ذا كونفرزيشن: السيسي يواجه انتخابات وسط ركود اقتصادي وغضب شعبي بسبب التقاعس عن التحرك بشأن غزة

خلاصة

إن تعامل السيسي مع إخفاقات الاقتصاد المنهار هو أمر، واستيعاب الجمهور المقهور الذي يشاهد مذبحة حقوقية على حدود مصر أمر مختلف تمامًا. وإذا استمر نظام السيسي في السماح بحدوث ذلك تحت عينه، فسيكون لدى المعارضة ذخيرة أكبر مما كانت تمتلكه منذ سنوات، وفق ما يخلص مقال نشره موقع ذا كونفرزيشن.

نشر موقع «ذا كونفرزيشن» الأسترالي مقالًا للكاتب جيليان كينيدي، المحاضر في السياسة والعلاقات الدولية، بجامعة ساوثهامبتون، يتناول فيه التحديات التي تواجه السيسي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية. 

يقول الكاتب في مستهل مقاله إن الصراع المرير بين إسرائيل وحماس لم يكن ليأتي في وقت أسوأ لمصر من هذا الوقت؛ ذلك أن عبد الفتاح السيسي، الرجل العسكري القوي السابق الذي استولى على السلطة في عام 2013 وسط تداعيات الربيع العربي المضطربة، يواجه انتخابات عامة في ديسمبر.

وفي ظل المشاكل الاقتصادية والكارثة السياسية والإنسانية التي تتكشف على حدود بلاده، ستكون الانتخابات محفوفة بالمخاطر.

وتولى السيسي السلطة فعليا في يوليو 2013، بعد عقود من الدكتاتورية العسكرية في عهد حسني مبارك. لقد أعقب حكم مبارك الذي دام 30 عاما، والذي انتهى في أبريل 2011 خلال الربيع العربي، فترة فاصلة قصيرة ومضطربة كافحت فيها الحكومة المدعومة من الإخوان المسلمين بقيادة الأكاديمي محمد مرسي للحفاظ على النظام.

في يوليو 2013، عزل السيسي مرسي من السلطة وحصل على 96% من الأصوات في العام التالي في انتخابات أثارت انتقادات دولية واسعة النطاق. ولم يواجه معارضة سياسية كبيرة منذ ذلك الحين، لكن هذا لا يمكن أن يخفي عدم شعبيته العميقة لدى عديد من المصريين.

الأزمة الاقتصادية الأسوأ

وأوضح الكاتب أن السيسي يترأس في الوقت الحالي ما يقول معظم الخبراء إنه أسوأ اقتصاد في المنطقة. وقد بلغ التضخم السنوي أعلى مستوى تاريخي عند 38% في سبتمبر، ويبلغ معدل البطالة بين الشباب حاليا 17%.

ولفت الكاتب إلى أن ما فاقم هذه الأزمة الاقتصادية هو عدة جولات من تخفيض قيمة العملة وخطة الإنقاذ القادمة من صندوق النقد الدولي. ومن شأن برنامج التقشف القاسي الذي يفرضه صندوق النقد الدولي أن يدفع المصريين المكافحين إلى مستوى من الفقر المدقع لم يسبق له مثيل منذ انتفاضة الخبز المصرية عام 1977.

سعي السيسي لإعادة انتخابه 

وفي ظل هذه الخلفية غير المستقرة، سيتعين على السيسي النضال من أجل إعادة انتخابه، وفقًا للكاتب الذي يقول إن المرء قد يعذر من يفترض أن الأمر سيكون مجرد تمرين للسيسي، إذ يحكم السيسي مصر بقبضة حديدية منذ الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين في الانقلاب الوحشي في يوليو 2013.

ولم تكن أي انتخابات حرة ونزيهة منذ ذلك الحين، وسُحقت وسائل الإعلام المستقلة في مصر في السنوات الأخيرة. وقُمعت أحزاب المعارضة أو استُميلت، في حين ينظر المجتمع المدني ــ الذي كان في السابق مجالًا سياسيًا حيويًا ــ إلى دكتاتورية مبارك بدرجة من الحنين إلى الماضي.

في البداية -ولأول مرة منذ تولى السيسي السلطة- بدا الأمر كما لو أنه سيواجه معارضة ذات مصداقية. وصنع النائب السابق أحمد طنطاوي، مرشح الحركة المدنية الديمقراطية، اسما لنفسه كنائب في البرلمان من خلال انتقاده العلني للسيسي في البرلمان وعدم مشاركته في الحوار الوطني.

