رويترز: الاقتصاد المصري المتعثر يواجه ضغوطًا جديدة من أزمة غزة
يواجه الاقتصاد المصري المتعثر مخاطر جديدة، إذ تهدد الحرب في قطاع غزة المجاور بتعطيل حجوزات السياحة وواردات الغاز الطبيعي، وفق ما يخلص تقرير لوكالة رويترز.
نشرت وكالة رويترز أعدَّاه باتريك وير وسارة الصفتي يتناولان فيه تداعيات الحرب في غزة على الوضع الاقتصادي في مصر.
تشير الوكالة في مستهل تقريرها إلى أن الاقتصاد المصري المتعثر يواجه مخاطر جديدة، إذ تهدد الحرب في قطاع غزة المجاوربتعطيل حجوزات السياحة وواردات الغاز الطبيعي.
وتحولت دول الخليج الغنية بالنفط، التي دعمت المالية العامة لمصر مرارا بالودائع على مدى العقد الماضي، في الآونة الأخيرة إلىالبحث عن استثمارات مربحة بدلًا من ذلك. ويقول المحللون والمصرفيون إنهم الآن قد يزيدون مساعداتهم مرة أخرى.
تأتي حرب غزة على الحدود مع شبه جزيرة سيناء المصرية بعد أن كشف تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا وجائحة فيروس كوروناعن نقاط ضعف طويلة الأمد في الاقتصاد المصري.
واعتمدت مصر اعتمادًا كبيرًا على تدفقات استثمارات الحافظة قصيرة الأجل وعائدات السياحة وتحويلات المغتربين لتغطية العجزالتجاري المزمن جزئيا، مما جعلها عرضة للصدمات.
نقص العملة
ونقلت الوكالة عن مونيكا مالك الخبيرة الاقتصادية في بنك أبوظبي التجاري ومقره أبو ظبي قولها إن «معنويات المستثمرينالأجانب تجاه مصر ضعيفة للغاية، والآن مع حدوث ذلك فهذا آخر شيء تحتاجه مصر؛ أزمة ثالثة».
وبعد أن أدت موجة الاقتراض إلى مضاعفة الديون الخارجية أربع مرات، تحتاج مصر إلى أكثر من 28 مليار دولار لسدادأقساطها في عام 2024 وحده. ويقول مصرفيون إن نقص العملة الأجنبية أدى إلى تراكم واردات بقيمة خمسة مليارات دولارعالقة في الموانئ، ومشاكل أمام الشركات الأجنبية في إعادة أرباحها إلى الوطن.
وتأجلت المدفوعات الحكومية لبعض واردات القمح ولشركات النفط والغاز الأجنبية.
وخرج برنامج لصندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار عن مساره بسبب إحجام مصر عن تعويم عملتها والتأخير فيمبيعات أصول الدولة. وخفضت وكالات التصنيف الثلاث الرئيسة التصنيف السيادي لمصر إلى مستوى عالي المخاطر.
تراجع السياحة
وقال معتز صدقي من شركة ترافكو هوليدايز مصر، وهي شركة كبيرة لإدارة الفنادق والمنتجعات، إنه قبل أزمة غزة، كان قطاعالسياحة نقطة مضيئة نادرة، ومن المتوقع أن ينمو بنسبة 30-40% هذا العام.
وحققت السياحة لمصر رقما قياسيا بلغ 13.63 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في يونيو 2023، ارتفاعا من 10.75 ملياردولار في العام السابق، وفقا لبيانات البنك المركزي.
حتى الآن، أثرت حرب غزة على الوجهات الشعبية في سيناء مثل طابا ونويبع ودهب وشرم الشيخ، لكن بقية البلاد سالمة نسبيا.
وقال صدقي إن صافي عمليات الإلغاء على مستوى البلاد منذ 7 أكتوبر تراوح بين 10 و12% حتى نهاية أبريل، على الرغم منأن إشغال الفنادق في أكتوبر زاد بنسبة 8% مقارنة بأكتوبر 2022.
وأضاف أن الشتاء يبدو جيدا حتى الآن. ولم تتأثر السياحة الثقافية تأثرًا حقيقيًا. وأضاف أن السفن السياحية النيلية بين الأقصروأسوان خلال فترات الذروة، وهي عيد الميلاد ورأس السنة، تعمل بنسبة 80-90% بشكل عام.
وقال وزير السياحة المصري لرويترز هذا الأسبوع إنه جرى احتواء تأثير الحرب في أقل من 10% من الحجوزات.
وقال كريم المنباوي، رئيس شركة إيميكو ترافيل، وهي شركة سياحية في وسط القاهرة، إن التوقعات لا تزال بعيدة عن أن تكونجيدة. وقال إن الحجوزات بطيئة للغاية وهذا هو الأمر الأكثر إثارة للقلق.
اضطرابات الغاز
ولفتت الوكالة إلى أن هناك استنزاف آخر محتمل للعملة الأجنبية وهو انقطاع واردات الغاز الطبيعي من إسرائيل، والتي تعتمدعليها مصر في الاستهلاك المحلي وإعادة التصدير المربحة.
وعلقت إسرائيل الإنتاج في حقل غاز تمار في 9 أكتوبر، وانخفض الغاز المرسل إلى مصر في وقت ما إلى الصفر، على الرغممن استئناف تدفق كميات صغيرة.
وقال مصدران في الصناعة إن إمدادات الغاز لبعض الصناعات كثيفة الاستخدام للغاز مثل الأسمدة انخفضت.
وقال سياماك أديبي، مستشار ورئيس فريق الغاز في شركة أف جي إي، إنه قبل الصراع، كانت مصر تستورد 860 مليون قدممكعب يوميًا من إسرائيل، أو حوالي 15% من إمداداتها.
تضاءلت الآن آمال مصر في زيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، بعد أن قطعتها بالكامل في الفترة من مايو إلىسبتمبر مع قيام الحكومة بتنفيذ انقطاعات متكررة للكهرباء.
وقال أولوميد أجايي، كبير محللي الغاز الطبيعي المسال في شركة إل أس إي جي، إن مصر استوردت شحنة من الغاز الطبيعيالمسال،"وهو ما يؤكد الخلل الحالي في توازن الغاز في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا.
مساعدة خليجية
وفي ضوء الحرب في غزة وخطر انتشار الاضطرابات الإقليمية، قال محللون ومصرفيون إن دول الخليج تعيد تقييم إحجامها علىمدى العامين الماضيين عن دعم الاقتصاد المصري.
وقالت مونيكا مالك إنها شعرت بتغير في المشاعر في الخليج لأنه قبل غزة لم يكن هناك سوى القليل من الصبر تجاه مصر.
ولدى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر ودائع إجمالية تبلغ 29.9 مليار دولار لدى البنكالمركزي المصري، وأقرضت 16 مليار دولار أخرى في أشكال أخرى من الائتمان.
وقال مصرفيان مقيمان في القاهرة إن لديهما تقارير تفيد بأن دول الخليج تناقش حزمة إنقاذ مالي محتملة تتضمن المزيد من الودائعالنقدية ودعم العملة المصرية بعد أي تخفيض لقيمة العملة.
وذكرت تقارير غير مؤكدة في وسائل الإعلام المصرية الشهر الماضي أن دول الخليج تجري محادثات لإيداع 5 مليارات دولارأخرى. ورفض متحدث باسم مجلس الوزراء المصري التعليق على أي دعم محتمل من الخليج. ولم يرد المسؤولون السعوديونوالإماراتيون على الفور على الاستفسارات.