دويتشه فيله: هجمات الحوثيين تضغط على القاهرة

خلاصة

أصبحت هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر مشكلة كبيرة لمصر. وتتجنب عديد من السفن الآن طرق البحر الأحمر وقناة السويس المصرية، الأمر الذي يضع القاهرة في مأزق، وفق ما يخلص تقرير نشرته دويتشه فيله.

أصبحت هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر مشكلة كبيرة لمصر. وتتجنب عديد من السفن الآن طرق البحر الأحمر وقناة السويس المصرية، الأمر الذي يضع القاهرة في مأزق، وفق ما يخلص تقرير نشرته دويتشه فيله.

 

نشر موقع دويتشه فيله تقريرًا أعدَّته كيرستن نيب تتسعرض فيه الضغوط التي تواجهها مصر بسبب التصعيد في البحر الأحمر. 

وتقول الكاتبة إن هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر أصبحت مشكلة كبيرة لمصر؛ إذ تتجنب عديد من السفن الآن طرق البحر الأحمر وقناة السويس المصرية، الأمر الذي يضع القاهرة في مأزق.

وقد أثرت هجمات الحوثيين على السفن الدولية في البحر الأحمر على مصر تأثيرًا كبيرًا. ومع بدء السفن في تجنب المضيق بين شبه الجزيرة العربية وشمال شرق أفريقيا، وبالتالي المرور عبر قناة السويس، شهدت الحكومة المصرية اختفاء قدر كبير من الإيرادات.

في السنة المالية 2022-23، جلبت قناة السويس لمصر 9.4 مليار دولار من رسوم العبور. وتشير الأحداث إلى أن هذا العام لن يكون مربحًا بالقدر نفسه. وقال أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، عبر التلفزيون المصري، إن الدخل انخفض بنسبة 40% مقارنة بالعام الماضي. وأضاف أن حركة السفن بين 1 و11 يناير انخفضت بنسبة 30% مقارنة بعام 2023. وبحسب وكالة رويترز، بدلا من 777 سفينة أبحرت في القناة العام الماضي، أبحرت 544 سفينة فقط في أوائل عام 2024.

وفي الوقت نفسه، زادت حركة المرور حول القرن الأفريقي بنسبة 67% على الأقل، وفقًا لمنصة بورت ووتش التابعة لصندوق النقد الدولي.

واستجابت مصر سريعًا للوضع الأمني الجديد، إذ قامت برفع رسوم العبور بين 5% و15% لتقليل الخسائر. ودخل إنفاذ جدول الرسوم الجديد حيز التنفيذ في يناير.

الاقتصاد المصري يتعرض لضغوط

وأوضحت الكاتبة أن خسارة الإيرادات الناجمة عن نقص حركة المرور العابر في قناة السويس تضرب مصر في الوقت الذي تعاني فيه بالفعل من عديد من أعراض الأزمة الاقتصادية. ومن بين أمور أخرى، عانت من تراجع صادرات الغاز الطبيعي، وانخفاض السياحة، وتضاؤل التحويلات المالية من العاملين في الخارج.

وتتوقع شركة التجارة والاستثمار الألمانية، وهي شركة مختصة في المعلومات الاقتصادية، أن يتقلص الناتج المحلي الإجمالي لمصر من حوالي 475 مليار دولار في عام 2022 إلى حوالي 357 مليار دولار بحلول نهاية عام 2024. ويبلغ الدين العام حاليًا حوالي 88% من الناتج المحلي الإجمالي، وتشير الأرقام أيضًا إلى أن التضخم سوف يرتفع على الأرجح إلى أكثر من 32%.

ويقول الخبير الاقتصادي أحمد ذكر الله، الأستاذ السابق بجامعة الأزهر في القاهرة والذي يُدرس الآن في إسطنبول بتركيا، إن مصر تواجه أزمة اقتصادية أكثر حدة بسبب الوضع في البحر الأحمر.

وأوضح: «في الوقت الحالي، من المرجح أن يعيش أكثر من نصف المصريين تحت خط الفقر. وهذا يعني أن فقدان الدخل من قناة السويس يلحق الضرر بالبلاد بشكل أكبر». 

وأضاف أن هذا التراجع، إلى جانب انخفاض قيمة الجنيه المصري، قد يضع حكومة القاهرة في موقف لا تستطيع فيه سداد ديونها، وعندها ستعتمد البلاد على قرض آخر من صندوق النقد الدولي. 

مصر لن تشارك في عمل عسكري ضد الحوثيين

ومع ذلك، وحسب ما تضيف الكاتبة، قالت مصر إنها لن تشارك في العمليات العسكرية لضمان المرور الآمن للسفن في البحر الأحمر. ويقول ستيفان رول، الخبير في الشأن المصري في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية ومقره برلين، إن القاهرة لديها سبب وجيه لعدم القيام بذلك. وقال رول إن الحكومة في القاهرة ستدرك بلا شك أن العمليات مثل تلك التي تجريها المملكة المتحدة والولايات المتحدة الآن ليس لديها فرصة لضمان المرور الآمن للسفن في المنطقة على المدى الطويل.

