المونيتور: الصين تبني علاقاتها من خلال دعم مشاريع المياه في الشرق الأوسط

خلاصة

رغم الإعراب عن اهتمامها بلعب دور وسيط السلام في الشرق الأوسط، يمكن أن يؤجج تصميم الصين على تأكيد حقوق دول المنبع في استخدام الموارد المائية التوترات بشأن انخفاض إمدادات المياه في المنطقة، وفق ما يخلص تقرير لموقع المونيتور.

 

نشر موقع المونيتور تقريرًا كتبه هاري كلينش يتناول ما وراء تمويل الصين لمشاريع المياه في منطقة الشرق الأوسط. 

وقال الكاتب إن الصين تتطلع إلى القيام بدور أكبر في تقديم الحلول المتعلقة بالمياه إلى دول الشرق الأوسط. ومن بين أحدث صفقاتها اتفاقية تسهيل ائتماني متجدد مدتها ثلاث سنوات وقعتها في نهاية يونيو بين شركة المرافق السعودية أكوا باور وبنك الإنشاءات الصيني.

ستسمح الاتفاقية للشركة بالوصول إلى تسهيل ائتماني بقيمة 100 مليون دولار يدعم مبادرات توسيع محفظة توليد المياه والطاقة. وساهمت البنوك والممولون الصينيون بما مجموعه 10 مليارات دولار في اكوا منذ عام 2009.

ليست هذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها البنوك الصينية أو الدولة الصينية في مشاريع المياه في المملكة العربية السعودية وأماكن أخرى في الشرق الأوسط. وقد اضطلعت باور تشينا بإقامة مشاريع تحليلة المياه من قبل في الرياص وفي عمان وأبو ظبي.

دور بكين المتزايد في سياسات المياه

في العام الماضي، أنشأت جامعة نينغشيا الصينية وجامعة عين شمس المصرية مختبرًا للحفاظ على المياه في القاهرة لتحسين طرق الري في مصر. كما دخل الأكاديميون الصينيون في شراكة مع فريق بحثي في الإمارات العربية المتحدة «لتحويل الرمال إلى تربة» في صحراء أبو ظبي.

ويرى الكاتب أن مثل هذه الأنشطة هي علامة على الدور المتزايد الذي تلعبه الصين في سياسات المياه في الشرق الأوسط، لافتًا إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي أكثر المناطق ندرة للمياه في العالم، كما أن الممارسات الزراعية غير المستدامة، والنمو السكاني السريع، وتغير المناخ، والهياكل الأساسية المائية الفقيرة أو السيئة الإدارة تجعل الوضع أكثر خطورة. في هذا السياق، برزت بكين باعتبارها واحدة من أهم الداعمين الماليين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للبنية التحتية للمياه.

ومع ذلك، فقد خصصت الصين أموالًا لعديد من المشاريع المثيرة للجدل التي أثارت مخاوف من أن الدولة الآسيوية تجعل احتمال إبرام اتفاقيات قابلة للتطبيق لتقاسم المياه في الشرق الأوسط أقل احتمالًا.

تمويل سد مثيرة للجدل

ويستشهد الكاتب بفتح إيران سد شمشير المثير للجدل في محافظة بوشهر الجنوبية في يوليو. وتعرض بناء السد لانتقادات واسعة من الجماعات البيئية، لأسباب ليس أقلها تأثير المشروع على مقاطعة خوزستان في جنوب غرب البلاد. ومع ذلك، فقد ضمن قرض بقيمة 244 مليون دولار من الصين المضي قدمًا في المشروع.

يعتقد أشوك سوين، رئيس اليونسكو للتعاون الدولي في مجال المياه، أن هذه الحالات ترمز إلى نهج الصين تجاه قضايا إدارة المياه في الشرق الأوسط والعالم. وقال للمونيتور إن الصين متحمسة لتقديم قروض من هذا النوع لأسباب سياسية ومالية. وقال إن بكين تريد الترويج لفكرتها عن نظام دولي جديد لا يقوم على تقاسم الموارد المشتركة، بل على القوة الغاشمة.

يُنظر إلى مشاريع المياه الممولة من الصين في بعض الحالات على أنها جذابة لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لأن الشروط أقل صرامة من تلك التي تصر عليها المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة. والصين ليست من الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة للمياه - ولا أي دولة في الشرق الأوسط باستثناء العراق - ولا تقبل الفرضية القائلة بضرورة إدارة الموارد العابرة للحدود أو تقاسمها بشكل مشترك.

