نيويورك تايمز: حرب غزة توسع الفجوة بين الحكام العرب وشعوبهم
في حين كان هناك انفصال طويل الأمد بين عديد من قادة الدول العربية ومواطنيهم بشأن نهجهم تجاه القضية الفلسطينية، فقد سلطت الحرب الضوء على هذه الفجوة المتسعة على نحو حاد منذ سنوات. وفي عديد من الاحتجاجات في جميع أنحاء المنطقة، ذهب المحتجون إلى ما هو أبعد من إدانة إسرائيل إلى...
نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرًا لمراسلتها في المنامة فيفيان نيريم تُسلط الضوء فيه على الفجوة المتزايدة بين الحكام العرب وشعوبهم بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة.
تستهل الكاتبة تقريرها بالإشارة إلى الاحتجاجات المتواصلة في البحرين دعمًا للفلسطينيين وضد الاعتداءات الإسرائيلية في غزة، والتي تناشد حكومتهم الاستبدادية المتحالفة مع الولايات المتحدة طرد السفير الإسرائيلي الذي عُين قبل عامين، بعد أن أقامت البحرين علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
وتلفت الصحيفة إلى أن البحرين شهدت تدفقًا للدعم الشعبي للفلسطينيين وتصاعدًا في العداء تجاه إسرائيل منذ بدء الحرب.
فجوة تتسع
ووفقًا للصحيفة، وفي حين كان هناك انفصال منذ فترة طويلة بين عديد من الدول العربية ومواطنيها بشأن نهجها تجاه القضية الفلسطينية، فقد سلطت الحرب الضوء على هذه الفجوة على نحو حاد منذ سنوات. وفي عديد من الاحتجاجات في جميع أنحاء المنطقة، ذهب الناس إلى ما هو أبعد من إدانة إسرائيل إلى الهتاف الداعم لحماس وانتقاد حكوماتهم.
وفي المغرب والأردن، تظاهر الآلاف لمطالبة دولهم بقطع العلاقات مع إسرائيل. وفي القاهرة، تجمع المتظاهرون المؤيدون للفلسطينيين في ميدان التحرير، حيث بدأت انتفاضة الربيع العربي في مصر، وأحيوا الصرخة الثورية من أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.
وفي البحرين، قال المتظاهرون إنه بالإضافة إلى الشعور العميق بالهوية العربية والإسلامية المشتركة، فقد رأوا روابط بين التحرير الفلسطيني وتحررهم من القمع السياسي.
لعقود من الزمن، رفضت معظم الحكومات العربية إقامة علاقات مع إسرائيل قبل إنشاء الدولة الفلسطينية. لكن هذه الحسابات تغيرت في السنوات التي سبقت الحرب، إذ قام القادة الاستبداديون بموازنة الرأي العام السلبي تجاه إسرائيل مقابل الفوائد الاقتصادية والأمنية للعلاقة – والتنازلات التي قد ينتزعونها من الولايات المتحدة، الحليف الأكبر لإسرائيل.
تريد حكومة البحرين أن يُنظر إليها على أنها صوت الاعتدال في الولايات المتحدة، وهي تستخدم بشكل متزايد علاقتها الجديدة مع إسرائيل لتشكيل هذا التوجه.
رفض اتفاقيات التطبيع
وفي عام 2020، أقامت البحرين والإمارات العربية المتحدة والمغرب علاقات مع إسرائيل في صفقات توسطت فيها إدارة ترامب والمعروفة باسم اتفاقيات إبراهام، لتنضم بذلك إلى مصر والأردن، اللتين أبرمتا اتفاقيات سلام مع إسرائيل منذ عقود.
وقد احتفلت الحكومات الغربية التي طالما دعمت الأسر الحاكمة في المنطقة بهذه الصفقات، وفي سبتمبر، وقعت الحكومة البحرينية اتفاقية أمنية شاملة مع إدارة بايدن.
لكن استطلاعات الرأي أظهرت أن معظم المواطنين العرب العاديين ينظرون بشكل متزايد إلى إقامة علاقات مع إسرائيل بشكل قاتم.
وتشير الصحيفة إلى أن القضية الفلسطينية ومعارضة إسرائيل توحد البحرينيين عبر الخطوط الطائفية والسياسية – السنة والشيعة، واليساريين العلمانيين والإسلاميين المحافظين، صغارًا وكبارًا. وعندما سُئلوا في استطلاع للرأي قبل الحرب عن تأثير اتفاقيات إبراهام على المنطقة، أجاب 76% من البحرينيين بأنها سلبية.
وقال عبد النبي العكري، الناشط البحريني في مجال حقوق الإنسان البالغ من العمر 60 عاماً، إن الاتفاقات فُرضت ضد إرادة الشعب.
وسحقت البحرين انتفاضة الربيع العربي عام 2011 بمساعدة القوات السعودية والإماراتية. كما أنها تستضيف إحدى أهم القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة.
وردًا على سؤال حول الرأي العام السلبي تجاه اتفاقيات إبراهام، قال بريت ماكغورك، أحد كبار مسؤولي البيت الأبيض في الشرق الأوسط، خلال مؤتمر المنامة الذي عقد في البحرين إنه يركز على الأزمة الحالية. ولكن أبعد من ذلك، قال، إن صناع السياسة الأمريكيين ما زالوا ملتزمين بدمج إسرائيل وجيرانها.
قبل الحرب، كان البيت الأبيض يجري محادثات مع المملكة العربية السعودية حول صفقة معقدة تعترف بموجبها المملكة، أقوى دولة عربية، بإسرائيل.
وقال ماكغورك إن واشنطن لن نسمح لما فعلته حماس في 7 أكتوبر بأن يعرقل هذا المسار بشكل دائم.
لكن بعض الفلسطينيين يخشون من أن يؤدي الاتفاق السعودي الإسرائيلي إلى تقويض نضالهم من أجل إقامة الدولة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول بحريني كبير تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته قوله إن حكومته تعتقد أن إسرائيل موجودة لتبقى، وأن شعوب المنطقة يجب أن تتعايش. وأضاف أن البحرين تشعر بالقلق من تأجيج الحرب للغضب والتطرف. وقال إنه يجب حماية اتفاقيات إبراهام كأداة لإحلال السلام.
ولكن عندما سئل عن الفجوة بين القادة العرب والرأي العام، لم يتناول المسؤول السؤال بشكل مباشر. وبدلًا من ذلك، قال إن البحرين تعتقد أن الوضع في غزة كارثي وتبذل كل ما في وسعها لتعزيز السلام.
من جانبه، رفض الأمير تركي – رئيس المخابرات السعودية السابق – فكرة أن بناء العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل من شأنه أن يحقق السلام، واصفا إياها بالوهم الإسرائيلي والأمريكي والأوروبي.