المونيتور: قائد قوات الدعم السريع يبحث عن الشرعية في جولة أفريقية
يقول محللون إن قائد قوات الدعم السريع ظهر الآن لاحتضان السياسيين المدنيين والقيام بجولة في العواصم الأفريقية في محاولة للحصول على الشرعية الدولية، في خطوة هي على الأرجح جاءت بتوجيه من دولة الإمارات الذي تعتبره جزءًا من استراتيجيتها، وفق ما يخلص تقرير لموقع المونيتور.
استعرض تقرير نشره موقع المونيتور سعي قائد قوات الدعم السريع في السودان محمد حمدان دقلو (حميدتي) لكسب الشرعية في جولة أفريقية.
وقال الموقع الأمريكي إن قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية في السودان أمضى الأشهر الأولى من حرب البلاد في الظل. ويقول محللون إنه ظهر الآن لاحتضان السياسيين المدنيين والقيام بجولة في العواصم الأفريقية في محاولة للحصول على الشرعية الدولية.
وأوضح الموقع أن محمد حمدان دقلو - المعروف بـ حميدتي - يقود قوات الدعم السريع التي اتهمتها الولايات المتحدة بالتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية في منطقة دارفور السودانية خلال حربها مع الجيش.
وتقاتل قوات الدعم السريع القوات المسلحة السودانية بقيادة عبد الفتاح البرهان منذ أبريل من العام الماضي في السودان.
جزء من استراتيجية إماراتية
ولفت الموقع إلى أن دقلو ظل بعيدًا عن الأنظار إلى حد كبير بينما خرج البرهان من حصار المقرات العسكرية للقيام برحلات خارجية ومخاطبة الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتباره رئيسًا فعليًا للسودان.
لكن منذ أواخر ديسمبر، كان دقلو في أول رحلة له في زمن الحرب إلى الخارج، حيث التقى بقادة حكوميين في أوغندا وجيبوتي وإثيوبيا وكينيا وجنوب إفريقيا ورواندا.
ويُعد دقلو جزءًا من استراتيجية يرى المحللون أنها مرتبطة على الأرجح بالإمارات العربية المتحدة.
وقال الخبير في الشأن السوداني أليكس دي وال إن دقلو «في صعود».
وقال كليمنت ديشايس، المتخصص في شؤون السودان بجامعة السوربون في باريس، إن دقلو «حظي باستقبال مماثل لرؤساء الدول» في زياراته.
وقال ديشايس إن الاستقبال الأهم جاء في أديس أبابا حيث التقى دقلو برئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك واحتضنه، الذي وضع قيد الإقامة الجبرية بعد انقلاب أكتوبر 2021 الذي دبره البرهان ودقلو، عندما كانا حليفين.
أدى انقلابهم إلى إخراج انتقال السودان الهش إلى الديمقراطية عن مساره.
وبعد فترة وجيزة من إعادته إلى منصبه، استقال حمدوك في يناير 2022 وهرب إلى أبوظبي. ولا يزال حمدوك السياسي المدني الأول في السودان، وعاد للظهور كجزء من تحالف جديد يعرف باسم تقادم.
«إبداء الاحترام»
ونقل الموقع عن أندرياس كريج، خبير الدراسات الأمنية في كينج كولدج، إن دقلو كان يتخذ «أهم خطوة ممكنة لاكتساب الشرعية».
وعلى الرغم من استمرار إدارة البرهان في إصدار تصريحات كحكومة سودانية، إلا أن قوات الدعم السريع تسيطر على شوارع العاصمة الخرطوم، تقريبًا وعلى جميع مناطق غرب دارفور، وفي ديسمبر ضغطت بشكل أعمق على ولاية الجزيرة، مما أدى إلى تحطيم أحد الملاذات القليلة المتبقية في البلاد..
