المقاومة الشعبية والملف الأمني يقفان أمام مطالب إسرائيلية تعجيزية: قراءة في تعقيدات السلام السوري–الإسرائيلي وفرص الاستثمار

ملخص الحلقة:

تناول الإعلامي كمال ماضي تعقيدات المسار السوري–الإسرائيلي في ظل التوترات الأمنية المستمرة والمصالح الغربية المتباينة. مع خبراء وسياسيين، تحولات المواقف الغربية تجاه سوريا بعد رحيل النظام السابق، حيث بدا أن واشنطن والاتحاد الأوروبي أكثر مرونة وداعمين لإعادة إعمار الدولة وفتح فرص استثمارية، خصوصًا بعد اقتراب الكونغرس الأمريكي من إلغاء قانون قيصر. ومع ذلك، يظل الواقع الميداني مختلفًا، إذ تستمر الانتهاكات الإسرائيلية في الجنوب وريف دمشق والقنيطرة ودرعا، مع توغلات جوية وبريّة وانتهاك اتفاق فض الاشتباك لعام 1974، ما جعل سوريا تواجه تحديات في الحفاظ على سيادتها واستقرارها الداخلي، خاصة في ملف الأقليات والتحقيقات القضائية والعدالة الانتقالية.

وفيما يتعلق بالمسار السوري–الإسرائيلي، كشف الخبراء عن تعثر المفاوضات الأمنية رغم الجهود الأمريكية، مع رفض دمشق لمطالب إسرائيلية اعتبرتها تعجيزية، مثل إقامة منطقة عازلة، وأشار الدكتور شاهر الشاهر إلى أن المقاومة الشعبية والملف الأمني الداخلي يمثلان عقبة أمام أي اتفاق، بينما ربطت إسرائيل تحركات الجيش السوري وعبور الحواجز بمحاولة تصوير تهديدات للمستوطنات، وفق ما أوضحه الدكتور نظير ميجلي. وأكد الخبراء أن نتنياهو رفض توقيع الاتفاق الأمني في سبتمبر 2025، معتمدًا على مصالحه وتنسيق جزئي مع ترامب، ما يجعل فرص السلام مرهونة بحل الملف الأمني وتعاون دولي يضمن استقرار الحدود وفتح الطريق أمام الاستثمارات الأمريكية والأوروبية في سوريا.

مضامين الفقرة الأولى: تحولات غربية في المشهد السوري بين دعم معلن وسلام معلّق

استهلّ الإعلامي كمال ماضي حديثه بالإشارة إلى احتفاء السوريين بمرور عام على رحيل النظام السابق، وهي مناسبة اعتبرتها واشنطن بداية مرحلة أكثر سلمًا وازدهارًا لسوريا. غير أن هذا التفاؤل يصطدم بواقع ميداني متوتر، حيث تتواصل الانتهاكات الإسرائيلية من مداهمة منازل واعتقال سوريين وتحليق طائرات حربية وتوغلات في ريف القنيطرة ودرعا وريف دمشق، في خرق لاتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974. هذا المشهد دفع وزير الخارجية السوري للمطالبة باللجوء إلى الطرق القانونية للرد، في ظل حديث أمريكي متكرر عن «سلام» لا ينعكس على الأرض.

وأشار ماضي إلى تصريحات لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي حول "فرصة سلام غير مسبوقة" عقب تواصل سوري–إسرائيلي يهدف لبحث اتفاق أمني، وهو ما نفاه رئيس وزراء الاحتلال تمامًا. وبينما تبرز مؤشرات على توجه أمريكي وأوروبي لفتح صفحة جديدة مع دمشق، مع استعدادات لاستثمارات وإعادة إعمار، يؤكد وزير الخارجية السوري أن احترام السيادة هو المدخل الحقيقي لأي تسوية. وعرض البرنامج تقريرًا كشف تحوّلًا لافتًا في مواقف دول غربية، أبرزها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث أعلن وزير الخارجية الأمريكي دعمه لمسار الانتقال السياسي، واقترب الكونغرس من إلغاء قانون قيصر بما يمهد لفتح الباب أمام الاستثمارات بعد سنوات من العقوبات.

