نيويورك تايمز: إسرائيل تضغط سرًا على مصر للسماح باستقبال أعداد كبيرة من سكان غزة

خلاصة

سعت إسرائيل سرًا إلى حشد دعم دولي في الأسابيع الأخيرة لنقل عدة مئات الآلاف من المدنيين من غزة إلى مصر طوال مدة حربها في القطاع، وفق ما نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن ستة دبلوماسيين أجانب كبار، الأمر الذي يزيد من مخاوف التهجير الدائم.

نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرًا أعدَّه باتريك كينجسلي، مدير مكتب الصحيفة في القدس، يكشف فيه من خلال حديثه مع دبلوماسيين الضغوط الإسرائيلية السريةعلى مصر للسماح باستقبال مئات الآلاف من النازحين من سكان غزة.

ويقول الكاتب إن إسرائيل حاولت سرًا حشد دعم دولي في الأسابيع الأخيرة لنقل عدة مئات الآلاف من المدنيين من غزة إلى مصر طوال مدة حربها في القطاع، وفقًا لستة دبلوماسيين أجانب كبار.

الترويج للفكرة على المستوى الدولي

وأوضح الكاتب أن القادة والدبلوماسيين الإسرائيليين اقترحوا الفكرة سرًا على عديد من الحكومات الأجنبية، واضعين إياها باعتبارها مبادرة إنسانية من شأنها أن تسمح للمدنيين بالهروب مؤقتًا من مخاطر غزة إلى مخيمات اللاجئين في صحراء سيناء، عبر الحدود في مصر المجاورة.

ورفض معظم من حاورهم الإسرائيليون هذا الاقتراح - ومن بينهم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة - بسبب خطر أن يصبح هذا النزوح الجماعي دائما. وتخشى هذه الدول من أن مثل هذا التطور قد يزعزع استقرار مصر ويُهجِّر أعدادًا كبيرة من الفلسطينيين من وطنهم، وفقًا للدبلوماسيين، الذين تحدثوا دون الكشف عن هويتهم من أجل مناقشة مسألة حساسة بحرية أكبر.

كما رُفضت الفكرة بشدة من جانب الفلسطينيين، الذين يخشون أن تستخدم إسرائيل الحرب - التي بدأت في 7 أكتوبر بعد هجوم حماس ومقتل ما يقرب من 1400 شخص - لتهجير أكثر من مليوني شخص يعيشون في غزة بشكل دائم.

لقد فر أكثر من 700 ألف فلسطيني أو طردوا من ديارهم فيما يعرف الآن بإسرائيل خلال الحرب التي أحاطت بإنشاء الدولة في عام 1948. والآن يحذر عديد من أحفادهم من أن الحرب الحالية سوف تنتهي بـ «نكبة»  جديدة مماثلة.

ورفض مكتب بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، التعليق على الاقتراح.

بعد أيام من هجوم حماس في 7 أكتوبر، دعا الجيش الإسرائيلي جميع سكان شمال غزة – حوالي نصف سكان القطاع بالكامل – إلى الإخلاء إلى جنوب غزة بينما كان يستعد لغزو بري. لكن إسرائيل لم تقترح علنًا أن يعبر الفلسطينيون الحدود المصرية، المغلقة إلى حد كبير منذ بداية الحرب.

مصر ترفض الفكرة

ولفتت الصحيفة إلى أن مصر رفضت فكرة التهجير المؤقت، ناهيك عن التهجير الدائم. ورفض متحدث باسم الحكومة المصرية التعليق على هذا التقرير، مشيرًا بدلًا من ذلك إلى خطاب ألقاه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الشهر الماضي، والذي رفض فيه الفكرة.

وقال السيسي في كلمة نشرت على الإنترنت: «أكدت مصر وكررت رفضها التام للتهجير القسري للفلسطينيين ونزوحهم إلى الأراضي المصرية في سيناء، لأن هذا ليس سوى تصفية نهائية للقضية الفلسطينية»..

