكيل موازين القوى الاقتصادية، ومؤكدًا أن صعود البريكس ليس مجرد تحرك اقتصادي بل مشروع طويل الأمد لإعادة صياغة النظام المالي الدولي، خاصة مع توجه بعض دوله لتقليل الاعتماد على الدولار في التجارة البينية.

إسرائيل تدفع ثمن سياساتها… والدولة الفلسطينية «قادمة»

خصص أبو الغيط جزءًا مهمًا من محاضرته للحديث عن الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، مؤكدًا أن إسرائيل تتعرض لخسائر كبيرة في صورتها الدولية، خاصة داخل المجتمعات الغربية، بعد الأحداث الأخيرة وما خلفته من انتهاكات موثّقة في الأراضي الفلسطينية.

وأوضح أن التحول في الرأي العام الغربي أصبح واضحًا، وأن الجامعات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني في أوروبا والولايات المتحدة تشهد اليوم مواقف أكثر صراحة في إدانة السياسات الإسرائيلية.

وقال أبو الغيط إن قيام الدولة الفلسطينية مسألة وقت، مضيفًا: «إذا لعب الفلسطينيون بحكمة، فإن الدولة الفلسطينية قادمة لا محالة».

وأشار إلى أن المتغيرات الدولية والإقليمية تُهيئ البيئة السياسية المناسبة لدفع هذا الملف قدمًا.

 السادات… رؤية عبقرية جمعت بين الحرب والدبلوماسية

أشاد أبو الغيط بالرئيس الراحل محمد أنور السادات، معتبرًا أنه واحد من أكثر القادة العرب قدرة على الدمج بين القوة العسكرية والعمل الدبلوماسي.

وأوضح أن قرار خوض حرب أكتوبر ثم التوجه مباشرة نحو مسار السلام عكس «عبقرية سياسية غير مسبوقة»، لأن السادات فهم مبكرًا كيف تتغير موازين القوى في العالم.

وأكد أن كثيرًا من القادة اليوم يحتاجون إلى فهم مشابه للواقع الدولي، وعدم الاكتفاء بالقرارات الانفعالية أو القصيرة المدى.

الجامعة العربية… ضرورة الحفاظ على الإطار الإقليمي الجامع

اختتم أبو الغيط محاضرته بالتأكيد على أهمية الحفاظ على الجامعة العربية كمنصة مشتركة لتنسيق المواقف الإقليمية، خاصة في ظل الاضطرابات الدولية الحالية.

وقال إن التحديات المقبلة—من التحولات الجيوسياسية إلى التكنولوجيا والاقتصاد—تتطلب موقفًا عربيًا موحدًا، وأن الجامعة العربية رغم ما تتعرض له من انتقادات «تبقى الإطار الوحيد القادر على جمع الإرادة العربية في لحظة عالمية مضطربة».