ورغم هذا الانفتاح الغربي، يبقى المشهد المرتبط بإسرائيل أكثر تعقيدًا، بعد إعلان رئاسة الوزراء الإسرائيلية أن الاتصالات مع دمشق لم تصل إلى مستوى التفاهمات، على الرغم من مقترحات سابقة بإنشاء منطقة عازلة تمتد من دمشق إلى الجولان المحتل، وهي فكرة رفضتها سوريا بشكل قاطع. واتهم الرئيس السوري المؤقت أحمد الشارع إسرائيل بتصدير الأزمات، مؤكدًا أن المجتمع الدولي يدعم مطالب سوريا بانسحاب إسرائيل من الأراضي السورية المحتلة، ما يعكس اتساع الهوة بين الطرح الغربي المتفائل والواقع الإقليمي المتوتر.

مضامين الفقرة الثانية: واشنطن أكثر مرونة وتل أبيب أكثر تشددًا… بين رفع قيصر وتعقيدات السلام السوري-الإسرائيلي

بدأ الإعلامي كمال ماضي بسؤال حول دلالات اقتراب الكونغرس من إلغاء عقوبات قانون قيصر، حيث وصف الدكتور كمال عبدو هذه الخطوة بأنها إنجاز مهم لإعادة العلاقات السورية–الأمريكية إلى مسار متوازن، يمهّد لإعادة بناء الدولة بعد سنوات من العقوبات. وشرح عبدو أن دمشق تسعى لسياسة خارجية متوازنة بين الشرق والغرب مع انفتاح أكبر على واشنطن وبروكسل بسبب عجز موسكو وبكين عن تلبية الاحتياجات الاقتصادية. لكنه أكد أن أي دعم غربي لن يكون بلا مقابل، وأن مفاوضات السلام مع إسرائيل تشهد مطالب قاسية مثل المناطق منزوعة السلاح في الجنوب والجولان، إضافة إلى ضغوط سياسية وأمنية واسعة. كما تناول عبدو قضية حقوق الأقليات، معتبرًا أنها مطلب وطني قبل أن تكون أمريكية، لكنه أشار إلى أن اهتمام واشنطن بالملف مرتبط بأمن إسرائيل ومصالحها، في ظل ضغوط إسرائيلية تعرقل أي تقدم رغم الدعوات لوقف الطائفية وتحقيق المساواة.

وتوقف عبدو عند ملف الانتقال السياسي، موضحًا أن واشنطن أشادت بخطوات الحكومة السورية بما في ذلك تحقيقات الساحل والجنوب والتنسيق مع قسد وضم أفراد من الجيش السابق، ما دفع الإدارة الأمريكية لمنح تقييم إيجابي لسوريا الجديدة. ورأى أن خروج سوريا من النفوذ الروسي والإيراني يُعد مكسبًا للغرب، وأن دمشق عرضت فرصًا استثمارية في النفط والغاز. لكنه أكد أن هذه الاستثمارات لن تنطلق إلا بعد اتفاق أمني مع إسرائيل، فيما تواصل تل أبيب حشد قواتها في الجولان وتنفيذ غارات على معظم المحافظات، في وقت لم تصل الاتصالات الأمريكية–السورية إلى تفاهمات واضحة. واعتبر أن العدالة الانتقالية لا تزال تواجه عقبات تشريعية وقضائية، رغم تقدم لجان التحقيق في بعض المناطق، متوقعًا تطورًا أكبر عند تحسن الظروف السياسية.

