بلومبرج: مصر تبرم أكبر صفقة على الإطلاق مع الإمارات باستثمار 35 مليار دولار
وافقت دولة الإمارات العربية المتحدة على استثمار 35 مليار دولار في مصر، وهو ما يعد إنجازًا كبيرًا في جهود القاهرة لإنهاء أسوأ أزمة صرف أجنبي منذ عقود، وفق ما يخلص تقرير لوكالة بلومبرج.
اهتمت الصحافة الأجنبية بإعلان مصر إبرام ما وصفته بالصفقة الاستثمارية الأكبر مع دولة الإمارات بقيمة 35 مليار دولار لتنمية منطقة رأس الحكمة على الساحل الشمالي.
وفي هذا الصدد، قالت وكالة بلومبرج إن الإمارات العربية المتحدة وافقت على استثمار 35 مليار دولار في مصر، وهو ما يعد إنجازًا كبيرًا في جهود القاهرة لإنهاء أسوأ أزمة صرف أجنبي منذ عقود.
الأكبر في تاريخ مصر
وتشير الوكالة الأمريكية إلى أن الخطط تشمل تطوير منطقة متميزة على ساحل البحر المتوسط في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا تُعرف باسم رأس الحكمة – وهو مشروع وصفه رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بأنه أكبر صفقة في تاريخ بلاده.
قال صندوق أبو ظبي للثروة إنه سيشتري حقوق تطوير رأس الحكمة مقابل 24 مليار دولار ويستثمر 11 مليار دولار – والتي ستأتي من أموال الإمارات المودعة في البنك المركزي المصري – في عقارات إضافية ومشاريع رئيسة أخرى في البلاد.
وقال صندوق أبو ظبي إن الصندوق سيقود ائتلافًا لتطوير منطقة رأس الحكمة شمال غرب القاهرة، ويتوقع أن تجتذب استثمارات تزيد قيمتها عن 150 مليار دولار لهذه المشاريع.
وقال مدبولي يوم الجمعة إن مصر ستحصل على سيولة جديدة بقيمة 24 مليار دولار نتيجة للصفقة. وأضاف أن الإمارات ستحول أيضا ودائعها البالغة 11 مليار دولار لدى البنك المركزي المصري لتمويل الخطط.
بداية تصحيح المسار
وقال مدبولي خلال الحدث الذي أقيم في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة، إن الاتفاق يجعل مصر على بعد «خطوات قليلة جدًا» من التوصل إلى اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي.
ارتفعت سندات مصر الخارجية على خلفية الأخبار لتصبح أفضل الديون السيادية أداءً في الأسواق الناشئة يوم الجمعة. وقفزت السندات الحكومية المستحقة في عام 2051 بمقدار 5 سنتات على الدولار.
وقال مدبولي إن هذه الصفقة ستكون بداية تصحيح مسار الاقتصاد المصري، ووصفها بأنها «رسالة ثقة» من الإمارات.
وتلفت الوكالة إلى أن التمويل قد يساعد مصر على المضي قدمًا في تخفيض قيمة العملة الذي طال انتظاره والذي سيكون الرابع لها منذ أوائل عام 2022. وعلى الرغم من أن صندوق النقد الدولي كان يحث على هذه الخطوة منذ أشهر، فمن المرجح أن السلطات كانت تنتظر تدفقًا كبيرًا من العملات الأجنبية الذي سيسمح لها بإدارة التخفيض.
وقال مدبولي إن مصر تتوقع أن تسدد الإمارات مدفوعات مقدمًا على شريحتين. وسيشمل ذلك 15 مليار دولار في غضون أسبوع - سيأتي ثلثها من ودائع الإمارات - و20 مليار دولار أخرى في غضون شهرين.
وتتكون الشريحة الثانية من تمويل جديد بقيمة 14 مليار دولار و6 مليارات دولار من الودائع المتبقية لدولة الإمارات.
وقال مدبولي إن الأموال ستساعد في توحيد سعر الصرف الرسمي للعملة المحلية مع سعرها في السوق السوداء. وفي البنوك المحلية، يتوفر الجنيه بنحو 30.9 جنيهًا للدولار، أي ما يزيد قليلًا عن نصف سعر الصرف في السوق والذي يبلغ حوالي 60 جنيهًا للدولار.
