نيويورك تايمز: النازحون في غزة يضغطون على الحدود المصرية

خلاصة

نزح مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى جنوب غزة، لكن لا يمكنهم العبور إلى مصر لأن الحدود شديدة التحصين في وقت تُصر فيه القاهرة على إبقائها مغلقة، ومع ذلك توجد احتمالية لاختراق الحدود، وفق ما يخلص تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.

نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرًا يسلط الضوء على نزوح مئات الآلاف من سكان غزة إلى جنوب القطاع بالقرب من الحدود المصرية.

تلفت الصحيفة في مستهل تقريرها إلى أن السبب الرئيس وراء عدم دفع القصف الإسرائيلي العنيف لغزة على مدى تسعة أسابيع لمئات الآلاف من الفلسطينيين إلى مصر هو حدود مصر شديدة التحصين وتصميم القاهرة الصارم على إبقائها مغلقة.

لكن الضغط يتزايد؛ إذ تدفع إسرائيل سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة إلى الجنوب بلا هوادة في ظل سعي قواتها إلى تدمير الجناح العسكري لحماس وبنيتها التحتية، ونزح حوالي 85 في المائة من السكان. ويعيش مئات الآلاف من النازحين الآن في ظروف صعبة للغاية في رفح، أقصى جنوب غزة، على طول الحدود مع مصر.

احتمال اختراق الحدود

وتشير الصحيفة إلى أن الظروف القاتمة زادت من المخاوف من احتمال اختراق الحدود مع مصر، الأمر الذي يسمح لعدد كبير من النازحين الفلسطينيين بدخول مصر، مما قد يزعزع استقرار حليف عربي للولايات المتحدة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إنهم لا يعتزمون دفع سكان غزة إلى مصر، وتعارض الحكومة المصرية منذ فترة طويلة السماح لسكان غزة باللجوء إلى شبه جزيرة سيناء، خوفًا من عدم سماح إسرائيل لهم أبدًا بالعودة إلى ديارهم، ومن احتمالية تنفيذ حماس والجماعات المسلحة الأخرى، التي على خلاف مع الحكومة في القاهرة، عمليات من هناك.

وتظهر صور الأقمار الصناعية التي نُشرت هذا الأسبوع أعدادًا كبيرة من الملاجئ المؤقتة في منطقة تل السلطان في منطقة رفح. وتظهر المقارنات مع صور المنطقة نفسها التي التقطت الشهر الماضي أن كثافة النازحين في غزة ارتفعت ارتفاعًا كبيرًا منذ أن بدأت إسرائيل في إصدار أوامر إخلاء هذا الشهر لأجزاء من خان يونس، وهي مدينة أكبر على بعد ستة أميال إلى الشمال.

تتوافق الصور مع تقارير من مسؤولي منظمات الإغاثة، الذين حذروا من أن جنوب غزة غير مجهز لتقديم حتى الخدمات الأساسية لمئات الآلاف من النازحين الذين انتهى بهم المطاف هناك.

كثير من الناس لديهم ملاجئ بدائية وغير مجهزة لحمايتهم مع حلول فصل الشتاء، وكل يوم هو صراع للحصول على طعام كافٍ ومياه نظيفة، ولا يوجد الكثير من المراحيض. وعلى الرغم من أن رفح هي واحدة من المدن القليلة في غزة التي تلقت شحنات المساعدات في الأسابيع الأخيرة، إلا أن الجوع والأمراض المعدية لا تزال تنتشر بسرعة، كما تقول جماعات الإغاثة ومسؤولون في الأمم المتحدة.

من نزوح إلى نزوح

وتطرقت الصحيفة إلى أوامر الجيش الإسرائيلي للسكان في شمال القطاع مع بدايات الحرب إلى النزوح إلى الجنوب بعد إعلان الجيش الإسرائيلي الجزء الشمالي من غزة منطقة عمليات عسكرية. ثم أمرت إسرائيل بإخلاء أجزاء من الجنوب أيضًا، مما أجبر عديدًا من الأشخاص الذين نزحوا بالفعل من الشمال على التحرك مرة أخرى.

كانت رفح موطنًا لبضع مئات الآلاف من الأشخاص قبل الحرب، وارتفع عدد سكانها كثيرًا في الأسابيع الأخيرة. ووصل النازحون من القصف في الشمال إلى رفح في وقت مبكر من الحرب، على الرغم من استمرار إسرائيل في قصف أهداف في رفح أيضًا. وتقول جماعات إغاثة إن عشرات الآلاف وصلوا هذا الشهر، متجمعين في منطقتي تل السلطان والمواصي الواقعتين في أقصى الغرب على ساحل البحر المتوسط.

ونوهت الصحيفة إلى أن التاريخ الطويل لنزوح الفلسطينيين خلال 75 عامًا من الصراع مع إسرائيل جعل قادتهم وجيرانهم العرب يشعرون بالقلق من أن نزوح سكان غزة إلى مصر سيصبح دائمًا.

تحصين الحدود

وأوضحت الصحيفة أن مصر ولكي تحمي نفسها من سيناريو النزوح، ولمنع تدفق حماس وغيرها من المقاتلين في غزة، أمضت سنوات في تحصين حدودها التي يبلغ طولها سبعة أميال ونصف مع غزة.

وعلى مدى العقد الماضي، غمرت القوات المصرية ودمرت شبكة من أنفاق التهريب تحت الحدود وعززت الحاجز الذي يمتد على طولها. في بعض الأماكن، يتكون هذا الحاجز الآن من جدار معدني شاهق مع سياج في الأعلى لمنع الناس من التسلق فوقه، بالإضافة إلى الحواجز تحت الأرض لمنع حفر أنفاق جديدة.

وبين عامي 2013 و 2015، هجَّرت مصر أيضًا آلاف الأشخاص من منازلهم ودمرت أكثر من 3000 مبنى على طول جانبها من الحدود لإنشاء منطقة عازلة، وفقًا لتقرير صادر عن هيومن رايتس ووتش. ومنذ بدء الحرب الحالية، أضاف الجيش المصري المزيد من التحصينات، وأقام حواجز رملية ووضع الدبابات والمركبات الأخرى بالقرب من الحدود، وفقًا لسكان محليين.

وفي الوقت نفسه، على جانب غزة، تخلت حماس، التي ينشغل مقاتلوها بمحاربة إسرائيل، إلى حد كبير عن أمن الحدود.

حتى الآن، يبدو أن التحصينات المصرية قوية بما يكفي لمنع سكان غزة من اختراق الحدود. لكن أعداد أفراد الأمن عند المعبر ليس بالكثيرة، وقد يتمكن حشد كبير وغاضب من المرور، وفقًا للأشخاص الذين مروا بالمعبر مؤخرًا. وهناك خطر آخر يتمثل في فتح ثقوب جديدة في الحاجز، إما عن طريق القصف الإسرائيلي الخاطئ أو من مسلحي غزة أو السكان بالمتفجرات بحثًا عن مخرج.

وهذا الاختراق إن حدث لا يمثل سابقة؛ ففي عام 2008، فجرت حماس ثقوبًا في الحاجز وتدفق عشرات الآلاف من سكان غزة إلى الجزء المصري، مستخدمين تلك الفترة لتخزين كل شيء من السجائر إلى أطباق الأقمار الصناعية قبل العودة إلى أراضيهم المحاصرة.

الموضوع التالي معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط: لم يعُد المصريون يرقصون للسيسي
الموضوع السابقالتاسعة يناقش تسبب مخطط تهجير الفلسطينيين وخلفية السيسي العسكرية في زيادة التصويت بالانتخابات وحقيقة إعدام سلالات من الدواجن