واشنطن بوست: حرب غزة تُعقّد الجهود الأمريكية لتطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل
تمثل الحرب في غزة اختبارًا للعلاقات المعززة حديثًا بين الدول الخليجية وإسرائيل، الأمر الذي يثير تساؤلات حول الرؤية المدعومة أميركيًا للنظام الإقليمي التي تركز على العلاقات الاقتصادية على حساب الخلافات السياسية والانقسامات التاريخية، وفق ما يخلص تقرير لصحيفة واشنطن بوست.
استعرضت الكاتبة سوزانا جورج في تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست كيف عقدت حرب إسرائيل في غزة جهود واشنطن لتطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل.
تشير الكاتبة في مستهل تقريرها إلى أن الحرب في غزة تمثل اختبارًا للعلاقات المعززة حديثًا بين الدول العربية في الخليج العربي وإسرائيل، الأمر الذي يثير تساؤلات حول الرؤية المدعومة أميركيًا للنظام الإقليمي التي تركز على العلاقات الاقتصادية على حساب الخلافات السياسية والانقسامات التاريخية.
وفي حين أنه من غير المرجح أن يؤدي الصراع إلى قطع العلاقات الدبلوماسية، إلا أنه أربك حسابات القوى الخليجية الناشئة التي ترى في إسرائيل شريكًا أمنيًا محتملًا وثقلًا موازنًا لمنافستها الإقليمية إيران. والآن يتعين على الزعماء أن يتعاملوا مع موجة من الغضب الشعبي بشأن الحرب التي أودت بحياة أكثر من 13300 فلسطيني وتركت معظم قطاع غزة في حالة خراب.
وفي اليوم الخامس من توقف القتال بين إسرائيل وحماس، أُطلق سراح 12 رهينة أخرى. ووصل مدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز إلى قطر لعقد اجتماعات سرية للمساعدة في التوسط في صفقة أكثر اتساعًا لتبادل المزيد من الرهائن المحتجزين في غزة بالسجناء المحتجزين في إسرائيل.
إدانة علنية
وتلفت الكاتبة إلى أن قادة الخليج أدانوا علنًا في خطاباتهم وبياناتهم ومنشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي القتل والدمار في غزة، لكنهم حرصوا أيضًا على التأكيد على أهمية الاستقرار الإقليمي وخطوط الاتصال. ولا تقيم قطر، الدولة الأكثر انخراطًا دبلوماسيًا في الأزمة، علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل ولكنها نجحت في التوسط لوقف مؤقت للقتال - مما يسمح بالإفراج عن الرهائن والسجناء الفلسطينيين.
تعليق التطبيع السعودي
وتضيف الكاتبة أن الولايات المتحدة دافعت عن التطبيع العربي مع إسرائيل عبر إدارتين. وأقامت الإمارات العربية المتحدة والبحرين علاقات رسمية مع إسرائيل في عام 2020 بموجب اتفاقيات إبراهام التي توسطت فيها الولايات المتحدة، وتلاهما المغرب والسودان. وكانت واشنطن تأمل أن تكون المملكة العربية السعودية – القوة المهيمنة في الخليج – هي التالية. لكن باتت تلك الخطط الآن معلقة.
ونوَّهت الكاتبة إلى أن الرئيس بايدن أشار في وقت سابق من هذا الشهر إلى أن حماس ربما نفذت هجومها لتعطيل الجهود التي كانت ترمي إلى التتطبيع السعودية وغيرها من الدول للعلاقات مع إسرائيل وإحلال السلام في المنطقة.
ودعت السعودية إلى وقف شامل لإطلاق النار في غزة، ووصفت الحرب بأنها «تطور خطير» و«كارثة إنسانية». وفي الداخل، اتخذت المملكة خطوات لتوجيه التعبير العلني عن التضامن مع الفلسطينيين إلى جهود الإغاثة وجمع التبرعات.
نقطة تحول
وفي حديثه يوم 18 نوفمبر في حوار المنامة الذي عقده المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في البحرين، قال الأمير السعودي تركي الفيصل، السفير السابق لدى واشنطن وعضو بارز في العائلة المالكة، إن الأزمة في غزة أظهرت أن جهود السلام الإقليمية التي فشلت في معالجة المشكلة المتمثلة في احتلال الأراضي الفلسطينية هو «وهم».
وقال إن «هذه الحرب هي نقطة تحول في عملية البحث الجاد عن حل عادل للقضية الفلسطينية. وللمضي قدمًا، فإن أي جهد يجب أن يتناول المطلب المشروع للفلسطينيين بتقرير المصير».