وتقول الأمم المتحدة إن العنف «يعرض الاستقرار الإقليمي للخطر»، بعد أن أطلق العنان لأكبر أزمة نزوح في العالم أدت إلى اقتلاع أكثر من سبعة ملايين شخص، من بينهم حوالي 1.4 مليون عبروا إلى البلدان المجاورة.
برز دقلو، تاجر الإبل والأغنام السابق، في عهد الرجل السوداني القوي السابق عمر البشير الذي أطلق العنان لميليشيات الجنجويد بعد بدء تمرد أقلية عرقية في دارفور عام 2003. وأدت حملة الميليشيات إلى توجيه تهم بارتكاب جرائم حرب للبشير وآخرين.
عندما هاجم أفراد الأمن المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية في الخرطوم في يونيو 2019 بعد الإطاحة بالبشير، كانت قوات الدعم السريع، الجنجويد، هي التي قال شهود عيان إنها كانت في طليعة من سفكوا الدماء، مما أسفر عن مقتل 128 شخصًا على الأقل.
ومع ذلك، قال محللون لوكالة فرانس برس إن احتضان دقلو لشريك مدني يوفر فرصة لكسب الشرعية الدولية، لا سيما من الغرب.
وقال ديشايس إن ذلك كان «على الرغم من التطهير العرقي في دارفور (و) الاغتصاب والنهب المنهجي في وسط السودان ودارفور».
وقال خلود خير، المحلل السوداني، إن شائعات الارتباط بين حمدوك ودقلو كانت «منتشرة حتى قبل الحرب» و «بدأت تأخذ وتيرة سريعة» قبل اجتماع أديس أبابا.
وقال خير لوكالة فرانس برس إن ما عكسه «مشهد الاجتماع أن حميدتي هو المسؤول»، فيما كان رفقاء حمدوك يأتون اليه ويتناوبون على إلقاء التحية وإبداء الاحترام له».
واتهم نشطاء مؤيدون للديمقراطية حمدوك على وسائل التواصل الاجتماعي بخيانة المدنيين لتحقيق مكاسب سياسية.
عزل الجيش
وقال حمدوك إنه يأمل في «اجتماع عاجل» مع البرهان.
ومع ذلك، قال كاميرون هدسون، الخبير الأفريقي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن الجنرال الآن «من غير المرجح أن يوافق على لقاء حمدوك».
ورد البرهان بغضب على جولة دقلو، واتهم الدول المضيفة بـ «الشراكة في قتل الشعب السوداني».
وقال هدسون لوكالة فرانس برس ان هذا «هو بالضبط مقصد حميدتي».
وقال «سيجعل الجيش يبدو معارضًا للسلام ويصور حميدتي على أنه الطرف الأكثر عقلانية ومسؤولية».
وقال عديد من المحللين، بمن فيهم كريج وهدسون، لوكالة فرانس برس إن الاستراتيجية ربما لم تكن من بنات أفكار دقلو وحده ومن المحتمل أنها جاءت من الإمارات العربية المتحدة.
ويقول محللون إن الإمارات العربية المتحدة تزود بالفعل قوات الدعم السريع بالذخائر عبر الدول الأفريقية المجاورة - وهي تهمة نفتها الإمارات.
وقال كريج إن الإمارات كانت «تهندس رواية يخرج بها حميدتي بوصفه زعيمًا سياسيًا محتملًا»، مع «ائتلاف تقدم كمظلة مدنية شرعية لقوات الدعم السريع كقطاع أمني».
وقال ديشايس إن الجيش أصبح «معزولًا أكثر فأكثر»، إذ دفعت هزائمه العسكرية حليفه الوثيق مصر بعيدًا ودقلو الآن قادر على «بدء مفاوضات (السلام) من موقع القوة».
لكن في الوقت نفسه، قال هدسون إن عزل البرهان «لن يؤدي إلا إلى إرباك وتعقيد الوضع وخلق المزيد من الوقت والمساحة لاستمرار القتال».