واشنطن بوست: حماس خدعت إسرائيل وأعطتها شعورًا زائفًا بالهدوء

خلاصة

أمضت حماس أكثر من عام في التخطيط لهجومها التاريخي على إسرائيل، بعد خطط قتالية مبنية على مواد مفتوحة المصدر ومعلومات استخباراتية عالية المستوى، حسبما قال ضباط المخابرات الإسرائيلية لمجموعة صغيرة من الصحفيين هذا الأسبوع، وفق ما نقلت صحيفة واشنطن بوست.

استعرض تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست أعدَّته شيرا روبين ما كشفه ضابط استخبارات حول تخطيط حماس المسبق لهجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر وكيف خدعت الحركة إسرائيل.

نقلت صحيفة واشنطن بوست عن ضباط المخابرات الإسرائيلية لمجموعة صغيرة من الصحفيين هذا الأسبوع أن حماس أمضت أكثر من عام في التخطيط لهجومها التاريخي على إسرائيل، بعد خطط معركة مبنية على مواد مفتوحة المصدر واستخبارات رفيعة المستوى. 

وقالت الصحيفة إن تعقيد الهجوم، والأدلة المتزايدة على التخطيط الاستراتيجي طويل المدى من جانب حماس، يلقي ضوءًا جديدًا على مدى قدرة جهاز استخبارات الجماعة على الوصول للمعلومة وغطرسة إسرائيل بشأن قُدراتها الأمنية.

ولفتت الصحيفة إلى أنه وحتى موقع الإحاطة يوم الاثنين كان معبرًا: مقر العمشات، وهي وحدة استخبارات كانت موجودة سابقًا داخل الجيش الإسرائيلي مكلفة بجمع الوثائق والمواد التقنية الأخرى ذات الصلة بالحرب.

وحل الجيش وحدة عمشات قبل خمس سنوات، بحسب الجيش الإسرائيلي. وقال شخص مطلع على الوحدة، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة مسائل أمنية حساسة: «لقد قررت إسرائيل أنها ضجرت من الحرب». وجرى إحياؤها بعد يوم 7 أكتوبر، وهو اليوم الأكثر دموية في تاريخ البلاد، عندما قُتل 1200 شخص.

هجوم مذهل 

وأوضحت الصحيفة أن الهجوم أذهل الإسرائيليين، الذين أكد لهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والقادة العسكريون، لسنوات عديدة، أن حماس قد رُدعت، وأن مقاتليها عزلوا في سياج أمني داخل غزة. لكن في مختلف أنحاء الجيش الإسرائيلي، حذر المحللون منذ أشهر من حدوث هجوم متعدد الجوانب: تسلل غير مسبوق إلى إسرائيل عن طريق البر والجو والبحر.

وقال ضباط المخابرات الإسرائيلية إن عديدًا من المقاتلين الثلاثة آلاف الذين اقتحموا السياج الحدودي الإسرائيلي مع غزة، الذي تبلغ تكلفته مليار دولار، مع بزوغ فجر يوم 7 أكتوبر، كانوا يحملون خطط معركة بتعليمات محددة.

وتضمنت بعضها خططًا لضرب قواعد عسكرية في أقصى الشمال مثل رحوفوت وفي الشرق حتى بئر السبع، بالإضافة إلى موقعين – يحملان الرمز النقطتين 103 و106 – في عمق البحر المتوسط.

وقال ضابط في الجيش الإسرائيلي في مقر عمشات، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته وفقا للبروتوكول العسكري: «لا نعرف ماذا أرادوا هناك». وقد أمضى فريقه الشهرين الماضيين في فحص أجهزة الكمبيوتر والدفاتر والنشرات ومعدات الاتصالات.

جاء المقاتلون إلى إسرائيل ومعهم خطط قتالية مفصلة تتضمن خرائط للهياكل الداخلية للقواعد العسكرية والمدن الاستيطانية، وقوائم واسعة من الأسلحة والمعدات التي تستخدمها كل وحدة من وحداتها، وقوائم مرجعية لقتل وأسر الرجال والنساء والأطفال. 

تجاهل التحذيرات

وتضيف الصحيفة أن خطط المعركة تؤكد ما كان الجنود الأفراد في وحدات منفصلة عبر الجيش الإسرائيلي يحذرون منه منذ أشهر، وفي بعض الحالات لأكثر من عام – وهو أن المسلحين لم يجروا مجرد تدريبات عبر الحدود في غزة، كما ادعى عديد من قادة الجيش الإسرائيلي، لكنهم كانوا يستعدون بنشاط لأكبر عملية عسكرية على الإطلاق.

وقُدمت وثيقة استخباراتية للجيش الإسرائيلي - تحمل الاسم الرمزي «جدار أريحا» - تضم أكثر من 30 صفحة، في مايو 2022 إلى أهارون هاليفا، رئيس مخابرات الجيش الإسرائيلي، وإليعازر توليدانو، رئيس القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، حسبما أفادت الإذاعة الإسرائيلية العامة كان الأسبوع الماضي.

ولم يحدد العرض التقديمي تاريخًا للهجوم. لكن ضباط المخابرات فهموا أن حماس كانت تخطط لإطلاق قواتها في يوم السبت، السبت اليهودي، أو في عطلة يهودية، عندما يكون هناك عدد أقل من الجنود لحراسة الحدود.

