ريسبونسبل ستيت كرافت: البحرين هي الدولة العربية الوحيدة التي انضمت إلى فرقة عمل البحر الأحمر الأمريكية

خلاصة

رغم أن جماعة الحوثي تهاجم السفن في البحر الأحمر من فنائهم الخلفي، أحجمت دول الخليج لأسبابهم الخاصة عن المشاركة في عملية حارس الازدهار، باستثناء البحرين وهي الدولة العربية الوحيدة التي انضمت للتحالف معتبرة أن فوائد تطبيع العلاقات مع إسرائيل والدعم الأمريكي تتجاوز مخاطر رد الفعل السلبي، وفق ما يخلص تقرير...

نشر موقع مجلة «ريسبونسبل ستيت كرافت» التابعة لمعهد كوينسي لفن الحكم الرشيد مقالًا كتبه جيورجيو كافييرو يستعرض فيه ما ورار مشاركة البحرين وإحجام الدول العربية الأخرى في فرقة العمل التي تقودها واشنطن للرد على هجمات الحوثيين.

يلفت الكاتب في مستهل مقاله إلى أن الولايات المتحدة أعلنت في الشهر الماضي عن عملية حارس الازدهار، وهي تحالف بحري يهدف إلى ردع هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن. وكانت البحرين الدولة العربية الوحيدة التي انضمت للتحالف الدولي فيما أحجمت الدول العربية الأخرى.

لدى عديد من الدول مخاوف مشروعة بشأن التوسع الإقليمي لحرب غزة. ويقول الحوثيون إنهم يستهدفون السفن التجارية المملوكة لإسرائيل أو المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية بضربات صاروخية وطائرات مسيرة، وقد اختطفوا بالفعل سفينة. وتعهدوا بمواصلة هذه الهجمات حتى توافق إسرائيل على وقف إطلاق النار.

وكانت الولايات المتحدة تحبط معظم هذه الهجمات بدفاعاتها الصاروخية البحرية.

هناك الكثير على المحك اقتصاديًا مع الأزمة الأمنية في البحر الأحمر. ويفصل بين شبه الجزيرة العربية والقرن الأفريقي مضيق باب المندب الذي يربط المحيط الهندي وخليج عدن بالبحر الأحمر. ويمر ما يقرب من 30 في المائة من جميع الحاويات العالمية عبر باب المندب وقناة السويس، وكذلك حوالي 12 في المائة من جميع التجارة العالمية.

لكن منذ بدء هجمات الحوثيين في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن في أكتوبر، توقفت شركات الشحن الكبرى عن عبور قناة السويس وأعادت توجيه سفنها حول إفريقيا، مما يهدد برفع أسعار المستهلكين. ويمكن لهذا الاضطراب في تجارة البحر الأحمر أن يضر بشكل خطير بالاقتصادات في جميع أنحاء أوروبا، التي كانت تتقلص بالفعل قبل هذه الأزمة.

ما وراء إحجام الدول العربية

ويقول الكاتب إن عدم انضمام المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين كانتا الدولتين الرئيستين في التحالف العسكري العربي الذي بدأ قتال الحوثيين في عام 2015، إلى عملية حارس الازدهار أمر مهم للغاية.

 ومن الجدير بالذكر أيضًا حقيقة أن مصر، وهي دولة عربية كبرى على ساحل البحر الأحمر بطول 930 ميلًا، رفضت الانضمام أيضًا.

وتجنبت معظم الدول العربية الانضمام رسميًا إلى العملية لعدة أسباب. أولًا، الشعوب العربية غاضبة للغاية من قصف إسرائيل العشوائي، والتجويع القسري، وتشريد ملايين الفلسطينيين في غزة، لدرجة أن الحكومات في المنطقة لا تريد أن يُنظر إليها على أنها متواطئة من خلال الوقوف علانية إلى جانب واشنطن، التي من الواضح أنها تمول وتُسلح إسرائيل.

ثانيًا، تريد الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي - وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة - تجنب الإجراءات التي يمكن أن تؤدي إلى استئناف هجمات الحوثيين على مرافقهم وبنيتهم التحتية المدنية أو زيادة زعزعة استقرار البحر الأحمر، حيث تطمح السعودية لتنفيذ عديد من المشاريع في إطار رؤية 2030.

ثالثًا، تخشى الرياض وأبو ظبي من أن الانضمام إلى هذه المبادرة الأمنية قد يزعج الانفراجة في العلاقات مع طهران التي ترعى حركة الحوثي.

موقع البحرين الفريد

ويوضح الكاتب أن البحرين، التي اعترفت بها إدارة جورج دبليو بوش كحليف رئيس من خارج الناتو في عام 2002، كان لها حسابات مختلفة. ومن العوامل المهمة التي يجب وضعها في الاعتبار أن البحرين تستضيف الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية. كما وقعت البحرين والولايات المتحدة اتفاقية التكامل والازدهار الأمني الشامل، وهي اتفاقية أمنية واقتصادية استراتيجية، في سبتمبر.