وأضاف أن «فكرة إمكانية ضرب الحوثيين بشدة بهجمات مستهدفة لدرجة تفقدهم القدرة على مهاجمة حركة السفن مرة أخرى أو حتى تفقدهم الرغبة في مهاجمتها هي فكرة ساذجة بعض الشيء. وأعتقد أن القاهرة ربما تنظر إلى الأمر بهذه الطريقة أيضًا».

وعندما تناولت وزارة الخارجية المصرية هذه القضية يوم الجمعة الماضي، فإنها فعلت ذلك بتردد كبير. وأعربت الوزارة عن «قلقها العميق» إزاء تصاعد العمليات العسكرية في البحر الأحمر، قائلة: «من الضروري تسخير الجهود الدولية والإقليمية للحد من التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، بما في ذلك أمن السفن العابرة للبحر الأحمر». وهو تصريح أقرب إلى تفسير دبلوماسي منه إلى قائمة واضحة بالخيارات الملموسة.

ولم يكن هناك حديث عن انخراط عسكري أو حتى مشاركة في المبادرات الأمريكية الموجهة ضد الحوثيين. والدولة العربية الوحيدة التي انضمت إلى التحالف الأمريكي البريطاني هي دولة البحرين الخليجية الصغيرة.

اعتبارات سياسية داخلية

ووفقاً لرول، من المرجح أن تفكر القيادة المصرية أيضًا في التداعيات المحلية عندما ترسم مسارها. يُقدِّر المصريون، بشكل عام، حقيقة أن الحوثيين يزعمون أنهم يقفون إلى جانب شعب غزة من خلال مهاجمة السفن التي يرون أنها مرتبطة بإسرائيل.

وقال رول: «إذا كانت الحكومة في القاهرة منخرطة بطريقة ما في هجمات عسكرية على الحوثيين، فستكون هناك احتجاجات حاشدة. وأضف إلى ذلك حقيقة أن عديدًا من الأفراد في نخبة السياسة الأمنية لديهم الآن تحفظات جدية تجاه إسرائيل. وفي الدوائر الأمنية في القاهرة، من المسلم به أن تصرفات الحوثيين لم يكن لها تأثير في إجبار إسرائيل على تغيير مسارها في غزة».

وتابع: «لكنهم يأملون أن تشكل الأنشطة ضغوطًا على إسرائيل وشركائها. وهذا سبب آخر لإسكات الرغبة في ملاحقة الحوثيين».

ويرى أستاذ العلوم السياسية مصطفى كامل السيد من الجامعة الأمريكية في القاهرة الأمور على نحو مماثل. وقال إن المملكة المتحدة والولايات المتحدة تحاولان حماية إسرائيل من جميع الضغوط الخارجية. كما واصلت الولايات المتحدة رفض الدعوات العربية لوقف إطلاق النار. وقال السيد إن هذا سبب آخر لإحجام دول مثل مصر والمملكة العربية السعودية عن الانضمام إلى التحالف الأنجلو أمريكي. وقال إنه في الوضع الحالي، يمكن تفسير الانضمام إلى الحملة الأمريكية على أنه مساعدة لإسرائيل.

تفاهم واضح في واشنطن

لكن هل يمكن أن يؤدي تحفظ القاهرة بشأن العمليات العسكرية ضد الحوثيين إلى مزيد من التوتر في العلاقات مع الولايات المتحدة؟ يعتقد الخبير المصري السيد أن ذلك غير مرجح. وقد رفضت عديد من الدول، بما في ذلك دول غربية عدة، الانضمام إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. ولذلك فإن غياب مصر لا يبدو مزعجًا لواشنطن.

وقال ستيفان رول: «سيكون هناك بلا شك قدر معين من التفاهم لموقف القاهرة في واشنطن. لأنهم يعرفون مدى عدم شعبية السياسات الداعمة لإسرائيل في مصر، وكيف أن أي شيء يوحي بهذا القدر من شأنه أن يمثل مخاطرة سياسية جسيمة». وقال الخبير الألماني إن التحرك ضد الحوثيين من شأنه أن يؤدي إلى سياسة لا تحظى بشعبية كبيرة في نظر الشعب المصري. وهذا شيء تدركه واشنطن جيدًا.

الموضوع التالي الجارديان: يتعين على الولايات المتحدة أن تتحرك لإنهاء كارثة غزة
الموضوع السابقذا هيل: شركة تجسس إسرائيلية سيئة السمعة تريد استغلال حرب غزة للعودة من جديد