وكانت التفاصيل الأخرى ذات بصيرة مخيفة: الهجوم سيتضمن وابلًا أوليًا من الصواريخ لتكون بمثابة غطاء لاقتحام المستوطنات الإسرائيلية والقواعد العسكرية، وستُستخدم الطائرات المسيرة والقناصة لتعطيل كاميرات المراقبة، وفقًا لأيالا حسون، صحفية من كان.

ولم يعلق هاليفا ولا توليدانو على وثيقة جدار أريحا التي نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا عن وجودها لاحقا.

وأكد ضابط أمن لصحيفة واشنطن بوست، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن استخبارات الجيش الإسرائيلي جمعت أدلة على وجود خطط لهجوم واسع النطاق لحماس منذ أكثر من عام.  

وقال إن الجيش أصدر في أبريل إنذارًا داخليًا بشأن تسلل لحماس يستهدف الكيبوتسات القريبة من قطاع غزة، مستشهدًا بأدلة ملموسة على أن العملية من المرجح أن تشمل مئات المسلحين.

وقال ضابط الأمن إنه في أغسطس، قبل أسابيع من الهجوم، أشارت معلومات استخباراتية جديدة إلى هجوم وشيك.

وقال: «لقد زاد الجيش الإسرائيلي من جاهزيته ويعتقد أنهم أوقفوه. إنهم يرون الآن أن ذلك كان جزءًا من خداع حماس».

وتجاهلت القيادات التحذيرات مرة أخرى. ولم تُخطر المجتمعات المحلية على الجانب الإسرائيلي من الحدود مطلقًا.

وأصدرت السلطات الأمنية الإسرائيلية تصاريح لإقامة مهرجان نوفا الموسيقي على بعد أميال قليلة من حدود غزة؛ وقد لقى 364 شخصًا مصرعهم فى المهرجان واحتُجز العشرات كرهائن يوم 7 أكتوبر.

ونقلت الصحيفة عن رامي صموئيل، أحد منظمي الحفل، قوله إن الاعتقاد بأن هناك معلومات ولم يجري إخبارنا بها هو أكثر من مجرد سهو؛ إنها خيانة. ولا يمكن للسهو أن يكلف حياة 1200 شخص. 

خداع إسرائيل

لسنوات عديدة، حسب ما تضيف الصحيفة، ادعت حماس، في تصريحاتها العامة ودبلوماسيتها الخاصة، أنها مهتمة ببناء غزة اقتصاديًا أكثر من اهتمامها بتجديد الصراع مع إسرائيل.

وقال هاليفا في سبتمبر 2022 إنه على الرغم من تورط حماس في أنشطة عسكرية، «إلا أننا نرى أن العمليات التي يجري تنفيذها تجاه إسرائيل لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والسماح بدخول العمال تمكنها من جلب سنوات من الهدوء».

امتنعت حماس إلى حد كبير عن إطلاق الصواريخ على إسرائيل بعد عام 2021. وفي مايو، ظلت على الهامش بينما انخرطت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، وهي جماعة مسلحة أصغر في غزة، في صراع قصير الأمد مع إسرائيل.

وفي الأشهر الأخيرة أيضًا، نُظمت مظاهرات كبيرة عند السياج في غزة لتعويد الجيش الإسرائيلي على رؤية الحشود على الحدود، وعلى نطاق أوسع، «لتهدئة إسرائيل وجعلها تشعر بالرضا عن النفس»، كما قالت ميري آيسين، مسؤولة استخبارات كبيرة سابقة في الجيش الإسرائيلي.

وقالت آيسين إن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وعديد من حلفاء إسرائيل، كانوا أكثر اهتمامًا بحزب الله، الجماعة المسلحة المدعومة من إيران في الشمال والتي أعلنت في عام 2018 عن خططها للسيطرة على منطقة الجليل.

وقالت: «كانت هناك خطط تؤخذ على محمل الجد - كانت في الشمال، مع حزب الله».

سعى نتنياهو إلى النأي بنفسه عن الفشل الاستخباراتي. ولم يعلق مكتبه على ما إذا كان رئيس الوزراء على علم بخطة معركة حماس المبينة في «جدار أريحا».

وكان بعض الجنود الذين حاولوا دق ناقوس الخطر من بين أول من قُتلوا صباح الهجوم.

قُتل العقيد أساف حمامي، 41 عامًا، قائد اللواء الجنوبي في فرقة غزة، وهو يقاتل مسلحين في كيبوتس نيريم. يوم السبت، غير الجيش الإسرائيلي وضعه من «مفقود» إلى «مقتول أثناء القتال» وأبلغ أسرته أن حماس تحتجز جثته في قطاع غزة.

وقالت والدته، كلارا، إن محاولات ابنها لتحذير الجيش بشأن ما سيأتي جرى تجاهلها مرارًا.

وقالت والدته وهي تشيد به في مقبرة عسكرية في تل أبيب يوم الاثنين «لقد حذرتَ ونبهتَ وقلتَ لهم رأيتُ ما على وشك الحدوث ولا ينبغي أن نشعر بالغطرسة. كان هناك من قال لكم. لقد رأيت الأسوأ فقط. ثم جاء الأسوأ، في ذلك السبت الأسود، في 7 أكتوبر».

الموضوع التالي الجارديان: بايدن يندم الآن لدعمه القوي لنتنياهو - يجب أن يتصرف قبل فوات الأوان
الموضوع السابقنيويورك تايمز: حرب غزة توسع الفجوة بين الحكام العرب وشعوبهم