واشنطن بوست: المستشفيات المصرية جاهزة لعلاج الجرحى من سكان غزة، لكن الحدود مغلقة
رغم الإعلان المصري استعداد المستشفيات المصرية لاستقبال الجرحي الفلسطينيين، فإن استمرار إغلاق معبر رفح يعني أنه لا يمكن لأحد مغادرة غزة، وفق ما يخلص تقرير لصحيفة واشنطن بوست.
نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرًا يسلط الضوء على استعداد المستشفيات المصرية لاستقبال الجرحى الفلسطينيين.
وقالت الصحيفة الأمريكية إن نظام المستشفيات في غزة ينهار أمام القصف الإسرائيلي المستمر، في وقت تواصل فيه أعداد الجرحى في الارتفاع – أكثر من 21,000، وفقا لآخر إحصاء صادر عن وزارة الصحة في غزة. ويجري الأطباء المنهكون عمليات جراحية للمرضى في الممرات وعلى الأرضيات، وغالبًا ما يكون ذلك بدون تخدير وغيرها من الإمدادات الحيوية.
وعلى الجانب الآخر من الحدود في مصر، هناك مئات الأسرة الفارغة المعدة للجرحى الفلسطينيين. ومع ذلك، يعني استمرار إغلاق معبر رفح، باستثناء التدفق اليومي لشاحنات المساعدات، أنه لا يمكن لأحد مغادرة غزة.
تأهب المستفيات
وفي حين أوضحت الحكومة المصرية أنها ترفض قبول أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين من غزة، خوفًا من التداعيات السياسية والأمنية، فقد أُمرت المستشفيات في شمال سيناء وأماكن أخرى بالاستعداد لاستقبال المرضى الجرحى من القطاع - كما حدث خلال جولات القتال الماضية.
ونقلت الصحيفة عن ضياء رشوان رئيس هيئة الاستعلامات الحكومية في مؤتمر صحفي أمام معبر رفح الثلاثاء أن «هذه الحدود مفتوحة لاستقبال أي جريح». وأضاف أن منظمة الصحة العالمية فحصت «جميع المستشفيات والمرافق الطبية» لكن «قوات الاحتلال تمنع العبور من الجانب الفلسطيني» - في إشارة إلى إسرائيل.
وقد قدمت مصر وإسرائيل وحماس والولايات المتحدة تفسيرات متضاربة حول سبب عدم تمكن أحد من العبور من غزة إلى مصر منذ بدء الحرب – حتى المدنيين الذين يعانون من إصابات خطيرة. وقال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان يوم الأحد إن حماس تمنع الناس من المغادرة ما لم تُلبى شروط معينة، لكنه لم يحدد الشروط. وألقت مصر باللوم على إسرائيل لعدم تقديم ضمانات بأنها لن تقصف المعبر أو المناطق المجاورة له إذا حاول الناس المغادرة.
وقالت سلطة الحدود التابعة لحركة حماس في وقت متأخر من يوم الثلاثاء إن مصر وافقت على استقبال 81 جريحًا من غزة يوم الأربعاء، مرددة تقارير في وسائل الإعلام الرسمية المصرية. ولم يرد تأكيد فوري من إسرائيل أو واشنطن. وقد فشلت صفقات مماثلة، تتعلق بمغادرة الرعايا الأجانب، في اللحظة الأخيرة.
وفي العريش، المدينة التي تبعد حوالي 30 ميلاً عن حدود غزة، تستعد السلطات الصحية لاستقبال المرضى في المستشفى الرئيس.
مستشفيات ميدانية
وأضافت الصحيفة أن مستشفى مؤقتًا يحري إنشائها في مدينة الشيخ زويد البدوية في شمال سيناء لاستيعاب 300 مريض في البداية، وربما أكثر في وقت لاحق.
أعلنت محافظة شمال سيناء الأسبوع الماضي أن مائة وخمسين سيارة إسعاف جاهزة لنقل المرضى الفلسطينيين إلى المرافق الصحية في سيناء، وإلى المستشفيات المجهزة بشكل أفضل في مصر – إذا تطلبت الإصابات الخطيرة ذلك.
وقام السفير التركي في القاهرة بجولة في شمال سيناء وتعهد بأن بلاده ستفتح مستشفى ميداني خاص بها للمساعدة في هذه الجهود.
