افتتاحية واشنطون بوست: مجلس الشيوخ يبدأ في الوقوف في وجه ديكتاتور مصر
أشادت افتتاحية لصحيفة واشنطون بوست بقرار السيناتور بن كاردين تعليق 235 مليون دولار من المساعدات الأمريكية لمصر، مشيرة إلى أن القرار يبعث برسالة مهمة إلى مصر بشأن انتهاكاتها لحقوق الإنسان والتي يتعين على الرئيس المصري أن يستمع لها.
خصصت صحيفة واشنطون بوست افتتاحيتها للحديث عن العلاقات المصرية الأمريكية بعد توجيه اتهامات للسيناتور بوب مينينديز بتلقى رشى مقابل مساعدة الحكومة المصرية.
وقالت الصحيفة الأمريكية إن الرئيس الجديد للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بن كاردين بعث برسالة مهمة إلى مصر بشأن انتهاكاتها لحقوق الإنسان. وأعلن السيناتور أنه سيحجب 235 مليون دولار من المساعدات العسكرية الأجنبية التي وافقت عليها إدارة بايدن قبل أسابيع فقط، وأنه سيسعى إلى حظر المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة المستقبلية إذا لم تتخذ مصر خطوات ملموسة ومجدية ومستدامة لتحسين سجلها الحقوقي.
ويتعين على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن يستمع لتلك الرسالة. ولفترة طويلة، أفلت الجنرال المتقاعد من المساءلة عن تحويل مصر إلى سجن مفتوح، واحتجاز عشرات الآلاف من السجناء السياسيين وقمع حرية التعبير بلا هوادة.
وكانت إحدى الحالات الأخيرة هي الاعتقال والسجن غير المبرر لهشام قاسم، وهو ناشط ديمقراطي بارز وناشر سابق. وفي سبتمبر، حُكم على قاسم، وهو مدافع عن الصحافة المستقلة في مصر وانتقد الحكم العسكري للسيسي في وقت تمر فيه مصر بأزمة اقتصادية عميقة، بالسجن لمدة ستة أشهر بتهمة السب والقذف ضد وزير سابق في الحكومة.
وأوضحت الصحيفة أن هذه القضية ليست سوى جزء صغير من الهجوم الواسع الذي دام عقدًا من الزمن على المجتمع المدني في مصر، والذي يتضمن استخدام الحبس الاحتياطي لاحتجاز المتظاهرين والصحفيين والمعارضين لفترات طويلة دون توجيه اتهامات رسمية. ويشرف السيسي على نظام تدوير فيما يتعلق بالانتهاكات الحقوقية، إذ يطلق سراح بعض المسجونين ثم يعتقل المزيد. كما حاول تبييض القمع المستمر من خلال الإعلان عن الحوار الوطني مع المعارضة، والذي يقول الناشطون إنه استبعد أي نقاش حول حقوق الإنسان.
وبموجب القانون، فإن 320 مليون دولار من المساعدات العسكرية الخارجية الأمريكية لمصر مشروطة بتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان. وتشمل المعايير: حماية حريات التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي والسماح لوسائل الإعلام المستقلة والمجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان بالعمل دون تدخل، والإفراج عن السجناء السياسيين وتوفير الإجراءات القانونية الواجبة للمحتجزين. وقالت إدارة بايدن في 14 سبتمبر إنها ستصدر تنازلًا يتعلق بالأمن القومي يسمح لمصر بتلقي 235 مليون دولار من المساعدات المشروطة، مع حجب 85 مليون دولار فقط. ويمنع إعلان كاردين يوم السبت، والبيان الموازي الذي أدلى به جريجوري ميكس فعليًا مبلغ 320 مليون دولار.
وتلفت الصحيفة إلى أن تحرك كاردين يأتي أيضًا في الوقت الذي تورطت فيه مصر في مخطط فساد سياسي أمريكي مزعوم. وتولى كاردين رئاسة لجنة مجلس الشيوخ من السيناتور بوب مينينديز. وتشير وثائق الاتهام إلى أن مصر طلبت مساعدة مينينديز مقابل تلقي رشى في شكل أموال نقدية وسبائك ذهبية. وفي المقابل، وبحسب لائحة الاتهام، وافق مينينديز على استخدام نفوذه للضغط من أجل الحصول على مساعدات عسكرية لمصر من الولايات المتحدة.
وقالت الصحيفة إن هذه الادعاءات تصف محاولة مصر لإفساد العملية التشريعية الأمريكية. ومن المهين لدافعي الضرائب الأمريكيين أن يكتشفوا أن مصر، التي كوفئت منذ عام 1978 بأكثر من 50 مليار دولار من المساعدات العسكرية و30 مليار دولار من المساعدات الاقتصادية، تحاول تخريب جانب رئيس من الديمقراطية الأمريكية برشاوى تافهة. وتتطلب هذه الوقائع أن تقوم مصر بمحاسبة المسؤولين الذين يحتمل أن يكونوا متورطين في الصفقات القذرة المزعومة وتقديم محاسبة عامة شاملة للولايات المتحدة.
لكن هذا وحده لن يكون كافيا لتبرير الإفراج عن الأموال التي جمدها كاردين؛ فقد انتهك قادة مصر لفترة طويلة حقوق الإنسان لشعبهم، وأرهبوا معارضتهم، واعتدوا على وسائل الإعلام المستقلة.