واشنطن بوست: مصر تقاوم دعوات التهجير الجماعي للفلسطينيين بينما تُحكم إسرائيل حصارها على غزة

خلاصة

تقاوم مصر دعوات وضغوط من جهات عدة لفتح حدودها لنزوح الفلسطينين إلى سيناء، وهو أمر ترفضه مصر وسكان غزة باعتباره شهادة وفاة لحلمهم بإنشاء دولة، وفق ما يخلص تقرير لصحيفة واشنطن بوست.

نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرًا أعدته كلير باركر حول رفض مصر تهجير اللاجئين الفلسطينيين إلى سيناء مع تشديد إسرائيل حصارها على القطاع. 

تلفت الصحيفة في مستهل تقريرها إلى أن أنظار العالم تتجه صوب معبر رفح الحدودي مع مصر، وهو المخرج الوحيد المتبقي لسكان غزة للخروج من القطاع الذي شهد مقتل أكثر من 1500 شخص وتشريد مئات الآلاف بسبب قصف الجيش الإسرائيلي المستمر.

لكن القاهرة، التي تخشى التداعيات السياسية والمخاطر الأمنية، مصممة على منع نزوح اللاجئين إلى مصر - محذرة من أن نزوحًا من هذا القبيل قد يكون شهادة وفاة للحلم الفلسطيني بإقامة الدولة.

وبحسب الصحيفة، فمع تفاقم حدة الأزمة الإنسانية في غزة كل ساعة، تتوالى الدعوات لفتح ممر إنساني لجلب الأغذية والمياه والوقود والإمدادات الطبية التي تمس الحاجة إليها. وزاد أمر إسرائيل لأكثر من 1.1 مليون من السكان في شمال غزة بإخلاء منازلهم والتوجه جنوبًا من الضغط على السكان.

انتهاك للقانون الدولي

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية المصرية وصفت في بيان مساء الجمعة أمر الإخلاء الإسرائيلي بأنه «انتهاك خطير لقواعد القانون الإنساني الدولي».

تقوم مصر بتخزين المساعدات التي ترسلها المنظمات الإنسانية ودول الشرق الأوسط في شمال سيناء، على استعدادًا لإدخالها إلى غزة في حالة إعادة فتح معبر رفح. كما أطلقت البلاد حملة للتبرع بالدماء الخميس بأوامر من الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وحذر السيسي في كلمة ألقاها أمام طلاب الكلية الحربية من تهجير السكان في غزة إلى مصر وخطورة ذلك على القضية الفلسطينية.

معضلة مستمرة

ونوهت الصحيفة إلى أن مسألة السماح لأعداد كبيرة من الفلسطينيين بالخروج من غزة إلى مصر أعادت إلى الأذهان معضلة مستمرة منذ عقود في القاهرة. وتشعر الحكومة بالقلق بشأن الأمن في منطقة سيناء وتريد تجنب أن يُنظر إليها على أنها متواطئة في حملة قد تجبر الفلسطينيين على الخروج من غزة إلى الأبد.

وطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الفلسطينيين في غزة «الخروج الآن» يوم السبت، إذ تعهد بالانتقام للهجوم المروع الذي شنه مقاتلو حماس داخل إسرائيل والذي أسفر عن مقتل 1300 شخص على الأقل. لكن فيما يخص سكان غزة، الذين عاشوا لمدة 16 عامًا في ظل حصار تفرضه إسرائيل ومصر، فإن هذا طلب مستحيل حاليًا.

ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية مصرية تحدثت لشبكة سكاي نيوز عربية يوم الثلاثاء أن «هناك خطة لتصفية الأراضي الفلسطينية وإجبار الفلسطينيين على الاختيار بين الموت أو النزوح».

ولفتت الصحيفة إلى أن أعدادًا كبيرة من الفلسطينيين ليس لديهم أي رغبة في ترك ديارهم والنزوح إلى مصر، على الرغم من المخاطر.

إكراه وليس اختيار

ونقلت الصحيفة عن نانسي عقيل، المحللة المصرية في مركز السياسة الدولية ومقره واشنطن، قولها: «عندما نقول إن الحدود يجب أن تكون مفتوحة لسكان غزة ومنحهم الاختيار للمغادرة من عدمها، فهذا في الواقع ليس خيارًا. عندما تكون محاصرًا بين الموت والمغادرة، فهذا لا يمنح الناس خيارًا – ولكن هذا إجبار للناس على المغادرة». 

لا يزال النزوح الجماعي للفلسطينيين خلال تأسيس دولة إسرائيل في عام 1948 - وهو حدث يشير إليه الفلسطينيون باسم «النكبة» - مصدرًا عميقًا للصدمة بين الأجيال. حوالي 70 في المائة من سكان غزة هم بالفعل من اللاجئين، بعد أن فروا أو أجبروا على ترك ديارهم في أجزاء مما يعرف الآن بإسرائيل، ولم يُسمح لهم بالعودة.

وقال اتش أيه هيلير، محلل في برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: «نرى هذه التصريحات الشكلية حول حل الدولتين، لكنني لا أعتقد أن سكان غزة يمكنهم الاعتماد على فكرة أنه إذا أُجبروا على المغادرة، فسيكون هناك الكثير من الضغط لعودتهم». 

وقال محللون إن التدفق الهائل للاجئين الفلسطينيين سيشكل مخاطر سياسية وأمنية كبيرة لمصر. ويتعاطف الرأي العام بشدة مع القضية الفلسطينية، وهي قضية تتمتع بقوة نادرة لإشعال الغضب العام في بلد استبدادي تُحظر فيه الاحتجاجات المؤثرة فعليًا.

قال وزير الخارجية المصري السابق محمد العرابي، رئيس مجلس العلاقات الخارجية المصري المرتبط بالحكومة، لصحيفة واشنطن بوست، إن الحديث عن دفع الفلسطينيين إلى سيناء كحل دائم «غير مقبول».  وأضاف: «إذا تحدثتم عن هذا الوطن البديل، فستكون هذه نهاية القضية الفلسطينية».

وأشارت الصحيفة إلى أن السيسي كان بالفعل قبل الحرب تحت ضغط محلي كبير، وذلك لأن الاقتصاد المصري في حالة سقوط حر ومن المقرر إجراء انتخابات رئاسية في ديسمبر. ولا يواجه السيسي أي تهديد حقيقي في صناديق الاقتراع، لكن تذمر المعارضة تصاعد في الأشهر الأخيرة.

وقال تيموثي كالداس، نائب مدير معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط ومقره واشنطن: «من الناحية السياسية، لا أعتقد أن أي دولة عربية تريد أن يُنظر إليها على أنها تساعد في نزوح السكان الفلسطينيين».

في تصريحات عامة هذا الأسبوع، حرص السيسي على التأكيد على دعم مصر لحل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ودعا مرارًا إلى السلام.

ورفض يوم الخميس «الجهود الحثيثة من أطراف متعددة» لدفع حل للقضية الفلسطينية يختلف عن اتفاقيات أوسلو عام 1993، وهي الاتفاقيات الدولية التي كان من المفترض أن تمهد الطريق لدولة فلسطينية.

الموضوع التالي أفريكا انتيلجانس: السيسي ينظر في مستقبل قائد الجيش أسامة عسكر
الموضوع السابقالتاسعة يناقش الحرب على غزة ودعم مصر لفلسطين وتوطين الفلسطينيين بسيناء