ميدل إيست أي: مؤسسة خيرية تقول إن شركة مرتبطة بالمخابرات تتربح من إدخال المساعدات لغزة

خلاصة

قدمت منظمة غير حكومية معنية بتقديم المساعدات في مناطق الحروب والأزمات أول شهادة تشير إلى أن المسؤولين المصريين يتربحون من الوضع الإنساني في غزة، وفق ما كشف تقرير حصري لموقع ميدل إيست أي.

نشر موقع ميدل إيست أي تقريرًا للكاتب الصحفي ديفيد هيرست يكشف فيه ما وصفه بتربح مسؤولين مصريين من الوضع الإنساني في غزة.

وقال الموقع البريطاني إن مؤسسة خيرية دولية تتمتع بخبرة واسعة في تقديم المساعدات الطارئة في الحروب والمجاعات والزلازل في جميع أنحاء الشرق الأوسط وفي أفغانستان اضطرت إلى دفع 5000 دولار لكل شاحنة لشركة مرتبطة بجهاز المخابرات العامة المصري لتوصيل المساعدات إلى غزة.

وتحدثت المؤسسة الخيرية، التي لا تريد الكشف عن اسمها لتجنب عرقلة جهود الإغاثة في غزة، إلى موقع ميدل إيست آي في حالة من الغضب بسبب اضطرارها إلى دفع ما تصفه علنًا بالرشوة إلى وكيل مرتبط بالدولة.

التربح من المساعدات

ونقل الموقع عن متحدث باسم المؤسسة الخيرية قوله: «لقد عملنا في جميع أنحاء العالم في أوقات الحروب والزلازل والكوارث الأخرى، لكننا لم نعامل بهذه الطريقة من دولة تتربح من إرسال السلع الإنسانية. إنها تستنزف الكثير من مواردنا، والرشوة التي تُدفع هي لكل شاحنة».

وقالت المؤسسة الخيرية إن الأموال تُدفع على شكل «رسوم إدارية»  لشركة تابعة لأبناء سيناء، وهي شركة إنشاءات ومقاولات يملكها رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني، وجزء من مجموعة العرجاني التابعة له.

والعرجاني يرأس قبيلة الترابين في صحراء سيناء المتاخمة لإسرائيل ويمتلك شركة والتي تُمثل مشروعًا مشتركًا مع شركتين مملوكتين لجهاز المخابرات العامة.

 وتزعم التقارير الإعلامية أن مجموعة العرجاني هي المستفيد النهائي من البيع المربح لتصاريح «الطريق السريع»  للفلسطينيين الراغبين في الهروب من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وخلص تحقيق أجراه مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد والموقع الإلكتروني المصري المستقل، صحيح مصر، إلى أن الوسطاء كانوا يبيعون تصاريح الخروج بأسعار تتراوح بين 4500 دولار إلى 10000 دولار للفلسطينيين، و650 إلى 1200 دولار للمصريين.

ومع تزايد اليأس في غزة، ارتفعت تكلفة الخروج من القطاع إلى 10 آلاف دولار للشخص الواحد، حسبما ذكرت تقارير إعلامية مؤخرا. ويبلغ سعر حركة المرور التجارية المتجهة إلى غزة والتي تفرضها الشركات المملوكة لشركة العرجاني 9000 دولار للشاحنة، على الرغم من أن تكلفة الأجرة التي يتقاضاها سائقو الشاحنات تبلغ عادة 300 دولار فقط للحمولة.

وقال متحدث باسم الأونروا، وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين التي تقدم الدعم الحيوي في غزة، للموقع، إنها لا تدفع رسومًا لنقل المساعدات من مصر إلى القطاع.

الوضع قاتم

وذكر الموقع أن تصريح المؤسسة الخيرية للموقع يعد أول دليل ملموس على أن مصر أو الأطراف المرتبطة بالحكومة المصرية تطلب مقابل على المساعدات الإنسانية الموجهة إلى غزة، والتي تخضع بالفعل لتأخير لمدة أسبوع بسبب إسرائيل.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال جيمس هيبي، وزير الدولة البريطاني للقوات المسلحة، إن أكثر من 150 طنًا من المساعدات الإنسانية التي سلمتها إلى مصر وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية في انتظار نقلها إلى غزة.

وأكد الموقع أن الوضع الإنساني في غزة قاتم، مستشهدًا بمقتل أكثر من 26 ألف فلسطيني منذ اندلاع الحرب في أكتوبر، وقال خبير من الأمم المتحدة يوم الأحد إن المجاعة في القطاع «حتمية».

