جيروزاليم بوست: الجامعة العربية والصراع الراهن
على الرغم من القناعات الأيديولوجية السابقة بالوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية، فإن الحلفاء العرب الرئيسين يشعرون بالقلق إزاء مخاطر الإضرار بالعلاقات مع الدولة اليهودية ولا يعتبرون الصراع عربيًا إسرائيليًا ولكن صراعًا ضد حماس المدعومة من إيران، وفق ما يخلص مقال نشرته صحيفة جيروزاليم بوست.
نشرت صحيفة جيروزاليم بوست مقالًا لـ حسين الحساني، الباحث المقيم في كندا ويغطي اتفاقيات أبراهام، يتناول حرص عديد من الدول العربية على عدم المخاطرة بعلاقاتهم مع دولة الاحتلال رغم الصراع الدائر.
ويقول الكاتب إنه ورغم التوقعات بخروج موقف موحد من القمة العربية الإسلامية في الرياض بالمملكة العربية السعودية، في 11 نوفمبر، بشأن موقف الدول العربية الإسلامية في سياق حرب إسرائيل ضد حماس، إلا أنه كانت هناك بعض الخلافات بين الدول.
بادئ ذي بدء، منعت بعض الجهات العربية الرئيسة تمرير أصوات معينة ضد إسرائيل، بما في ذلك مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين؛ وإلى جانب هذه القوى العربية الأربع الكبرى، صوتت السودان والمغرب وموريتانيا وجيبوتي ضد قطع إمدادات النفط وضد قطع علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل.
تغير القناعات العربية
ويلفت الكاتب إلى أن هذا الخلاف، إلى جانب تجارب تاريخية وسياسية أخرى، يشير إلى أن العامل الذي كان موحدًا بين العالم العربي – وهو الوقوف ضد إسرائيل – لم يعد كما كان للحلفاء العرب الرئيسين من مجلس دول الخليج ومنظمة التعاون الإسلامي.
وعلى الرغم من قناعاتهم الأيديولوجية السابقة بالوقوف بحزم مع القضية الفلسطينية، فإنهم اليوم يشعرون بالقلق إزاء المخاطر الاقتصادية والدبلوماسية التي قد تترتب على الإضرار بالعلاقات مع الدولة اليهودية.
ومن خلال هذا التحرك في قمة الرياض، والأحداث التاريخية، وحماس الدول العربية للحفاظ على اتفاقات إبراهام وعملية التطبيع، فمن الواضح أنها أدركت أنه لم يعد من الممكن النظر إلى الحرب الحالية في سياق الصراع العربي –الإسرائيلي، ولكن حرب بين إسرائيل وحماس، إلى جانب داعميها الإيرانيين.
الصراع من منظور اتفاقيات أبراهام
وأضاف الكاتب أن اتفاقيات إبراهام تعني أن الصراع الحالي ليس عربيًا إسرائيليًا. وعلى الرغم من ادعاء المثقفين الإيرانيين مرارًا بأن هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل، والذي أطلقت عليه حماس طوفان الأقصى، وضع حدًا لاتفاقيات إبراهام وعملية التقارب بين الدول العربية وإسرائيل، فإن تلك الدول لا تزال حريصة على البقاء في اتفاقيات إبراهام - أو لمواصلة عملية التقارب مع إسرائيل.
على سبيل المثال، لا تزال الإمارات ترغب في الحفاظ على علاقاتها السياسية والدبلوماسية مع إسرائيل. كما أن هناك أسبابًا كثيرة من جانب السعودية لمواصلة اتفاق التطبيع مع إسرائيل. ومن وجهة نظر المملكة السعودية، فإن الحرب الحالية لن تؤدي إلى تخريب التقارب السعودي الإسرائيلي، وكانت الرياض تسعى إلى الحصول على هذه الفرصة أكثر من أي دولة عربية.
وأخيرًا، عند قراءة ما بين السطور، تقود آراء المثقفين العرب إلى استنتاج مفاده أن اهتمامهم الأكبر هو ضمان انتصار إسرائيل على حماس في هذه الحرب. ويرى الكاتب اللبناني حازم صاغية أنه إذا انتصرت حماس في الحرب، فإن طغيانها وحكمها الشرير سيؤدي إلى تفاقم العنف في قطاع غزة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن مثيري الشغب والجهات الفاعلة غير الحكومية الأخرى في العالم العربي سوف يستلهمون منها ويبدأون اتجاهًا جديدًا من التمرد ويشكلون تهديدات للدول العربية. وفي نهاية المطاف فإن انتصار حماس من شأنه أن يمكنها من نشر تكتيكاتها وأخلاقياتها بين جماعات أخرى بهدف زعزعة استقرار تلك الدول العربية التي تسعى إلى إحلال السلام في الداخل والخارج.
القضاء على حماس
ويقول الكاتب إن القضاء على حماس على يد إسرائيل سوف يشكل هدية قيمة، ليس فقط لقطاع غزة، بل وأيضًا لكل اللاعبين العرب الذين يريدون التخلص من عدم الاستقرار، والإرهاب، والتمرد.
ويرى الكاتب أن رفض أربع دول عربية كبرى خلال قمة الرياض التصويت ضد توريد النفط إلى إسرائيل وقطع علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع الدولة اليهودية يدل على أن أيًا من اللاعبين العرب (باستثناء قطر) لا يريد إضعاف إسرائيل.
واستنادًا إلى دروس التاريخ وتجاربهم الخاصة وتجارب الآخرين، والأهم من ذلك، المراة التي بقيت بعد منح المقاومة الملاذ، فقد توصلت الدول العربية إلى استنتاج مفاده أنه لا ينبغي للعرب أن يقفوا ضد إسرائيل، بل يجب عليهم بدلًا من ذلك الحفاظ على علاقاتهم الدبلوماسي والاقتصادية مع إسرائيل.
أخيرًا، واستنادًا إلى الدروس التاريخية نفسها وحرص الجهات العربية الفاعلة على التقارب مع إسرائيل، لا يُعرَّف الصراع الحالي على أنه صراع عربي إسرائيلي. بل هو نتيجة الرعب والمخاوف الناجمة عن هجوم حماس، وبالتالي فإن الحرب هي حرب إسرائيلية واضحة ضد الإرهاب.