إسرائيل توداي: لماذا تلجأ الحكومات العربية إلى شماعة «الجندي المختل» عند قتل إسرائيليين
ناقش تقرير نشرته صحيفة إسرائيل توداي الدوافع الحقيقية التي تدفع جنودًا من دول عربية لديها علاقات سلام مع إسرائيل لقتل إسرائيليين وتيخلص التقرير إلى أن تصوير هؤلاء الأفراد على أنهم جنود مختلين نفسيًا مصمم للتملص من الأسئلة الشائكة حول الدوافع الأيديولوجية ومسؤولية الدولة.
نشرت صحيفة إسرائيل توداي تقريرًا للكاتب ياكوف لابي يستعرض ما وراء لجوء الحكومات العربية لشماعة الجندي المختل نفسيًا لتبرير تصرفات قواتها المفاجئة وغير المألوفة.
يشير الكاتب في مستهل تقريره إلى أن حوادث مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين على يد جندي مصري من قوات حرس الحدود في 3 يونيو، وإطلاق النار في 9 مايو على جزيرة جربة المتوسطية، عندما قتل حارس بحري تونسي ثلاثة أشخاص (يهوديان، أحدهما إسرائيلي، والثالث زميل) وأصاب عشرة، تدخل ضمن فئة ظاهرة إرهاب «الذئب المنفرد»، لكن لدى تلك الحوداث أيضًا سمات فريدة، وفقًا لمسؤول دفاعي إسرائيلي سابق.
شماعة الجندي المضطرب نفسيًا
وفقا للعقيد المتقاعد شاؤول شاي، الذي شغل منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي وهو اليوم باحث أول في المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب، يتمثل أحد الاختلافات الرئيسة في أنه في حالة الجنود المارقين الذين يستهدفون الإسرائيليين واليهود، غالبًا ما لا يعترف المسؤولون بالدافع الأيديولوجي وراء الهجوم.
ويضيف شاي أنه وعندما يلقى القبض على الجنود الذين يستهدفون إسرائيل ومحاكمتهم في بلدانهم، تميل السلطات إلى اللجوء إلى مبرر الجنون.
أصبح الأفراد الذين ينفذون هجمات بمفردهم، دون أن يكونوا رسميًا جزءًا من المنظمات الإرهابية، يُعرفون باسم «الذئاب المنفردة».
وقال شاي: «هذا يعني أن الشخص يقرر شن هجوم إرهابي ويعمل بصورة مستقلة، وليس جزءًا من منظمة. لا توجد منظمة تقرر شخصية وتوقيت الهجوم. فقط المنفذ هو من يقرر ذلك. وهذه ظاهرة منتشرة للغاية للأسف».
تبرير لأسئلة إشكالة عديدة
وقال شاي: «يجيب تبرير الجندي المختل على الكثير من الأسئلة الإشكالية حول الدافع الحقيقي وراء هذه الهجمات، وأيضًا كيف لم تتمكن قوات الأمن من كشف التهديد. وهو مقاس يناسب جميع التفسيرات».
وأضاف شاي، الذي من المقرر أن ينشر ورقة بحثية حول هذا الموضوع، «في معظم الحالات التي تحققت منها، لم يكن المهاجمون مختلين ولكنهم تصرفوا بسبب التطرف الديني، وتأثروا بأحداث الصراع الإسرائيلي الفلسطيني».
ولفت إلى أن أحد الاختلافات الرئيسة بين الإرهابي من الجنود المارقين ونظيره المدني من الذئاب المنفردة هو أن الأول خضع لتدريب منظم على استخدام الأسلحة النارية.
وقال شاي: «تستخدم جميع حوادث» الجندي المختل «أسلحة نارية قياسية، عادةً كلاشينكوف، أو أم -16 في حالة الأردن، على عكس الإرهابيين من الذئاب المنفردة الذين يستخدمون عادةً مركبة أو سكينًا أو في أقلية من الحالات أسلحة نارية شبه آلية مرتجلة». ونتيجة لذلك، تميل هجمات الجنود المارقين إلى أن تكون أكثر فتكًا.
علاوة على ذلك، فإن الجنود المارقين في وضع أفضل من الإرهابيين المدنيين من الذئاب المنفردة لاختيار أهدافهم بعناية، وهم أيضًا على دراية بالروتين العملياتي على الجانب الإسرائيلي من الحدود، مما يمكنهم من تحديد الوقت الأمثل لهجماتهم، على حد قوله.
ميزة قاتلة
وأضاف شاي أن التهديد يتفاقم بسبب وقوع غالبية هذه الهجمات على الحدود السلمية.
وأوضح: «بما أن معظم هذه الهجمات تقع على حدود سلمية، فإن الجندي الإسرائيلي أو المدني يرى أفراد الأمن طوال الوقت يرتدون الزي العسكري على الجانب الآخر، ولا يعتبرونهم تهديدًا». وتابع أن هذا يعني أن المهاجمين في مثل هذه الحالات لديهم عنصر المفاجأة إلى جانبهم – وهي «ميزة قاتلة حاسمة».
