نيويورك تايمز: قوى الشرق الأوسط تتخلى عن الجهود البحرية التي تقودها واشنطن لردع الحوثيين
لم توافق أي قوة إقليمية – باستثناء البحرين - على مشاركة قواتها البحرية في القوة البحرية الدولية التي تقودها الولايات المتحدة لمواجهة الحوثيين. ويعود الصمت العربي الواضح إزاء الانضمام إلى تلك القوة المشتركة خشية الدول الإقليمية التي تعارض شعوبها بشدة الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة من النظر إليها باعتبارها داعمة...
تناول تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز رفض دول الشرق الأوسط المشاركة في الجهود البحرية التي تقودها واشنطن لردع هجمات الحوثيين على سفن الشحن في البحر الأحمر.
تقول الصحيفة الأمريكية إن هناك غياب ملحوظ للدول الشرق أوسطية عندما أعلن وزير الدفاع لويد أوستن أن الولايات المتحدة تنظم قوة عمل بحرية جديدة لمواجهة التهديد الذي تشكله جماعة الحوثي اليمنية التي تهاجم الشحن العالمي في البحر الأحمر.
صمت عربي
ووفقًا للصحيفة، لم توافق أي قوة إقليمية على مشاركة قواتها البحرية. وكانت البحرين هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط المشاركة في تلك القوة، وكان هناك صمت واضح من العواصم الإقليمية.
وتعتمد عديد من الدول العربية اعتمادًا كبيرًا على التجارة التي تتدفق عبر البحر الأحمر، من قناة السويس في الشمال إلى مضيق باب المندب الذي يتاخم اليمن في الجنوب. ولكن في ظل إعلانات الولايات المتحدة المتكررة والصريحة عن دعم الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة والتي تثير الغضب بين الشعوب العربية، فلا يبدو أن أي دولة في المنطقة ترغب في الارتباط بالولايات المتحدة في مغامرة عسكرية من هذا القبيل.
ونقلت الصحيفة عن الدكتور سنام فاكيل، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس، مركز أبحاث الشؤون الدولية في لندن، قوله «إنها لحظة غير مريحة ومحرجة حقًا لمعظم الدول العربية»، مضيفة أنهم «لا يريدون أن يُنظر إليهم على أنهم يؤيدون تدمير إسرائيل لغزة وأساليبها الوحشية بأي شكل من الأشكال».
وكانت إيران - الداعم الرئيس للحوثيين - هي المنتقد الأكثر صراحة للجهود الأمريكية، بينما تحاول أيضًا السير على خط رفيع. وانتقدت أي انضمام إلى القوة الجديدة باعتبارها «مشاركة مباشرة في جرائم الكيان الصهيوني»، بحسب تصريح علي شمكاني، المستشار السياسي للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، نقلته وسائل الإعلام الرسمية.
وفي الوقت نفسه، سعت إيران أيضًا إلى التقليل من أهمية أي دور مباشر في الهجمات الصاروخية أو الطائرات المسيرة ضد إسرائيل أو الشحن في البحر الأحمر، زاعمة أن الحوثيين كانوا يتصرفون من تلقاء أنفسهم. وقال الدكتور فاكيل إن الهدف كان تجنب إثارة الغضب المباشر للولايات المتحدة.
إحجام مصري وسعودي
وتضيف الصحيفة أنه وحتى تلك الدول التي تعتمد تجارتها وإيراداتها على الحفاظ على أمن خطوط الشحن البحري، فقد تراجعت عن المشاركة في وقت قالت فيه خمس شركات شحن كبرى على الأقل إنها ستتجنب البحر الأحمر.
وحققت مصر رقما قياسيًا بلغ 9.4 مليار دولار من السفن التي تعبر قناة السويس إما من وإلى البحر الأحمر العام الماضي، وهو ما يمثل حوالي 2 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي ويعمل كمصدر مهم للنقد الأجنبي. ويمر نحو 12 بالمئة من التجارة العالمية عبر القناة بين البحر الأحمر والبحر المتوسط، وخاصة سفن الحاويات.
وكان رد الفعل الرسمي الوحيد من مصر هو بيان صدر يوم الاثنين عن هيئة قناة السويس قالت فيه إنها تراقب الوضع عن كثب.
ويقع ميناء جدة، الذي يتعامل مع الجزء الأكبر من الحركة التجارية في المملكة العربية السعودية، على البحر الأحمر، ويعد الساحل بأكمله محورًا رئيسًا لجهود التنويع الاقتصادي التي يدفعها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
لكن علاقة السعودية بالحوثيين كانت معقدة حتى قبل الحرب في غزة. وبعد سنوات من خسارة الحرب فعليًا مع الحوثيين، يتطلع السعوديون إلى محاولة إبرام اتفاق سلام وعدم الدخول في مواجهة جديدة.
بعد أن تحدث وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، يوم الاثنين مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، كان ملخص المكالمة من كل جانب مختلفًا على نحو ملحوظ. وأشارت الرواية الأمريكية إلى أن بلينكن حث على التعاون في مجال الأمن البحري لمواجهة الحوثيين، وقالت الرواية السعودية إن النقطة الرئيسة في المكالمة هي مناقشة التطورات في غزة.
ورفضت سلطنة عمان، التي تتوسط بين المجتمع الدولي والحوثيين، الضغط على الحوثيين لوقف هجماتهم على السفن، قائلة إن وقف إطلاق النار في غزة يجب أن يأتي أولًا، وفقًا لشخص أطلعه مسؤولون عمانيون وتحدث عن الأمر بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية المفاوضات.
وتشعر عديد من الدول بالقلق من أن الحرب في غزة قد تؤدي إلى تأجيج الصراع في المنطقة. ولكن هناك المزيد من الدول التي قد تدعم فرقة العمل، والتي تضم حتى الآن أيضًا بريطانيا وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا والبحرين، التي تستضيف قاعدة بحرية أمريكية وأبرمت مؤخرًا اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة، والإمارات العربية المتحدة، التي شاركت أيضًا في الحرب الطويلة ضد الحوثيين في اليمن.
وردًا على هذا الإعلان، دعت مجموعة من المواطنين البحرينيين إلى التظاهر يوم الجمعة احتجاجًا على مشاركة حكومتهم في فريق العمل، ونددت جمعية الوفاق، وهي جماعة المعارضة الرائدة في البلاد، بقرار الحكومة، قائلة إنه جعل البحرين «شريكًا مباشرًا» في سفك الدم الفلسطيني.
موافقة مكتومة
وقال الدكتور فاكيل إن عديدًا من الدول العربية راضية سرًا بمشاهدتها الولايات المتحدة وهي تتدخل في مواجهة مع إحدى القوات الوكيلة لإيران.
وفي الأشهر الأخيرة، سعت إيران إلى استعراض عضلاتها، مشيرة إلى أن الحوثيين يشكلون نقطة واحدة مما يسمى بـ «محور المقاومة»، وهو المصطلح الذي يجمع حلفاء مختلفين في العالم العربي، مثل حزب الله وحماس. والأسبوع الماضي، وقبل الإعلان عن تشكيل القوة البحرية، حذّر وزير الدفاع الإيراني محمد رضا من تلك الخطط، قائلًا: «البحر الأحمر منطقتنا ونحن نسيطر عليه، ولا يستطيع أحد المناورة فيه».