وانتقل ماضي إلى برلين محاورًا الباحث طارق حمو، الذي قال إن الموقف الأمريكي من رفع عقوبات قيصر إيجابي نسبيًا بعد استقبال الرئيس الانتقالي أحمد الشرع وتعيين مبعوث خاص، لكنه ما يزال مرتبطًا بتوازنات داخلية في واشنطن وبالتطورات السورية. وأوضح أن موقف إسرائيل أكثر تشددًا، إذ نفذت مئات الغارات وطالبت بجنوب منزوع السلاح وتدخلت في ملفات السويداء، وهي شروط وصفها بالقاسية مقارنة بالموقف الأمريكي الأكثر مرونة. وشدد حمو على أن حقوق الأقليات شأن داخلي يُحل بالحوار بين دمشق والأطراف المحلية، محذرًا من استغلال القوى الخارجية لهذه الملفات لتعزيز الضغط على سوريا. ورأى أن استقطاب الاستثمارات الأمريكية ممكن، لكن نجاحه يتوقف على توحيد الجبهة الداخلية، وإنجاز لجان التحقيق، وتعزيز قدرة الدولة على مواجهة الضغوط الإسرائيلية التي تبقى العقبة الأكبر أمام أي تسوية أو استثمار مستقبلي.

مضامين الفقرة الثالثة: تعثر المفاوضات وتوسع الاحتلال… تقارير دولية تكشف تعقيدات المسار السوري-الإسرائيلي

نقلت جولة الصحافة عن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، وفق صحيفة جيروزالِم بوست، قوله إن محادثات الأمن في الشرق الأوسط تعثرت بسبب ما وصفه بـ"مطالب جديدة" رفعتها سوريا، مؤكدًا أن إسرائيل ترغب في التوصل لاتفاق لكنها أصبحت "أبعد عن ذلك مما كانت قبل أسابيع". وفي تقرير ل ـThe Times of Israel، كشفت الصحيفة أن مفاوضات مطوّلة جرت بوساطة أمريكية، وكان مخططًا توقيع اتفاق أمني مكتوب خلال اجتماعات الأمم المتحدة في سبتمبر 2025، بعدما توصّل الطرفان إلى صيغة نهائية قبل السفر إلى نيويورك. لكن نتنياهو رفض التوقيع في اللحظة الأخيرة، فيما برز خلاف آخر حول رفض دمشق مطلبًا إسرائيليًا بفتح ممر إنساني إلى السويداء بحجة حماية الدروز، وهو ما اعتبرته سوريا انتهاكًا لسيادتها، بينما نفى نتنياهو هذه الرواية.

أما صحيفة الجارديان البريطانية فركّزت على مرور عام على دخول القوات الإسرائيلية جنوب سوريا وعبورها المنطقة العازلة التابعة للأمم المتحدة، مؤكدة أن الاحتلال ما يزال قائمًا مع تصاعد الغارات على بلدات سورية عدة. وأشارت إلى أن اجتياح بلدة بيت جين في نهاية نوفمبر الماضي أدى إلى مقتل ثلاثة عشر سوريًا، بينهم طفلان، فيما عبّر السكان عن شعورهم بأنهم انتقلوا من "استبداد الأسد" إلى احتلال عسكري مباشر، حيث تدير القوات الإسرائيلية نقاط التفتيش وتنفذ مداهمات ليلية وتشدد عمليات تفتيش الهواتف، ما يعكس واقعًا يوميًا أكثر قسوة وتوترًا في الجنوب السوري.

مضامين الفقرة الرابعة: تعثر التفاهمات السورية–الإسرائيلية: المقاومة الشعبية والملف الأمني يقفان أمام مطالب نتنياهو الاستثمارية

تناول الدكتور شاهر الشاهر أسباب تعثر التفاهمات بين دمشق وتل أبيب من زاوية الداخل السوري، موضحًا أن الشارع لم يكن مقتنعًا منذ البداية بإمكانية إنجاز اتفاق، رغم الضجة الإعلامية التي رافقت المفاوضات. واعتبر أن السوريين، بخبرتهم الطويلة مع مسارات التفاوض منذ أوسلو، يرون أن إسرائيل ليست بصدد صنع سلام حقيقي، خصوصًا في مرحلة تعتبر فيها سوريا دولة ضعيفة. كما أشار إلى تحرك تل أبيب وفق مخطط معلن منذ عام 2016 يقوم على تقسيم سوريا إلى أربع مناطق، مستشهدًا بتطورات ملف السويداء ومحاولة فرض واقع جغرافي جديد عبر ما يسمى بـ"الممر الإنساني" أو "ممر داوود".

