لوس أنجلوس تايمز: لماذا ترفض مصر والدول العربية الأخرى قبول اللاجئين الفلسطينيين من غزة؟
ترفض مصر بشدة استقبال اللاجئين في سيناء، وذلك خشية تصفية القضية الفلسطينية وتكرار نكبة جديدة، وكذلك بسبب المخاوف الأمنية وإمكانية تقويض اتفاق السلام مع إسرائيل، وفق ما يخلص تقرير لصحيفة لوس أنجلوس تايمز.
لا تزال الصحافة الأجنبية تهتم بالأسباب التي تقف خلف رفض مصر لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين الذين يرغبون في الخروج من قطاغ غزة إلى سيناء.
وفي هذا الصدد، تلفت صحيفة لوس أنجلوس تايمز إلى رفض مصر والأردن استقبال اللاجئين الفلسطينيين في وقت يحاول فيه الفلسطينيون في قطاع غزة المغلق العثور على ملجأ هربًا من القصف الإسرائيلي المتواصل.
وتقول الصحيفة الأمريكية إن مصر والأردن، اللتان تحيطان بإسرائيل من جانبين متقابلين وتشتركان في الحدود مع غزة والضفة الغربية المحتلة، رفضتا بشدة قبول اللاجئين.
رفض شديد
وأوضحت الصحيفة أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أدلى بأشد تصريحاته حتى الآن يوم الأربعاء، قائلًا إن الحملة العسكرية الإسرائيلية لا تهدف فقط إلى قتال حماس، التي تحكم قطاع غزة، ولكنها أيضا محاولة لدفع السكان المدنيين إلى الهجرة إلى مصر. وحذر من أن هذا قد يدمر السلام في المنطقة.
وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قد وجه رسالة مماثلة في اليوم السابق، معلنًا رفضه القاطع لاستقبال لاجئين في الأردن أو في مصر.
وترجع جذور رفضهم إلى الخوف من أن إسرائيل تريد فرض طتهجير قسري دائم للفلسطينيين إلى بلدانهم وإلغاء المطالب الفلسطينية بإقامة دولتهم.
وقال السيسي أيضًا إن النزوح الجماعي قد يؤدي إلى خطر جلب المتشددين إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، حيث قد يشنون هجمات على إسرائيل، مما يعرض معاهدة السلام الموقعة بين البلدين منذ 40 عامًا للخطر.
دوافع المواقف المصرية والأردنية
تلفت الصحيفة إلى أن التهجير كان موضوعًا رئيسًا في التاريخ الفلسطيني، مشيرة إلى تكرار عمليات التهجير القسري في حروب عام 1948 و عام 1967.
وتقول الصحيفة إن مصر تخشى أن يعيد التاريخ نفسه وأن ينتهي الأمر بعدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين من غزة بالبقاء الدائم في مصر.
وتوضح الصحيفة أنه لا يوجد ضمان للعودة؛ ويرجع ذلك جزئيًا إلى عدم وجود سيناريو واضح لكيفية انتهاء هذه الحرب.
وتقول إسرائيل إنها تعتزم تدمير حماس بسبب هجومها. لكنها لم تقدم أي إشارة إلى ما قد يحدث بعد ذلكومن سيحكم غزة. وأثار ذلك مخاوف من أنها ستعيد احتلال المنطقة لفترة ما، مما يؤجج المزيد من الصراع.
وقال السيسي إن القتال قد يستمر لسنوات إذا قالت إسرائيل إنها لم تسحق المتشددين بشكل كاف. واقترح أن تقوم إسرائيل بنقل الفلسطينيين في صحراء النقب المجاورة لقطاع غزة حتى تنهي عملياتها العسكرية.
وتنقل الصحيفة عن ريكاردو فابياني، مدير مشروع شمال إفريقيا التابع لمجموعة الأزمات الدولية، قوله «إن عدم وضوح إسرائيل فيما يتعلق بنواياها في غزة وإجلاء السكان يمثل مشكلة في حد ذاته. وهذا الارتباك يغذي المخاوف في دوار الجوار».
وتتشكك الدول العربية وعديد من الفلسطينيين يشون أيضًا في أن إسرائيل قد تستغل هذه الفرصة لفرض تغييرات ديموغرافية دائمة لتدمير المطالب الفلسطينية بإقامة دولة في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، والتي احتلتها إسرائيل أيضًا في عام 1967.
وكرر السيسي تحذيراته يوم الأربعاء من أن النزوح الجماعي من غزة يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية. وقال إنه لو جرى إنشاء دولة فلسطينية منزوعة السلاح منذ فترة طويلة في المفاوضات، فلن تكون هناك حرب الآن.
ونوَّهت الصحيفة إلى أن وصول الأحزب اليمينية المتطرفة إلى السلطة في إسرائيل والذين يدعون صراحة لتهجير الفلسطينيين فاقمت مخاوف الدول العربية.
القلق بشأن حماس
وفي الوقت نفسه تقول مصر إن النزوح الجماعي من غزة سيجلب حماس أو نشطاء فلسطينيين آخرين إلى أراضيها. وقد يؤدي ذلك إلى زعزعة الاستقرار في سيناء، حيث قاتل الجيش المصري لسنوات ضد المتشددين الإسلاميين، وفي مرحلة ما اتُهمت حماس بدعمهم، وفقًا للصحيفة.
ودعمت مصر الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة منذ سيطرة حماس على القطاع في عام 2007، وفرضت رقابة مشددة على دخول المواد وعبور المدنيين ذهابًا وإيابًا. كما دمرت شبكة الأنفاق تحت الحدود التي استخدمتها حماس وفلسطينيون آخرون لتهريب البضائع إلى غزة.
وقال فابياني إنه مع قمع التمرد في سيناء إلى حد كبير، فإن القاهرة لا تريد أن تواجه مشكلة أمنية جديدة في هذه المنطقة التي تعاني من مشاكل.
وحذر السيسي من سيناريو أكثر زعزعة للاستقرار: تدمير اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل الإسرائيلي. وقال إنه بوجود نشطاء فلسطينيين، ستصبح سيناء «قاعدة للهجمات على إسرائيل. وسيكون لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها... وستضرب الأراضي المصرية».
وأضاف: «السلام الذي حققناه سيختفي من أيدينا، كل ذلك من أجل فكرة تصفية القضية الفلسطينية».