على سبيل المثال، رفض البنك الدولي تمويل بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير المثير للجدل لأنه لم يكن هناك اتفاق مع مصر. ويقع السد على الرافد الرئيسي لنهر النيل وبالتالي تعتبره مصر تهديدًا لأمنها المائي. وتصاعدت التوترات بين القاهرة وأديس أبابا في بعض الأحيان لدرجة أن الحرب بين البلدين بدت ممكنة. ومع ذلك، قدمت الصين مستويات قوية من الدعم المالي لإثيوبيا، مما ضمن المضي قدمًا في بناء السد.

وأشار سوين إلى أنه في حالة السد الإثيوبي، «تحاول الصين الاضطلاع بعمل متوازن لأن لديها أيضًا عددًا من المصالح الاقتصادية في مصر»، لكنها تدعم المشروع الإثيوبي لأنها حريصة على تأكيد حقوق دول المنبع في تحد المعايير الدولية.

دوافع النهج الصيني

وفيما يتعلق بتفسير هذا النهج لقضايا الأمن المائي في الشرق الأوسط، يعتقد إدوارد هاول، المحاضر في السياسة الصينية بجامعة أكسفورد، أن استراتيجيات الصين في هذا المجال هي جزء من جهد أوسع لإعادة تشكيل هياكل الحوكمة الدولية. 

وأوضح هاول أن تقديم الدعم المالي والسياسي للمشاريع التي تتحدى ما تعتبره المؤسسات الغربية النظام الدولي القائم على القواعد يمكن أن يكون جزءًا من محاولة للحد من تأثير هذه الهيئات.

وقال هاول: «لا يمكن فهم استثمارات الصين الاقتصادية في الشرق الأوسط دون النظر في أهدافها الجيوسياسية داخل النظام الدولي الأوسع. في عهد شي جين بينغ، سعت الصين بنشاط إلى إنشاء نظام مواز لمنافسة كل من قيادة الهيمنة الأمريكية بعد الحرب وكذلك المنتديات الدولية مثل مجموعة السبع.   

رؤية السيادة المائية

يلفت الكاتب إلى أن لدى الصين أيضًا أسباب ذات مصلحة ذاتية لتعزيز هذه الرؤية للسيادة المائية. وقد وصف سوين الصين بأنها «دولة منبع» أيضًا. وقامت الصين ببناء عديدًا من السدود داخل حدودها الخاصة التي تحول المياه بعيدًا عن الدول المجاورة. على سبيل المثال، منذ عام 2021، تعمل الصين على إنشاء سد جديد على نهر مابجا زانجبو يمكن استخدامه لتقليل تدفقات المياه إلى كل من الهند ونيبال.

وأشار سوين إلى أن الصين لا تؤمن حقًا بخضوع دول المنبع للقيود. كانت الصين منفتحة للغاية بشأن ذلك، وعندما كانت هناك أصوات في اتفاقيات الأمم المتحدة للمياه، صوتت علانية ضد القيود.  

وأشار هاول إلى وجود تناقض محتمل في السياسة الخارجية للصين في الشرق الأوسط. في الوقت نفسه الذي تتخذ فيه بكين نهجًا حازمًا لقضايا المياه، فإنها تحاول أيضًا وضع نفسها باعتبارها وسيطًا للسلام في الشرق الأوسط. وظهر هذا الدور المتصور عندما توسطت الصين في اتفاق سلام بين إيران والمملكة العربية السعودية في وقت سابق من هذا العام. 

وعلى الرغم من الإعراب عن اهتمامهم بلعب دور وسيط السلام في الشرق الأوسط، فإن تصميم الصين على تأكيد حقوق دول المنبع في استخدام الموارد المائية يمكن أن يساعد في تأجيج التوترات بشأن انخفاض إمدادات المياه في المنطقة.

الموضوع التالي جيروزاليم بوست: هل كانت حرب أكتوبر انتصارًا مذهلًا لإسرائيل أم هزيمة ساحقة؟
الموضوع السابقواشنطون بوست: اتهامات مينينديز بالفساد تعقد العلاقات المتوترة مع مصر