منتدى الشرق الأوسط: سد النيل الأزرق.. هل ستشتعل التوترات الإثيوبية المصرية؟

خلاصة

النزاع بين حكومتين متحالفتين مع الغرب في أفريقيا، والذي تجاهلته التعليقات الغربية إلى حد كبير، يهدد بتحول الخلاف إلى صراع مفتوح. وسيؤدي استكمال السد إلى تفاقم التوترات من خلال السماح لإثيوبيا بتوسيع أنشطة الري، الأمر الذي يقلل من تدفق المياه إلى مصر بمرور الوقت والتي تواجه بالفعل أزمة مياه حادة...

نشر موقع منتدى الشرق الأوسط تقريرًا للكاتب مارتن شيرمان يستعرض تداعيات الخلافات بين مصر وإثيوبيا بشأن نزاع سد النهضة على الاستقرار الإقليمي.

يبدأ الكاتب تقريره بثلاث اقتباسات جميعها لمسؤولين مصريين تسلط الضوء على خطورة الممارسات الإثيوبية الأحذية فيما يتعلق بـ ملء وتشغيل سد النهضة.

ويقول الكاتب إن النزاع بين حكومتين متحالفتين مع الغرب في أفريقيا، والذي جرى تجاهله إلى حد كبير في التعليقات الغربية، يهدد بالتحول إلى صراع مفتوح. ويركز النزاع على توزيع مياه أقوى نظام أنهار في القارة بين الدولتين الثانية والثالثة من حيث عدد السكان – إثيوبيا ومصر، على التوالي.

ويشير الكاتب إلى أن جذور التوتر ذات شقين، أحدهما قانوني؛ والثاني فني، تتعلق الأولى بوثيقة قانونية عمرها ما يقرب من مائة عام؛ والأخرى عبارة عن مشروع ضخم للطاقة الكهرومائية في الوديان العميقة للمرتفعات الإثيوبية.

ويعود تاريخ الصراع إلى اتفاقية من الحقبة الاستعمارية عندما أبرمت الاتفاقية الإنجليزية المصرية عام 1929 بين مصر وبريطانيا العظمى بشأن الاستفادة من مياه نهر النيل، حيث تمثل بريطانيا مستعمراتها في المنبع في حوض نهر النيل - السودان وأوغندا وكينيا وتنزانيا - الذين لم يكن لهم رأي يذكر في تحديد شروطها. ولعقود من الزمن، جرى إدارة وتخصيص مياه نهر النيل بموجب معاهدة 1929، التي منحت مصر حق النقض على مشاريع البناء على نهر النيل أو أي من روافده.

ومع نهاية الحكم الاستعماري – قبل قيام القاهرة ببناء السد العالي في أسوان عام 1960، والذي من شأنه أن يغمر مناطق واسعة من شمال السودان – أعقب هذا الاتفاق اتفاق لاحق عام 1959، أُبرم بشكل ثنائي بين مصر والسودان ما بعد الاستعمار.

وقد عززت هذه الاتفاقية الأخيرة بشكل فعال أحكام المعاهدة الإنجليزية المصرية لعام 1929، ولم تراعي سوى القليل من الاحتياجات المائية لدول المنبع الأخرى، بما في ذلك إثيوبيا، التي لم تكن موقعة على أي من الاتفاقيتين والتي توفر مرتفعاتها أكثر من 80% من المياه التي تصب في نهر النيل.

ومع تزايد عدد السكان والاحتياجات المائية، بدأت الحقائق الهيدرولوجية تتغير حتمًا، مما يشكل تحديًا للهيمنة المصرية على نظام النهر واستخدامه. ومع ذلك، فإن الصراع المستمر منذ فترة طويلة على مياه النيل بين دولتي المنبع والمصب لم يتصاعد إلا في عام 2011 مع قرار إثيوبيا البدء في بناء سد ضخم على النيل الأزرق، وهو أكبر سد في أفريقيا وأكبر محطة للطاقة الكهرومائية في القارة - ومن بين أكبر السدود في العالم.

الكهرباء الإثيوبية مقابل المياه المصرية

يوفر توليد الطاقة المحتمل من السد لإثيوبيا فرصة لزيادة إمدادات الكهرباء بشكل كبير في بلد يعاني من نقص حاد في الطاقة.

وعلى الرغم من حقيقة أن الاقتصاد الإثيوبي كان في السنوات الأخيرة واحدًا من أسرع الاقتصادات نموًا في العالم - إذ زاد الوصول إلى الطاقة الكهربائية بنسبة تزيد عن 400 بالمائة في العقدين الأولين من هذا القرن، إلا أنه لا يزال بلدًا يمزقه الفقر المدقع.