ومع ذلك، فقد أيد بعض حلفاء نتنياهو السياسيين علنًا فكرة نقل أعداد كبيرة من سكان غزة مؤقتًا إلى مصر وكذلك إلى دول أخرى في المنطقة وفي الغرب.

وقال داني دانون، النائب عن حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو والسفير الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة، إنه يؤيد إجلاء المدنيين في غزة لإعطاء إسرائيل مساحة أكبر للمناورة أثناء غزوها البري لغزة، ولإبعاد المدنيين عن طريق الأذى.

وقال دانون في مقابلة عبر الهاتف: «نحاول خفض مستوى الخسائر في صفوف قواتنا والمدنيين». واضاف «لا نتوقع من المصريين فحسب، بل من المجتمع الدولي بأسره بذل جهد حقيقي لدعم وقبول سكان غزة».

وأضاف دانون أن الفكرة تحتاج إلى موافقة الحكومة المصرية، التي تسيطر على الحدود الجنوبية لغزة. ومع ذلك، فإن دانون ليس عضوًا في الحكومة ولم يتمكن من تأكيد ما إذا كانت إسرائيل تضغط على الحكومات الأجنبية لدعم مثل هذه الخطة.

عدم اليقين بشأن مستقبل غزة 

وأشارت الصحيفة إلى أن الجهود الدبلوماسية الإسرائيلية زادت من الشعور المتنامي بعدم اليقين بشأن ما سيحدث إذا سيطرت إسرائيل على أجزاء من غزة أو كلها، ولو مؤقتًا، في نهاية عملياتها العسكرية.

غزت القوات البرية الإسرائيلية غزة في 27 أكتوبر، بعد حوالي ثلاثة أسابيع من سيطرة حماس على أجزاء من جنوب إسرائيل.

وقالت الصحيفة إن أهداف إسرائيل المعلنة هي تفكيك حماس وإنقاذ أكثر من 240 مدنيًا وجنديًا أسرتهم الحركة وحلفاؤها في 7 أكتوبر. لكن المسؤولين الإسرائيليين قالوا مرارًا إنهم ما زالوا يقيمون من يجب أن يحكم القطاع بمجرد تحقيق هذه الأهداف. .

ويتلخص أحد المقترحات في التنازل عن غزة لقوة دولية يمكنها بعد ذلك أن تساعد في إعادة إعمار بنيتها التحتية وإسكانها قبل تسليمها إلى السلطة الفلسطينية، وهي مؤسسة فلسطينية أكثر اعتدالًا تدير أجزاء من الضفة الغربية المحتلة. لكن السلطة قالت إنها لا تريد السيطرة على المنطقة ما لم تسمح إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية.

ويدعو بعض المتشددين الإسرائيليين إلى الحفاظ على السيطرة على غزة وطرد سكانها الفلسطينيين على نحو دائم. ودعا أرييل كالنر، عضو الكنيست عن حزب الليكود، إلى نكبة أخرى من شأنها أن «تلقي بظلالها» على النزوح الجماعي الأول في عام 1948.

وقال كالنر في 8 أكتوبر: «الآن، هدف واحد: النكبة!». وأضاف: «النكبة في غزة والنكبة لمن يجرؤ على الانضمام!».

الموقف المصري

ونوَّهت الصحيفة إلى أن مصر تلعب دورًا دقيقًا في غزة - جزئيًا حرس حدود، وجزئيًا وسيط، وجزئيًا ميسر مساعدات - لكنها لا تريد أن ينتهي بها المطاف بالإدارة الفعلية للقطاع. وبعد أكثر من عقد من الاضطرابات الداخلية التي اندلعت بسبب انتفاضة الربيع العربي، أصبحت البلاد الآن غارقة في أزمة اقتصادية طاحنة وتخشى أن يكون التدفق الكبير للفلسطينيين أكثر زعزعة للاستقرار.