وأوضح الشاهر أن التصعيد الإسرائيلي الأخير مرتبط بإرسال دمشق قوات إلى دير الزور للضغط على قوات سوريا الديمقراطية قبل انتهاء اتفاق العاشر من آذار، فيما تعمل إسرائيل على إشغال سوريا جنوبًا وشمالًا عبر التحريض على الأقليات وافتعال اضطرابات. وأكد أن تجاوب قوات الأمن السورية عند حاجز إسرائيلي وضع الحكومة في موقف حساس وكاد يقود إلى مواجهة واسعة، ما أدى إلى بروز مقاومة شعبية. وشدد على أن الضغط الأمريكي وحده غير كافٍ، وأن مطالب إسرائيل تتجاوز المقبول، معتبرًا أن إلغاء قانون قيصر يمثل خطوة مركزية لإعادة الإعمار، في وقت ترى فيه واشنطن سوريا فرصة اقتصادية ضخمة تريد احتواءها عبر الاستثمار.

وأشار الشاهر إلى وجود إرادة دولية واضحة لإعادة إعمار سوريا، مع دخول شركات أمريكية في قطاعات النفط والغاز، وشركات بريطانية في الطاقة البديلة، إضافة إلى استثمارات في ميناءي طرطوس واللاذقية ومطار دمشق الدولي، مؤكدًا أن سوريا قادرة على استيعاب مئات المليارات من الاستثمارات. ولفت إلى أن تدفق هذه الاستثمارات مرهون بحل الملف الأمني وضبط قواعد الاشتباك مع إسرائيل، إذ أن رأس المال لا يدخل دون ضمانات واضحة. وكشف أن اتفاقًا أمنيًا مكتوبًا كان جاهزًا للتوقيع في سبتمبر 2025 لكن نتنياهو رفضه في اللحظة الأخيرة، معتبرًا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يريد السلام ويضع مطالب تعجيزية، خصوصًا المتعلقة بمنطقة عازلة تشمل ثلاث محافظات.

أما الدكتور نظير ميجلي، فاستعرض المشهد الأمني في الجولان وشروط إسرائيل للتفاهمات الأمنية مع دمشق، موضحًا أن عبور قوات الأمن السورية قرب نقطة إسرائيلية كان تحركًا طبيعيًا، بينما الوجود العسكري الإسرائيلي في المنطقة غير طبيعي. وقال إن إسرائيل استغلت المشهد لإظهاره كتهديد وربطته بهجوم 7 أكتوبر، رغم أن الرواية الإسرائيلية تغيرت فجأة من «حدث عادي» إلى «خطر». وشرح ميجلي العقيدة الأمنية الجديدة لإسرائيل التي تضم ثلاث دوائر، أبرزها حزام أمني خالٍ من السلاح ومنطقة عازلة من دمشق إلى درعا، مشيرًا إلى اشتراط تل أبيب بقاءها محتلة لتسع مناطق في الشرق والغرب الجولاني ورفض دمشق لذلك. وبيّن أن فشل "ممر داوود" يعود لتمسك الأكراد والدروز بالوحدة الوطنية، لافتًا إلى أن نتنياهو يتحكم بالمشهد السياسي الداخلي وسيوقع فقط ما يريده ترامب، دون الإضرار بالمصالح الأمريكية.

الموضوع التالي إسرائيل تُصعّد في كل الاتجاهات … و جواد ظريف يتهم العرب بخيانة فلسطين
الموضوع السابقمن مواجهة الشائعات إلى استصلاح الأراضي والمونوريل: رؤية شاملة للحكومة والمشاريع القومية