أتلانتك كاونسيل: كيف يمكن للصراع في غزة أن يقلب الموازين في شمال أفريقيا

خلاصة

ينصب تركيز العالم في الوقت الحالي على الحرب بين إسرائيل وحماس، الأمر الذي يثير المخاوف بشأن احتمال امتدادها إلى الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن تطور الأحداث السياسية والاقتصادية في شمال أفريقيا يستحق نصيبه من الاهتمام، إذ يمكن أن تحتل مركز الصدارة قريبًا إذا جرى تجاهلها أو إساءة تفسيرها، وفق ما...

نشرت مجلة أتلانتك كاونسيل تقريرًا للكاتب كريم مزران يستعرض فيه تداعيات الحرب في غزة على دول شمال إفريقيا. 

يقول الكاتب في مستهل تقريره إن تركيز العالم ينصب في الوقت الحالي على الحرب بين إسرائيل وحماس، الأمر الذي يثير المخاوف بشأن احتمال امتدادها إلى الشرق الأوسط. 

ومع ذلك، فإن تطور الأحداث السياسية والاقتصادية في شمال أفريقيا يستحق نصيبه من الاهتمام، إذ يمكن أن تحتل تلك التطورات مركز الصدارة قريبًا إذا جرى تجاهلها أو إساءة تفسيرها.

لقد أكد الباحثون مراراً على أهمية الشاطئ الجنوبي المستقر والمتطلع إلى المستقبل – دول شمال أفريقيا – من أجل التطور السلمي للأنظمة السياسية في جنوب أوروبا. ولسوء الحظ، فإن هذا الاحتمال أصبح أبعد من أي وقت مضى، ويمكن أن يتفاقم الوضع الحالي بسرعة.

المغرب - الجزائر

ولفت الكاتب إلى أن التنافس بين المغرب والجزائر، والذي كان يركز دائمًا على قضية منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها، أدى إلى دخول البلدين في سباق تسلح دام عقودًا من الزمن. 

ومن الممكن ان تؤدي هذه القضية الأمنية، التي تتعلق بقوة البلدين وشرعيتهما أكثر من أي شيء آخر، إلى صدام عسكري. ويمثل هذا النزاع حول الصحراء الغربية ذريعة لوجود عدو على الحدود ويبرر قوة الطبقات الحاكمة في الجزائر والمغرب.

ويشير التقرير إلى تصاعد التوترات بين البلدين في الفترة الأخيرة. ويشكل سباق التسلح بينهما مخاطر وقوع اشتباكات عسكرية يمكن أن تزعزع استقرار المنطقة.

وفي تونس، قام الرئيس المنتخب حديثًا قيس سعيد بمركزة جميع السلطات الدستورية لنفسه، مما أدى إلى تحويل البلاد نحو الاستبداد. لكن الأمر الأكثر خطورة هو أن تونس تسقط في أحضان جارتها القوية: الجزائر. وكلما غرقت تونس في أزمتها الاقتصادية والسياسية، زادت حاجة الرئيس سعيد إلى دعم غير مشروط لتنميتها السياسية والاقتصادية من الدول الغربية.

مصر - ليبيا

وتشير المجلة إلى أن هذه القضية تثير مخاوف لمصر أيضا، التي كانت تسعى جاهدة إلى بسط حكمها العسكري والسياسي على جارتها ليبيا التي مزقتها الحرب الأهلية. 

وقد تجنبت مصر الفوضى والعواقب السلبية على الحدود الغربية لمصر جزئيًا من خلال دعم أحد وكلائها وحاكم المنطقة الشرقية في ليبيا: الجنرال خليفة حفتر. 

وحقق الرجل القوي، المدعوم من المرتزقة الروس، مجموعة فاغنر، مستوى معتدلًا من النظام من خلال حرب دموية ضد جميع العشائر والقبائل المعارضة.

لكن ذلك لم ينتبه إليه الكثيرون حتى جاءت مأساة فيضانات 9 سبتمبر في محافظة درنة، والتي أودت بحياة نحو عشرة آلاف شخص. الآن، بدأ الكثيرون يشككون في مشاركة حفتر، وبشكل أكثر دقة، أبنائه الستة في المجالين العسكري والاقتصادي في المحافظة. ومنذ ذلك الحين، وقعت اشتباكات، وتتزايد احتمالية حدوث ثورة من القبائل وسكان المناطق الحضرية يومًا بعد يوم.

وتضيف المجلة الأمريكية أن الدكتاتور المصري عبد الفتاح السيسي قد يحاول التدخل مباشرة لتخفيف حدة التوتر في المنطقة الحدودية. ومع ذلك، ليس هناك شك في أن هذا من شأنه أن يسبب رد فعل قوي من الجزائر، التي قد ترى أن محاولة توسيع القوة المصرية تؤدي إلى ترجيح كفة ميزان القوى في شمال إفريقيا.

وعلاوة على ذلك، فإن القوة التي تسيطر على الجزء الغربي من ليبيا، تركيا، لن تقف مكتوفة الأيدي، وعلى الأرجح ستتدخل بشكل مباشر بينما تكون الجزائر في زاويتها. وكانت فكرة الوفاق التركي الجزائري صعبة التصور حتى الصيف عندما انضم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى جبهة رفض التطبيع التي تقودها الجزائر.

وفي ظل السيناريو الحالي، فإن وضع الحرب بين إسرائيل وحماس قد يجبر مصر على مواجهة تناقضاتها، مما يؤدي بها إما إلى مواجهة مع إسرائيل دفاعًا عن الفلسطينيين أو ضد حماس دعمًا لاتفاق السلام مع إسرائيل. وفي كلتا الحالتين، ستكون العواقب للدول الغربية أمرًا لا يمكن تصوره.

وفي ضوء هذه التحديات المتعددة الأوجه، ينبغي على الدول الغربية أن تأخذ في الاعتبار التوترات المستمرة في شمال أفريقيا لجعل عملية صنع القرار فيما يتعلق بالأحداث في غزة أكثر دقة وشمولية.

وتختم المجلة بالقول إن الحل الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق سلام دائم – وليس حل مؤقت – هو صياغة خطة تسهل المصالحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وتشكل تقدمهم السياسي والاجتماعي والاقتصادي بطريقة لا تهمل المنطقة العربية بأكملها. وهذا هو الطريق الوحيد للمضي قدما.

الموضوع التالي المونيتور: هل يمكن أن يبقى شرق البحر المتوسط مركزًا للغاز مع وجود إسرائيل في مركزه؟
الموضوع السابقيو أس أيه توداي عضو مجلس الشيوخ أم عميل سري ؟ كيف يُزعم أن روبرت مينينديز كان رجل مصر الداخلي