وتخشى مصر أن تؤدي الهجرة المفاجئة للفلسطينيين إلى تعكير صفو شمال سيناء، حيث يكافح الجيش المصري لاحتواء التمرد الإسلامي، أو أنها قد تدفع بعض الفلسطينيين إلى شن هجمات من سيناء على إسرائيل، الأمر الذي قد يجر مصر إلى صراع مع إسرائيل.

كما رفض الفلسطينيون في غزة فكرة الانتقال إلى مصر، معتبرين أنها ستشكل نكبة جديدة.

وقال عميد عابد، 35 عاما، من سكان جباليا، وهي منطقة شمال غزة دمرتها الضربات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة: «بصفتي فلسطينيًا، لن أجدد النكبة مرة أخرى». وأضاف في مقابلة عبر الهاتف «لن نغادر منازلنا».

وقال دانون إن إسرائيل لا تنوي طرد سكان غزة من القطاع، وإن أي شخص يغادر سيُسمح له بالعودة.

استخدام قنبلة نووية

وقال وزير الدفاع يوآف غالانت الشهر الماضي إن إسرائيل لن تسعى للحفاظ على سيطرتها اليومية على غزة بعد الغزو.

لكن الأمر لا يزال موضع نقاش وخلاف كبير داخل الحكومة الإسرائيلية والائتلاف الحاكم. وقد دعا بعض أعضاء الائتلاف الحاكم نتنياهو والمسؤولين في حكومته صراحةً إلى التهجير الدائم للفلسطينيين من غزة.

ونشرت إدارة داخل وزارة الاستخبارات الإسرائيلية، التي لا تتمتع بسلطة تنفيذية، ورقة في 13 أكتوبر أوصت بـ «بإجلاء السكان المدنيين من غزة إلى سيناء». وبعد تسريب الوثيقة إلى لوكال كول، وهي منفذ إخباري إسرائيلي، أكد مكتب رئيس الوزراء صحة الوثيقة – لكنه قال إنها مجرد «ورقة أولية».

قال وزير الحكومة اليميني المتطرف، عميحاي إلياهو، يوم الأربعاء، إن أراضي غزة يجب أن تُمنح للجنود الإسرائيليين السابقين الذين قاتلوا في غزة – أو للمستوطنين الإسرائيليين السابقين الذين عاشوا في القطاع قبل انسحاب إسرائيل منه في عام 2005. ثم، يوم الأحد قال إلياهو إن إسرائيل يجب أن تفكر في إسقاط قنبلة نووية على غزة، وهي الفكرة التي أثارت إدانة نتنياهو وأعضاء آخرين في الحكومة.

وظهر أيضًا مقطع فيديو لضابط عسكري إسرائيلي يدعو مؤخرًا إسرائيل إلى إعادة احتلال غزة، بالإضافة إلى مقطع فيديو منفصل يظهر مغني بوب يدعو إلى إعادة احتلال غزة، وهو ما أثار موافقة من جمهور من الجنود. وردًا على ذلك، أدان الجيش الإسرائيلي الضابط وقال إنه يحقق في الحادثة مع مغني البوب.

استولت إسرائيل على غزة من مصر خلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967 وأنشأت 21 مستوطنة يهودية هناك. ولكن في عام 2005، قامت الحكومة الإسرائيلية بتفكيك تلك المستوطنات، وإجلاء سكانها إلى إسرائيل، وسلمت الأراضي إلى السلطة الفلسطينية.

وبعد مرور عامين، قامت حماس بطرد السلطة، مما دفع إسرائيل ومصر إلى فرض حصار على القطاع منذ 16 عامًا.

الموضوع التالي متحدث جيش الاحتلال: عزلنا شمال غزة عن جنوبها.. و CNN توثق غارات تستهدف المدنيين بمناطق الإخلاء
الموضوع السابقرويترز" بوتين قرر خوض الانتخابات الرئاسية في مارس.. والكرملين: الحملة لم تعلن رسميًا بعد