وقال خالد أمين، الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء المصرية، لصحيفة واشنطن بوست، إن أكثر من 2000 عامل صحي مصري سجلوا أسماءهم لعلاج المصابين من سكان غزة. وأضاف أن آلافا آخرين أبدوا اهتمامًا بالعمل التطوعي، ومن بينهم جراحون وصيادلة وأخصائيون في أمراض النساء والتوليد.
الإجلاء الطبي
ولفتت الصحيفة إلى أن المفاوضات بشأن المعبر ركزت إلى حد كبير على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وخروج الرعايا الأجانب، بالإضافة إلى إطلاق سراح أكثر من 200 رهينة احتجزها مسلحو حماس من جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر.
ولكن مع تراكم الضحايا في غزة، وتزايد اليأس بشأن الوضع الصحي في المستشفيات، أصبحت مسألة الإجلاء الطبي أكثر إلحاحًا. وقُتل أكثر من 8,500 شخص منذ بداية الحرب، بحسب وزارة الصحة في غزة، من بينهم 3,324 طفلًا؛ وأصيب 21543 شخصًا.
وضع صعب
ونقلت الصحيفة عن أشرف القدرة، المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، قوله، الأحد، إن 12 مستشفى و32 مركز رعاية أولية خارج الخدمة بسبب الأضرار الناجمة عن الغارات الإسرائيلية أو انقطاع التيار الكهربائي. وقال مستشفى الشفاء، وهو أكبر مستشفى في غزة، يوم الثلاثاء أن لديه ما يكفي من الوقود لمدة تقل عن 24 ساعة لتشغيل مولداته.
وقال محمد أبو مغيصيب، نائب المنسق الطبي لمنظمة أطباء بلا حدود في غزة، أن الطاقم الطبي نفسه يتألمون ولا يستطيعون حتى التعامل مع الأمر.
وأضاف أن معدل إشغال الأَسرة بلغ أكثر من 170%، واصفًا البيئة داخل المستشفيات – حيث لجأ عشرات الآلاف من النازحين من غزة – بأنها فوضوية للغاية.
وقال عن عمليات الإجلاء الطبي إلى مصر إنه ستُخفف على الأقل من مشكلة إشغال الأسرة.
وزار وفد رفيع المستوى من منظمة الصحة العالمية واليونيسف، وكالة الأمم المتحدة للطفولة، المستشفيات في العريش الأسبوع الماضي.
حالة الجمود
وفي حين ألقى المسؤولون الأمريكيون اللوم في المقام الأول على حماس في حالة الجمود على الحدود، فقد أشاروا أيضًا بشكل عام إلى تعقيد المحادثات التي تضم عديدًا من الأطراف، ولكل منها مصالحها الخاصة.
وقال مسؤول أمريكي كبير يوم الأحد، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة المفاوضات الحساسة، إن إجلاء الجرحى معطل بسبب عدم القدرة حتى الآن على التوصل إلى اتفاق بشأن فتح معبر رفح. وأضاف المسؤول أن السلطات المصرية سترغب أيضًا في التحقق من الأشخاص الذين يعبرون الحدود لتلقي العلاج.
واتهمت وزارة الصحة في الحكومة التي تسيطر عليها حماس في غزة يوم الأحد مصر بالمسؤولية عن التعطيل.
وقال القدرة: «ندعو الأشقاء في مصر إلى فتح معبر رفح البري كالمعتاد، وإدخال المساعدات الطبية والوقود والوفود الطبية، وإجلاء الجرحى بشكل عاجل».
ولم تستجب وزارة الصحة المصرية للطلبات المتكررة للتعليق.
وحتى لو كان معبر رفح مفتوحًا، تقول مصر إن موظفي الحدود يخشون الذهاب إلى عملهم بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية.
وقال طبيب في مستشفى النجار في مدينة رفح بغزة، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة إن إجلاء الجرحى مستحيل ما لم يكن هناك وقف لإطلاق النار.
وقال أبو مغيصيب، من منظمة أطباء بلا حدود، إن القصف على جنوب غزة يجعل من الصعب السير لمسافة ربع ميل لشراء الخبز لعائلته. وقال إنه من المستحيل تصور نقل المرضى الجرحى عبر ساحة معركة نشطة.
وأشار إلى ضرورة فتح ممرات آمنة ووقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، مشددًا على الحاجة ليس فقط لفتح الحدود، ولكن لوقف الحرب.