وقال ستيفن رايت، الأستاذ المشارك في العلاقات الدولية بجامعة حمد بن خليفة: «لطالما رأت البحرين تهديدًا وجوديًا من إيران يشكل موقفها الأمني، لذلك من خلال توفير موطن للأصول الأمريكية، تكتسب البحرين الحماية والأهمية وهي طبقة أخرى تتجاوز الحماية الأمنية التي تتلقاها من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة».

وأضاف: «يبدو أن أعضاء مجلس التعاون الخليجي الآخرين لديهم حسابات أكثر تعقيدًا: فيما يخص السعودية والإمارات، فإن الجهود الحالية لتخفيف التوترات مع إيران تُفسر موقفهم».

وأشار جوزيف كيتشان، الزميل البارز في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في الرياض، إلى أن البحرين، التي لديها فرقاطة صاروخية موجهة واحدة وسفينتان صغيرتان للصواريخ الموجهة تسمى كورفيت، لم ترسل هذه الأصول للانضمام إلى فرقة العمل، على الأقل ليس بعد.

وقال إن «مساهمة المنامة قد تكون مماثلة لمساهمة أمستردام وكانبيرا، حيث أعلنت هولندا وأستراليا أنهما سترسلان أفرادًا عسكريين، لكن لا توجد سفن. ومع ذلك، نظرًا لأن البحرين هي مقر الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، وكذلك موطن القوات البحرية المشتركة التي تنسق عمليات التحالف في المنطقة، فمن المنطقي أن تنضم البحرين إذا كانت ستقدم وتتلقى معلومات عن المناورات الفعلية».

وأشار إلى أن أعضاء آخرين في تحالف التعاون الخليجي سيتبادلون المعلومات مع فرقة العمل الجديدة، على الرغم من أنه من غير الواضح كيف سيحدث ذلك. وأضاف كيتشيان: «بقدر ما هو معروف، اختارت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتان كان بإمكانهما نشر سفن بحرية، البقاء خارج عملية حارس الازدهار لأنهما اختلفا مع أهدافها الضيقة».

رد فعل سلبي في البحرين

ولفت الكاتب إلى أن البحرين، ومع تطبيع علاقاتها مع إسرائيل في عام 2020، كانت في وضع حرج منذ 7 أكتوبر. عندما يتعلق الأمر بالعلاقات مع إسرائيل، هناك انقسام كبير بين القيادة البحرينية ومواطنيها. وقد تعمق هذا الانقسام وسط حرب غزة.

ومع ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين في غزة، تواجه السلطات البحرينية مخاطر متزايدة لرد الفعل السلبي في الداخل نظرًا لمدى عدم شعبية اتفاقيات إبراهام بين المواطنين البحرينيين عبر الطيف السياسي للبلاد وبين مجموعات المجتمع المدني المتنوعة. كما وثقت هيومن رايتس ووتش مؤخرًا، استخدمت السلطات البحرينية تكتيكات قمعية لقمع المتظاهرين المتضامنين مع فلسطين في جميع أنحاء البلاد.

وقال رايت: «خلاصة القول هي أن الامتيازات الاقتصادية والدعم الأمريكي يفوقان اعتراضات الرأي العام من جماعاتها السياسية المحلية».

وأشار كورتني فرير، الزميل في جامعة إيموري، إلى أن مجلس النواب المنتخب في البحرين أصدر بيانًا في نوفمبر زعم فيه أن سفير البلاد قد غادر إسرائيل وأن العلاقات الاقتصادية بين الدولتين قد قطعت.

وقال فرير «وتأتي هذه اللهجة من برلمان موال بالأساس، مما يشير إلى أن مثل هذه المشاعر السلبية تجاه إسرائيل لا ترتبط فقط بأحزاب المعارضة، والتي بدورها قد تجعل من الصعب تجاهلها. والجدير بالذكر أن المواطنين انخرطوا في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، وبالتالي هناك غضب، لكن من غير المؤكد ما إذا كان هذا الغضب سيترجم إلى مخاطر سياسية على النظام».

قد تعرض علاقات البحرين الدبلوماسية مع إسرائيل والتحالف العسكري مع الولايات المتحدة المملكة الأرخبيلية لرد فعل سلبي من الجهات المتحالفة مع إيران في المنطقة. لكن إلغاء البحرين لاتفاقات أبراهام أو تغيير علاقتها مع واشنطن تغييرًا جذريًا أمر مستبعد للغاية. وفي نهاية المطاف، يبدو أن قيادة البحرين تقيم أن فوائد تطبيع العلاقات مع إسرائيل والدعم الأمريكي تتجاوز مخاطر رد الفعل السلبي.

وأضاف «في الأساس، تسعى البحرين إلى أن تكون ذات صلة بالولايات المتحدة من خلال دعم مبادرتها البحرية المضادة للحوثيين. وهذا يسمح لها بتعزيز علاقتها مع كل من الولايات المتحدة وإسرائيل أيضًا، بالنظر إلى أن هذا جزء من نهج لمواجهة الانتشار الجيوسياسي للحوثيين والإيرانيين».

الموضوع التالي كارنيجي أوروبا: التأثير الجيوسياسي للإخفاقات الاقتصادية الهيكلية في مصر وتونس ولبنان
الموضوع السابقأفريكا ريبورت: كويلي فرونتير ماركتس تقلل من تعرضها للديون السيادية المصرية بسبب ارتفاع مخاطر التخلف عن السداد