وأشار إلى أن السمة المهمة الأخرى لهجمات الجنود المارقين هي تداعياتها الدبلوماسية المحتملة.
وقال: «مثل هذه الهجمات تسبب إحراجًا كبيرًا لجميع المعنيين - سواء كانت مصر أو الأردن أو إسرائيل، والتي تتطلب تفسيرات. لذلك لا بد أن تكون التداعيات أوسع مما هي عليه في حالة الأنواع الأخرى من هجوم الذئب المنفرد».
الحالة المصرية
في حالة مصر، حيث لا تزال المشاعر المعادية لإسرائيل متفشية على الرغم من معاهدة السلام، تسير قيادة البلاد بحذر، وفقًا لما قاله حاييم كورين، السفير الإسرائيلي السابق في جنوب السودان ومصر، للصحيفة العبرية.
وقال كما هو الحال مع عديد من الدول، «يمكن أن تتغير مواقف الحكومات المصرية بما يتماشى مع التحديات والفرص، وبسبب الحقائق المتغيرة». لكنه تابع: «إن تغيير الموقف الأيديولوجي المهيمن منذ سنوات يتطلب قائدًا جريئًا وقدرة على تقديم ثمار هذا التغيير».
وقال كورين إن سياسة «السلام البارد» المصرية تجاه إسرائيل نوقشت على نطاق واسع وبالتفصيل لسنوات عديدة.
وأوضح: «بعد اغتيال الرئيس المصري أنور السادات في عام 1981 على يد جندي مصري يؤيد أيديولوجية إسلامية راديكالية، اختار خليفته حسني مبارك عدم المخاطرة - مما يعني الحفاظ على السلام لصالح مصر ولكن ليس تعزيزه كثيرا، وتركه على مستوى منخفض». وأضاف أن «مبارك يعتقد أن هذا الحذر سيمكنه من بقائه السياسي».
وأردف: «في حالة الجندي المصري الذي قتل عائلة إسرائيلية من السياح في رأس بركة في سيناء عام 1985، حاول مبارك تهدئة الأمر وتملصت منه».
التملص من المسؤولية
وقال كورين إنه وفي حين عززت الحكومة المصرية العلاقات مع إسرائيل منذ أن أصبح عبد الفتاح السيسي رئيسًا في عام 2014، فإن ذلك لم يوقف مظاهر التأييد لجندي حرس الحدود الذي ارتكب هجوم 3 يونيو، والذي وصف بأنه «شهيد» بطولي. ومع ذلك، رفضت الحكومة المصرية إقامة جنازة شهيد له.
وقال إنه في أعقاب مثل هذه الحوادث، عادة ما تكون مصر مراوغة، وترفض الاعتراف بالحقائق وتحمل المسؤولية. وتابع أن هذا يتناقض تناقضًا صارخًا مع سلوك الملك الأردني الراحل حسين، الذي قدم في عام 1997 نداءات تعزية لأسر سبع تلميذات إسرائيليات قتلهن جندي أردني مارق بالرصاص في نقطة «جزيرة السلام» الحدودية.
وأوضح: «نهج السيسي مختلف؛ فهو يمتنع عن التصريحات العامة بشأن العلاقات مع إسرائيل، لكنه زاد التعاون معها زيادة كبيرة – من الناحية العسكرية بالأساس، ومن الناحية الاستخباراتية ومن حيث الطاقة اعتبارًا من عام 2015».
وأضاف «من الناحية العملية، يغير الأمور بهدوء، مثل إدخال محتوى على اتفاقيات كامب ديفيد إلى المناهج المدرسية وتجديد المواقع اليهودية في الإسكندرية والقاهرة بأموال الدولة».
وقال كورين إن السيسي عمل أيضًا سريعًا وعمليًا للرد على هجوم 3 يونيو، من خلال التعاون الكامل مع الحكومة الإسرائيلية، مما خفف أيضًا من صورة ردها.
وفقًا لشاي، لا يزال كل من الأردن ومصر يعتبران اتفاقيات السلام مع إسرائيل أصولًا استراتيجية. وقال «ومن ثم، تعمل السلطات في كلا البلدين بجد لمنع الإرهاب لأنه يهدد أنظمتهما ويريدان حماية المصالح المشتركة مع إسرائيل على حدودهما».
وقال شاي إنه على الرغم من العدد المحدود لمثل هذه الهجمات، فإن كل منها يحمل وزنًا استراتيجيًا كبيرًا، إذ أظهر إخفاقات من جانب قوات الأمن المحلية في اكتشاف التهديد، وتقويض الهيبة وخلق توترات مع إسرائيل.
وأضاف أن مثل هذه الحوادث في مصر يمكن أن تقوض قطاع السياحة والاقتصاد.
أما فيما يتعلق بالمستوى الشعبي، قال شاي «الحقيقة المؤسفة هي أن جميع» الجنود المختلين «يتحولون عاجلًا أم آجلًا إلى أبطال قوميين».