في الأسبوع الماضي، تحدث موقع ميدل إيست آي إلى خمس عائلات من غزة أكدت جميعها أنها دفعت رسومًا بالآلاف، معظمها بالدولار أو اليورو، للوسطاء الذين قاموا بعد ذلك بتسهيل خروجهم من غزة.

وقالت بيسان، وهي فلسطينية رتبت لوالدتها مغادرة غزة، عن وسيطها المقيم في السويس: «أخبرنا أنه يعمل مع الأمن المصري وأنه سيتدخل لوضع اسم والدتنا على القائمة».

ونفت مصر أنها تتربح من هذه التجارة على حدود رفح. وفي بيان نُشر في 10 يناير، رفض رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، «الادعاءات التي لا أساس لها»  بشأن فرض رسوم إضافية على الفلسطينيين عند المعبر.

وقد طُبق نظام «الطريق السريع»  الموازي لعبور معبر رفح منذ سنوات، إذ يطالب العملاء في غزة بعدة آلاف من الدولارات للمرور السريع. لكن هذا السوق ازدهر منذ بدء الهجوم البري الإسرائيلي وتزايد يأس الفلسطينيين النازحين داخليا.

يزعم أن إحدى الشركات متورطة في التجارة هي شركة هلا للاستشارات والسياحة، وهي وكالة سفر مصرية. وهذه الشركة هي واحدة من ثماني شركات تعمل تحت ذراع العرجاني الرئيس، مجموعة العرجاني.

وأضاف الموقع أن هناك شركة أخرى في المجموعة نفسها تُدعى شركة مصر سيناء، وهي مشروع مشترك مع المجموعة الصناعية التابعة لوزارة الدفاع المصرية، جهاز مشروعات الخدمات الوطنية.

وقال العرجاني في مقابلة مع اليوم السابع عام 2014، إن جهاز مشروعات الخدمة الوطنية يمتلك 51% من أسهم شركة مصر سيناء، بالشراكة مع شركتين مملوكتين لجهاز المخابرات العامة. وقال العرجاني في المقابلة: «كما ترون، جميع كيانات الدولة موجودة في هذه الشركة. وهذا يمنحنا ميزة».

إنكار المسؤولية

وأشار الموقع إلى أن شركات العرجاني ظهرت لأول مرة في عام 2014 عندما أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن مبادرة لإعادة بناء المنازل التي دمرتها العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة. وذُكرت مجموعة العرجاني كأحد المستفيدين.

وقد أُعيد إطلاق شركة هلا للاستشارات والخدمات السياحية في عام 2021 «لتقوم حصرًا بنقل المسافرين من وإلى قطاع غزة».

حينها، وصفت مصادر مصرية تحدثت لصحيفة العربي الجديد عام 2021، حركة المرور عبر الحدود التي تديرها شركة هلا، بأنها تأتي في إطار استجابة القاهرة لـ «مطلب كبير للفصائل الفلسطينية بشأن تسهيل السفر عبر معبر رفح لتخفيف معاناة الفلسطينيين».

ونفت مصر التربح من معبر رفح ومسؤوليتها عن طوابير الشاحنات الطويلة التي تحمل مساعدات إنسانية على الجانب المصري من الحدود.

وخلال دفاعه ضد اتهامات بارتكاب إبادة جماعية في غزة، في قضية رفعتها جنوب إفريقيا محكمة العدل الدولية في وقت سابق من هذا الشهر، اتهم فريق الدفاع الإسرائيلي القاهرة بالمسؤولية عن منع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

وفي حديثه في احتفالية عيد الشرطة، اتهم السيسي إسرائيل باحتجاز الشاحنات على جانب غزة من حدود رفح.

وقال: «إذا كنت أنا السبب في عدم إدخال رغيف الخبز إلى غزة، هاروح من ربنا فين ؟»

وطلب الموقع من الهيئة العامة للاستعلامات في مصر التعليق على ادعاء المؤسسة الخيرية بأنها اضطرت إلى دفع 5000 دولار لكل شاحنة لعملاء مرتبطين بجهاز المخابرات العامة، لكنهم لم يردوا بحلول وقت النشر.

كما طلب الموقع من مجموعة العرجاني وأبناء سيناء التعليق.

الموضوع التالي ذا ناشيونال: زيارة حماس لمصر قد تحدد مصير الاتفاق الأخير لوقف الحرب في غزة
الموضوع السابقبلومبرج: أردوغان يزور مصر لإعادة بناء العلاقات بعد توتر دام عقدًا