ونوّه الكاتب إلى أن حملة طنطاوي اكتسبت زخمًا بدعم من اليساريين البارزين والعلمانيين وحتى بعض قادة الإخوان المسلمين في المنفى، الذين اجتذبهم موقف طنطاوي بشأن إطلاق سراح السجناء السياسيين. ويوجد حالياً ما يقدر بنحو 40 ألف سجين سياسي في السجون المصرية، كثير منهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين.

لكن طنطاوي سحب ترشيحه في 13 أكتوبر، قائلًا إن البلطجية الموالين للحكومة يمنعون الناس من تسجيل توكيلاتهم لدعم ترشيحه.

ويرى الكاتب أنه وإذا لم تكن حملة طنطاوي الفاشلة تشكل تهديدًا مباشرًا للسيسي، فإن شعبية طنطاوي تمثل تحولًا هيكليًا في السياسة المصرية. لقد تعامل السيسي تعاملًا سيئًا للغاية مع المشاكل الاقتصادية في مصر في السنوات الأخيرة، مما جعله عرضة للخطر.

كما أن عادته في التصريحات غير الحذرة لم تساعده، ففي مرحلة ما عندما سُئل عن ارتفاع أسعار البامية، وهي من السلع الأساسية المصرية، ذكرهم بأن النبي محمد وصحابته أكلوا ورق الشجر وتحملوا. 

الحرب على عتبة الباب

ومع اقتراب الحرب في غزة من عتبة السيسي، يواجه النظام عملية توازن صعبة. فإسرائيل عازمة على تأمين حدودها مهما كانت العواقب. ومع ذلك، فإن التداعيات التي يواجهها السيسي في الداخل يمكن أن تؤدي إلى استعداء نقاط الضعف المحلية.

وأضاف الكاتب أن صورة الآلاف من سكان غزة الذين يموتون بينما تظل حدود رفح المصرية مغلقة يمكن أن تكون ضارة للغاية للنظام.

ويتعين على السيسي أن يكون حذرا، نظرا لعلاقته الوثيقة مع الحكومة الإسرائيلية، وفقًا للكاتب. وكانت مصر طرفًا في الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 16 عامًا على غزة، حيث فرضت رقابة مشددة على معبر رفح الحدودي.

ولكن مع اقتراب موعد الانتخابات، فإن السيسي يحتاج الآن إلى استرضاء الجمهور المصري الذي يتعاطف مع محنة سكان غزة. وقد أثار انتقادات واسعة النطاق من المعارضين الذين يقولون إن إدارته تنظم احتجاجات مدبرة للاستفادة من التعاطف العام مع الفلسطينيين مع ارتفاع عدد القتلى في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

لكن الخطر الحقيقي الذي يهدد إدارته يكمن في الداخل مع التهديد الدائم المتمثل في الحركات الإسلامية الراسخة في مصر. لقد كانت الانتفاضة الشعبية التي رعتها جماعة الإخوان المسلمين في ميدان التحرير هي التي أطاحت بمبارك وسلمت الحكومة إلى مرسي والإخوان المسلمين في عام 2011.

ويعمل هذا التاريخ الآن بمثابة تحذير جدي للجيش المصري بعدم الرضا عن التهديد المحتمل الذي تشكله الحركات الإسلامية. لقد بذل نظام السيسي قصارى جهده لتدمير جماعة الإخوان المسلمين.

وفي الأعوام العشرة التي تلت قيام قواته الأمنية بمذبحة راح ضحيتها أكثر من 900 شخص أثناء فضها بالعنف للاعتصامين المناهضين للحكومة في ميداني رابعة والنهضة في أغسطس 2013، تعرض عشرات الآلاف للاعتقال التعسفي دون محاكمة أو وحُكم عليهم في محاكم عسكرية بالسجن لمدد طويلة بسبب المعارضة.

وربما كان العرض الأكثر خزياً للاستخدام الفاسد للسلطة هو معاملة نظامه لمرسي. فقد توفي الرئيس الأسبق بعد أن انهار داخل قفص المتهمين في قاعة محكمة بالقاهرة بعد ست سنوات من الحبس الانفرادي.

ويرى الكاتب أن تعامل السيسي مع إخفاقات الاقتصاد المنهار شيء،  واستيعاب الجمهور المقهور الذي يشاهد مذبحة حقوقية على حدود مصر شيء مختلف تمامًا. وإذا استمر نظام السيسي في السماح بحدوث ذلك تحت عينه، فسيكون لدى المعارضة ذخيرة أكثر مما كانت تمتلكه منذ سنوات.

الموضوع التالي دويتشه فيله: مصر تحاول تحقيق توازن صعب في موقفها من الحرب في غزة
الموضوع السابقمع معتز يناقش خيانة السيسي والحكام العرب للمقاومة وخسائر الاحتلال وتهجير الفلسطينيين لسيناء وبيان اللواء أحمد وصفي