ودافعت الإمارات والبحرين عن علاقاتهما مع إسرائيل، بالقول إنها تسمح لهما بالعمل كقوة معتدلة في الأزمة.
وقال أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، إن بلاده تتمتع بنفوذ على إسرائيل لم يكن ليوجد لولا تطبيع العلاقات. وقال إنهم استخدموا نفوذهم حتى الآن للضغط من أجل الإغاثة الإنسانية، «لكن هذا النفوذ سينمو أيضًا في مرحلة ما».
وعندما سئل عما إذا كان هناك أي شيء قد يجبر الإمارات على قطع العلاقات مع إسرائيل، كان قرقاش حذرًا: «ما اكتشفناه من خلال عمليتنا الدبلوماسية هو أن ردود الفعل الفورية والمندفعة ليست الحل في السياسة. لكن التواصل هو الحل في السياسة».
لكن على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الاحتجاجات وفي محادثات موائد العشاء، يقول عديد من المواطنين الخليجيين إنهم يريدون من قادتهم أن يفعلوا المزيد.
ونقلت الصحيفة عن صيدلانية تبلغ من العمر 45 عامًا حضرت مؤخرًا احتجاجًا مناهضًا للتطبيع مع شقيقتها وابنة أختها الرضيعة في المنامة، عاصمة البحرين: « لم نر أي فائدة. علينا أن نضغط على إسرائيل. وهذه هي الطريقة التي تنهي بها الفصل العنصري، بالمقاطعة».
وقالت إن بلادنا ومن خلال الاستمرار في التطبيع، فإنها تقول إن ما يحدث للشعب الفلسطيني أمر طبيعي. وقالت إنها لا تعتقد أن العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ساعدت المنطقة.
بدوره، قال أحد رجال الأعمال في الخليج الذي يعمل على نطاق واسع مع الشركات الإسرائيلية: «وراء الكواليس، الأمور تسير كالمعتاد. نحن نعلن عن العلاقة بشكل أقل».
وقال: «كانت علاقة العمل موجودة قبل اتفاقيات إبراهام، وستكون موجودة بعد انتهاء هذه الأزمة».
لكن المستهلكين لهم رأي آخر. وقد اكتسبت حركة المقاطعة الشعبية ضد العلامات التجارية الغربية، بما في ذلك ستاربكس وماكدونالدز، الدعم في الخليج وفي جميع أنحاء العالم العربي.
ووصفت مستشارة كويتية في وسائل التواصل الاجتماعي تبلغ من العمر 30 عامًا أمضت حياتها كلها في دبي، العلاقة مع الشركات الإسرائيلية في الإمارات العربية المتحدة بأنها «غير مريحة». وقالت إنها كانت تجتمع بانتظام مع ممثلي العلامات التجارية الإسرائيلية، لكنها تراجعت خطوة إلى الوراء منذ بدء الحرب. وهي تشك في أن الأمور ستعود على الإطلاق إلى ما كانت عليه قبل 7 أكتوبر.
وفي حين تبدو الحياة في الإمارات العربية المتحدة، ظاهريًا، وكأنها طبيعية، إلا أن السيدة قالت إن الحرب كانت تطغى على كل شيء؛ تهيمن على المحادثات مع الأصدقاء والعائلة. وقالت إن الجميع يشعرون بالضيق. ومثل الآلاف غيرها، انضمت إلى حملة المساعدات التي نظمتها الحكومة في دبي.
وقالت: «أردت أن يكون لدي متنفس لأشعر بأنني أصنع فرقًا، حتى لو كان تافهاً. هذا أفضل ما يمكنني فعله. يداك مقيدتان، لذا ستفعل كل ما يمكنك فعله في حدود إمكانياتك».
ومهما كانت مشاعر العجز والإحباط واسعة النطاق هنا، إلا أنها قالت إنها لم تترجم إلى مشاعر مناهضة للحكومة.
وقالت: «البعض يأمل أن يكون لدولة الإمارات العربية المتحدة موقف أقوى، لكنهم في نهاية المطاف يثقون في الحكومة لأن هناك معلومات لا نعرف عنها. نحن نعلم أنهم يعطون الأولوية للأمن والاستقرار».
وفي البحرين، يبدو الغضب أكثر حدة، وربما أكثر إثارة للقلق للسلطات.
وعلى بعد أميال قليلة من فندق الخمس نجوم الذي يستضيف القمة الأمنية في المنامة، تظاهر مئات الأشخاص ضد التطبيع.
حصلت المسيرة على تصريح احتجاج من حكومة البحرين – وهو اعتراف، كما قال الحاضرون، بأن السخط العام أصبح الآن قوة سياسية لا يمكن إنكارها.