ومن ناحية أخرى، ينظر المصريون، الذين يعانون من نقص خطير في المياه، بقلق شديد إلى استكمال مشروع قد يعيق تدفق النهر إلى بلادهم، التي تعتمد بشكل كبير على نهر النيل لإمدادها بالمياه. وفي الواقع، يأتي 85% من مياه مصر من النيل الأزرق، الذي ينبع في إثيوبيا، وأقل من 7% من الموارد المحلية الأخرى، والتي تشمل المياه الجوفية، والنفايات السائلة المعاد تدويرها، والمياه المحلاة، والأمطار المتفرقة على طول الساحل.

وتنعكس خطورة المأزق المائي الاستراتيجي المصري في الأرقام المثيرة للقلق التالية. فخلال العقود الستة الماضية، تضاعف عدد سكان مصر أربع مرات (من 27 مليونًا إلى حوالي 115 مليونًا سنويًا) وانخفضت إمدادات المياه للفرد إلى 600-700 – ربع ما كانت عليه من 660 سم إلى 2500 سم).

علاوة على ذلك، أصبحت مصر بالفعل تحت عتبة الفقر المائي التي حددتها الأمم المتحدة، وبحلول عام 2025 تحذر المنظمة من أنها ستقترب من مستوى منخفض للغاية، وهو ما يعتبره خبراء المياه بمثابة الندرة المطلقة.

اشتد الصراع طويل الأمد على مياه النيل، بين دولتي المنبع والمصب، في عام 2011، مع تقلبات صعود وهبوط، وتضمن مفاوضات مباشرة بين الحكومتين المصرية والإثيوبية، ومحاولات وساطة بمشاركة الاتحاد الأفريقي وجنوب أفريقيا وتبادل طويل للتهديدات والتهديدات المضادة. واندلعت التوترات مرة أخرى في فبراير 2022 عندما بدأت أديس أبابا في تشغيل أول توربينات السد الثلاثة عشر، وبدأت من جانب واحد في إنتاج الكهرباء، دون التشاور أو التنسيق مع أي من دول النيل الأخرى. وتصاعدت التوترات مرة أخرى مؤخرًا عندما أفادت التقارير أن إثيوبيا أكملت ملء السد.

المياه: الأمر الوحيد الذي قد يدفع مصر إلى الحرب

وأشار الكاتب إلى أن القاهرة كانت في كثير من الأحيان عدوانية فيما يتعلق ببناء سد النهضة، والذي بدأ يتجسد قرب نهاية ولاية حسني مبارك التي دامت أربعة عقود في فبراير 2011. وبعد الإطاحة به، في أواخر مارس، مباشرة أعلنت أديس أبابا عن خطط، لبناء السد وبعد عدة أيام، وضع رئيس الوزراء الإثيوبي حجر الأساس للمشروع.

وعارض المصريون بشدة عمليات البناء اللاحقة، وانخرطوا في بعض الأحيان في دبلوماسية هجومية في محاولة لثني الإثيوبيين عن مشروعهم الطموح. والواقع أن الرفض المصري لإقامة إثيوبيا السدود على النيل الأزرق داخل حدودها السيادية يسبق مبادرة سد النهضة، وفقًا للكاتب.

وبالعودة إلى ما يزيد على أربعة عقود، أعلنت القاهرة أن المياه يمكن أن تصبح سببًا للحرب، كما عكس ذلك الرئيس السابق أنور السادات، الذي أعلن بصرامة أن الأمر الوحيد الذي يمكن أن يدفع مصر إلى الحرب مرة أخرى هو المياه.

وعلى نحو مماثل، بعد مرور عقد من الزمان، حذر وزير الخارجية المصري آنذاك بطرس بطرس غالي ـ الذي أصبح فيما بعد الأمين العام للأمم المتحدة ـ من أن الحرب القادمة في الشرق الأوسط لن تكون بسبب السياسة، بل على مياه النيل.

وينوّه الكاتب إلى أن استكمال السد يؤدي إلى تفاقم التوترات من خلال السماح لإثيوبيا بتوسيع أنشطة الري، الأمر الذي يقلل من تدفق المياه إلى مصر بمرور الوقت. وتواجه مصر بالفعل أزمة مياه حادة بسبب عوامل مثل النمو السكاني وتغير المناخ.

ويشكل النزاع تهديدًا محتملًا للأمن القومي المصري من خلال تشتيت الموارد المصرية بعيدًا عن الحفاظ على الاستقرار في سيناء، حيث ينشط التمرد منذ فترة طويلة. ومن الممكن أن يؤثر تجدد النشاط هناك على إسرائيل.

وقد اتخذت الولايات المتحدة أساليب مختلفة للتوسط في النزاع ولكن بدون نجاح ملموس بسبب تعنت إثيوبيا ومصالحها المتنافسة. وقد تكون هناك حاجة إلى مبادرة واسعة النطاق للبنية التحتية للمساعدة في حل أزمة المياه في مصر.

الموضوع التالي انترفاكس: مصر تناقش امتيازات جديدة مع شركة لوك أويل الروسية
الموضوع السابقذا ناشيونال: صفقة الإمارات تمنح المصريين راحة أكثر في شهر رمضان