نيويورك تايمز: غير مباليًا بأزمات مصر، السيسي يستعد لـ6 سنوات أخرى
تمنح نتائج الانتخابات الرئاسية هذا الشهر فترة ولاية ثالثة للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي قدم نفسه باعتباره زعيمًا قويًا في منطقة غير مستقرة، وقد نجا السيسي من الأزمات ونوبات الإدانة الدولية منذ توليه السلطة مستفيدًا من الجغرافيا السياسية لبلاده، وفق ما يخلص تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لمراسلته فيفيان يي إن السيسي، وعلى مدى عقد من الزمن على رأس الدولة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العالم العربي، مرت عليه أوقات صعبة بدا فيها الرئيس المصري وكأنه منغمس إلى عنقه في أزمة يصعب الخروج منها.
النجاة من الأزمات
وتلفت الصحيفة إلى أنه كان هناك وقت قبل 10 سنوات، على سبيل المثال، عندما استولى الجنرال السابق على السلطة من خلال نشر الجيش لإسقاط أول رئيس منتخب بحرية في مصر، وهو الاستيلاء الذي توج بمقتل ما لا يقل عن 800 متظاهر مناهض للانقلاب في يوم واحد. جلبت مذبحة رابعة، كما أصبحت معروفة، عاصفة من الإدانة الدولية تجاه السيسي.
أو لنأخذ على سبيل المثال الانهيار الاقتصادي الذي حدث خلال الأشهر الـ 21 الماضية، عندما انهارت العملة، وارتفعت الأسعار إلى عنان السماء، وتوقف عديد من المصريين عن تحمل تكاليف اللحوم أو الرسوم المدرسية لأطفالهم. وعلى الرغم من أن صندوق النقد الدولي عرض خطة إنقاذ للمساعدة في تغطية الديون الهائلة التي تراكمت على الرئيس، يبدو أن المقرضين والمصريين على حد سواء بدأوا يفقدون صبرهم بسرعة تجاه ما وصفه الخبراء بالإدارة المدمرة للرئيس السيسي.
ومع ذلك، بعد مرور عقد من الزمن، لا يزال السيسي رئيسًا - ويعود ليحكم مصر ستة أعوام أخرى، كما تؤكد نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت هذا الشهر. وقالت السلطات يوم الإثنين إن السيسي فاز بولاية ثالثة بنسبة 89.6 بالمئة من الأصوات.
توظيف عدم الاستقرار الإقليمي
وتقول الصحيفة إن أحدًا لم يشك في النتيجة، في ضوء كل المزايا التي تتمتع بها قبضته الاستبدادية على البلاد. وجاءت ميزة إضافية من الحرب في غزة المجاورة، والتي سمحت للسيسي بتصوير نفسه باعتباره زعيمًا قويًا في الداخل والخارج، تمامًا كما فعل بعد الصراعات في ليبيا والسودان وسوريا وخارجها.
وقالت إن تلك الخريطة الجيوسياسية المضطربة للشرق الأوسط، وهي عبارة عن حريق متعدد الجبهات، جعلت السيسي، بطريقته العنيدة، يبدو وكأنه صخرة استقرار.
وإذا شعر السيسي بأن قبضته تتراجع، فإنه ببساطة يتحدى ذلك بفجاجة، إذ أن الأزمات الإقليمية أدت إلى تآكل أي ضغط عليه للإصلاح السياسي. فالتنازلات الصغيرة بشأن السياسة الاقتصادية وحقوق الإنسان لم تؤثر قط على سلطته أو سلطة المؤسسة العسكرية الأمنية التي تدير البلاد وتهيمن على اقتصادها.
وقد ظهرت ثقته بنفسه في كل ظهور علني. وفي أحد خطاباته عام 2016، تعهد بمواصلة رؤيته لمصر حتى نهاية حياته أو فترة رئاسته.
وقال لجمهوره الذي يصفق له: «إذا كنتم حقًا تحبون مصر، فأنا أقول لكل المصريين الذين يستمعون إلي: استمعوا إلى كلامي فقط. كلامي فقط ولا تسمعوا لأحد».
لقد كان هذا هو النوع من التصريحات التي رحب بها عديد من المصريين ذات يوم. بعد اضطرابات الربيع العربي في مصر، واعتبر البعض منذ ذلك الحين السيسي المنقذ.
وأشارت الصحيفة إلى أن الطريقة الوحشية التي صعد بها إلى السلطة حجبتها موجة على المستوى الوطني من الهوس بالسيسي والتي عكسها آنذاك انتشار صوره في كل مكان وعلى كل شيء حتى الأطعمة.
لقد حقق الرئيس أقصى استفادة من تفويضه المطلق، وذلك بالأساس عن طريق دفع خططه على الأرض. وقد شرع في إعادة تحويل مصر إلى «جمهورية جديدة» حديثة، فقام بتشييد عاصمة جديدة ضخمة في الصحراء، وبناء أميال من الطرق والجسور وتسوية الأحياء الفقيرة بالأرض من أجل إعادة التطوير على غرار دبي. ووعد بأن المشاريع الكبرى ستساعد في تنشيط الاقتصاد المصري.
وأشرف الجيش على كل هذه الأمور، والذي أمضى فيه السيسي حياته المهنية بأكملها قبل أن يتولى منصبه في عام 2014. ودُفِع جزء كبير منها من خلال الديون الجديدة.
الجغرافيا السياسية تلعب لصالحه
وتلفت الصحيفة إلى أن الجغرافيا السيسي لعبت لصالح السيسي مرارًا ومنحته الحجة لتسويقها، لافتة إلى الاضطرابات التي تشهدها جميع دول الجوار على الحدود الغربية في ليبيا وعلى الحدود الجنوبية في السودان وعلى الحدود الشرقية في غزة، وحتى في الشمال حيث البحر المتوسط، الذي فصل مصر عن أوروبا التي يشعر قادتها بالذعر إزاء احتمال ظهور موجة جديدة من المهاجرين.
وتسيطر مصر أيضًا على قناة السويس، وهي واحدة من أهم الممرات الملاحية في العالم.
ونقلت الصحيفة عن رباب المهدي، أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في القاهرة إن السيسي يحصل على فرصة كبيرة بسبب البلد الذي يحكمه، فقط بحكم الموقع.