وفي السوق الآجلة غير القابلة للتسليم يوم الجمعة، ارتفع عقد الجنيه لمدة ثلاثة أشهر بنسبة 8% تقريبًا إلى حوالي 49، مما يشير إلى توقعات بانخفاض أقل في قيمة العملة.
«الفرصة الأخيرة»
وقال الملياردير المصري نجيب ساويرس، الذي اقترح مؤخرًا أن تقوم السلطات بتصحيح سعري الجنيه، إن الاتفاق يمثل «دعمًا استثنائيًا وكرمًا غير مسبوق» من الإمارات العربية المتحدة.
وفي منشور على منصة التواصل الاجتماعي إكس، قال ساويرس إنه يأمل أن «تدرك القيادة المصرية أن هذه فرصة أخيرة لتغيير المسار الحالي» ودعاها «للاستماع إلى شعبها وفتح أبواب الحرية المغلقة».
ومن المقرر أن تحصل مصر على 35% من أرباح مشروع رأس الحكمة، كما وافقت الدولة الخليجية أيضًا على مشروع مشترك يخطط لبناء مطار دولي في المنطقة.
وسيتضمن المشروع منطقة مالية وتجارية لجذب الشركات العالمية، بالإضافة إلى مدارس ومستشفيات وجامعات ومرسى لليخوت والسفن السياحية، بحسب رئيس الوزراء. وأضاف أن مصر تتوقع جذب 8 ملايين سائح إضافي بعد استكمال المدينة.
وقد يكون المزيد من التمويل في الطريق لمصر. ومن الممكن أن تؤدي الصفقة المقترحة مع صندوق النقد الدولي إلى جلب شركاء آخرين وزيادة حزمة الإنقاذ الحالية التي تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار، والتي لم تتسلم مصر منها سوى القليل، إلى أكثر من 10 مليارات دولار.
وأرجأ صندوق النقد الدولي مراجعتين لبرنامج مصر الحالي بينما كان ينتظر أن تفي البلاد بتعهداتها التي تضمنت تفعيل سعر صرف مرن حقا.
ومن شأن الاتفاقية أن تعمق العلاقات بين مصر والإمارات العربية المتحدة، والتي تعد = من الداعمين الأساسيين للرئيس عبد الفتاح السيسي، وتعهدت بتقديم الدعم من خلال الاستثمارات وغيرها من المساعدات للاقتصاد المصري الغارق في أزمة مستمرة منذ عامين تقريبًا.
ونقلت الوكالة عن فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في مجموعة جولدمان ساكس، قوله إن «حجم الاستثمار أكبر بكثير مما كنا نتوقعه، وتوقيت ضخ الأموال أقرب بكثير. وهو يوفر فرصة لمصر لاستعادة السيولة في الاتجاهين في سوق العملات الأجنبية في الأيام والأسابيع المقبلة».
بدأت أحدث موجة من التمويل في الإمارات العربية المتحدة في عام 2022 بوديعة بقيمة 5 مليارات دولار في البنك المركزي المصري ودفع صندوق أبوظبي حوالي 2 مليار دولار في صفقات تضمنت شراء حوالي 18% في أكبر بنك مدرج في الدولة الأفريقية، البنك التجاري الدولي.
وفي العام الماضي، أنفق صندوق أبوظبي 800 مليون دولار على حصص أقلية في عدد من الشركات.
واشترت شركة إماراتية حصة 30% في أكبر شركة تبغ في مصر مقابل 625 مليون دولار، في حين وقعت مصر والدولة الخليجية في سبتمبر اتفاقية مبادلة عملة محلية بقيمة حوالي 1.4 مليار دولار.
وقال صندوق أبوظبي إنها تتوقع بدء العمل في أوائل عام 2025 في رأس الحكمة، التي تبلغ مساحتها الشاسعة أكثر من 170 مليون متر مربع أي ما يعادل ثلاثة أضعاف مساحة مانهاتن تقريبًا.
وقالت مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري، إن «الحجم والإطار الزمني يجعلان هذه الصفقة رائدة حقًا ويغيران توقعات مصر في الأساس. وستقطع التدفقات الداخلة شوطًا طويلًا في تغطية متطلبات التمويل الخارجي لمصر وتسوية تراكم العملات الأجنبية».